تحدثت quot;إيلافquot; مع الخبيرين الاقتصاديين الدكتورين إيلي يشوعي ولويس حبيقة عن توقعات وزيرة المال اللبنانية ريا الحسن بانخفاض الدين العام مع موازنة 2011، وسألتهما عن تقويمهما لتلك الموازنة، وما هي الإصلاحات الضرورية كي تكون التوقعات بحجم الحقيقة.

بيروت: للمرة الأولى منذ أكثر من 6 سنوات، تقدم وزارة المالية اللبنانية مشروع موازنة العام 2011 إلى مجلس الوزراء من دون تأخير يذكر (نحو أسبوع عن الموعد النظامي المحدد في بداية أيلول/سبتمبر)، حتى لو أن مناقشة هذه الموازنة وإقرارها من قبل الحكومة، ومن ثم المجلس النيابي، قد تستغرق أشهرًا طويلة.

واعتمدت الموازنة على توقعات للنمو الاقتصادي بنسبة 5 % خلال العام 2011، مع توقعات للتضخم بنسبة 2.2 %، وهو أمر رهن بالتطورات السياسية والأمنية، إضافة إلى الظروف الاقتصادية العامة. يقول الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة إن تفنيد موازنة 2011 من قبل وزيرة المال ريا الحسن، والقول إن خدمة الدين العام ستنخفض، فإن هناك فرقًا كبيرًا بين مشروع الموازنة وبين ما سيحصل خلال العام، لأن الموازنة تبقى تقديرات، ونحن اعتدنا في لبنان أن التقديرات تكون على خطأ، وهي أمور تبقى ضمن التمنيات، والوزيرة قامت بواجباتها الرسمية، وعلى أساسه اعتبرت أن الدين سينخفض. ولكن برأيه يجب الانتظار، لأن الأمور لا تزال ضبابية ومتقلبة في المنطقة، وقد تنعكس سلبًا على الموازنة، والعبرة في التنفيذ.

يوافقه الرأي الدكتور إيلي يشوعي (اقتصادي وعميد جامعي) ويوضح أنه في ضوء التجارب السابقة ليس كل ما كان يتم توقعه يتم تحقيقه، دائمًا كانت هناك فروقات كثيرة بين المتوقع والمحقق، لأن الموازنة بالنتيجة هي أرقام توقعية، وليست أرقامًا حقيقية، والفرق بين ما هو متوقع ومحقق يعود إلى عدم الانضباط المالي وهدر المال العام، وإلى إدارة رديئة للمورد المالي المتاح أمام الدولة.

مشيراً إلى أن الكلام اليوم عن انخفاض خدمة الدين هذا كلام لا يمكن إعطاؤه الصدقية الكاملة، لأنها تبقى أرقامًا توقعية، لكن الموازنات العامة في لبنان منذ سنوات طويلة فيها خلل في تركيبتها، ففي الـ2011 الإنفاق الجاري على الأجور والقطاع العام تمثل تقريبًا نصف الإنفاق، لأنها تقريبًا 20 ألف مليار ليرة، فهذا تضخيم للأمر، خصوصًا إذا ما قارناها بباقي الوزارات، والكلفة عالية والخدمة رديئة، ولم تنجح الحكومات المتعاقبة منذ سنوات طويلة في صنع الإصلاح الإداري المنشود، لأننا أنفقنا مئات الملايين من الدولارات على دراسات حول الإصلاح الإداري، وعمليًا لم نشهد أي تحسن ملموس على صعيد الإدارات. المهم السياسة التي وراء الدين العام، فإذا ما زالت هي هي ولم تتغير، فإن الدين العام لن يتغير.

ولدى سؤاله عن أن الوزيرة تحدثت أيضًا عن الثقة بالقطاع المصرفي اللبناني الذي لعب دورًا في انخفاض الدين العام، يجيب حبيقة quot;يجب التفريق بين النظام المصرفي اللبناني الذي سيستمر بجودته لأن المؤسسات قوية ومحترمة، ولكنه لم يؤثر في خفض الدين العام، وانخفاض الدين العام لا يزال ضمن تقديرات مستقبلية، وبناء قصور في الهواء أكثر مما هي حقيقة.

ويتابع إن quot;المصارف اللبنانية اعتمدت على أموال اللبنانيين الموجودين خارج لبنان، لذلك حولوا أموالهم إلى لبنان بقدر 7 مليارات دولار، وهذا ما عزز ثقة المصارف اللبنانية. وإدارات المصارف في لبنان محافظة ونظيفة، وهذا أيضًا ما عزز القطاع المصرفي في لبنان.

وعن إعلان مشروع موازنة 2011 قبل التصديق على موازنة 2010، يرى حبيقة أنه quot;يمكن الإعلان عن موازنة 2011، لكنها تبقى إعلانًا، ولا يمكن تطبيقها قبل التصديق على موازنة 2010. ولدى سؤاله بأن إحدى الصحف عنونت أن موازنة 2011 هي إهانة لمجلس النواب وخرق للدستور، باعتبار أنها تعفي الحكومة من إنجاز قطع لحسابات من 2006 إلى 2009، يؤكد حبيقة أن موازنة 2011 quot;لا تستطيع أن تعفي من الإنجازات السابقة، فاليوم وزارة المالية والحكومة مجبرتان على تحقيق الموازنات السابقة، يجب القيام بقطع حسابات والموافقة عليهquot;.

في هذا الصدد يشير يشوعي إلى أن quot;قطع حساب يعني ضرورة أن نرى ما تحقق في السنوات السابقةquot;، مشدداً على أن المتوقع شيء، وما يحصل فعليًا شيء آخر، ففي السنوات الماضية وقعوا ويجب معرفة ما تم تحقيقه، ومع فروقات يجب معرفة السبب، ومن الـ2006 حتى 2009، كانت الموازنات تتم على قاعدة الاثني عشرية، وصار هناك خرق في القاعدة، ويجب معرفة السبب لأنه تخطى الحدود.

وعن الضرائب على القيمة المضافة في الموازنة الجديدة، يطالب حبيقة بموارد ضرائبية جديدة، ملاحظاً أن الاتكال هو على القيمة المضافة، لكن يجب تحصيل الضرائب على الدخل وعلى أرباح الشركات، وبرأيه كان على وزيرة المال أن تعمل على ترشيد الإنفاق أكثر.

المواطنة رولا عمار عبّرت عن رأيها في الموضوع، مطالبة بإقرار موازنة 2010، لافتة إلى أن quot;هناك أموراً ينتظرها الناس من هذه الموازنة من خلال إعفاءات ضريبية ستحصل، وكذلك اعتمادات كل الوزارات. وترى أن موازنة 2011 هي هروب نحو الأمام، ويجب في البدء إقرار الموازنة السابقة. وتضيف أن عليها ضريبة سابقة تريد دفعها في الـ2010، وقالوا لها أن تنتظر إقرار موازنة 2010، لأنها ستحصل على إعفاءات، لكنها اضطرت أن تدفع كل الضرائب، لأنه لم تقر موازنة 2010 بعد. وبرأيها فإن أي موازنة جديدة يجب أن تزيد الضرائب على التدخين والكحول، وأن تكون الضرائب تصاعدية، فلماذا الطبيب الذي يقبض الملايين ولا يصرح عن أمواله.. يدفع ضريبة أقل من الموظف الذي يكاد معاشه لا يكفيه.