أكد عبد الرحمن بن حمد العطية الأمين العام لـquot; مجلس التعاونquot;، إلى أن حجم التبادل التجاري بين دول الخليج ارتفع خلال السنة الأولى للاتحاد الجمركي إلى أكثر من 27 مليار دولار.


الشارقة: تعتزم غرفة تجارة وصناعة الشارقة تنظيم quot;ملتقى الشارقة الأول للأعمال 2011quot; يومي 27-28 فبراير/شباط، برعاية الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي، ولي العهد ونائب حاكم الشارقة، تحت شعار quot;التكاملية بين السوق الخليجية وقطاع الأعمالquot;.

حيث يعقد هذا الملتقى في ظلّ الأهمية الكبيرة لتفعيل حركة الاستثمار الخليجي، وتنشيط السوق الخليجية المشتركة، ما يساهم في دفع عجلة الاقتصاد وتوسيع آفاق التعاون والتشارك بين رجال الأعمال والمستثمرين من مختلف دول الخليج العربي.

تتضمّن فعاليات الملتقى مجموعة من الجلسات الحوارية، التي تتناول بالنقاش آليات تنشيط الحركة الاقتصادية في دول مجلس التعاون الخليجي، وزيادة حجم التجارة البينية لهذه الدول، لما لها من أثر في تدعيم الاقتصاد الخليجي والتعاون في مختلف المجالات التي من شأنها إحياء العلاقات التجارية والاستثمارية وتنشيطها في المنطقة ككل.

إذ تركّز اثنتان من الجلسات على السوق الخليجية المشتركة، والاستثمار الخليجي في دول مجلس التعاون، كما تتناول جلسة ثالثة الاستثمارات التي تديرها سيدات أعمال خليجيات، الأمر الذي يدلّ على أهمية استثمار أموال الخليج في الخليج، وتفعيل التبادل والتعاون التجاري والاقتصادي بين دول مجلس التعاون، إذ من المعلوم أنّ حجم التجارة البينية الخليجية يتنامى يوماً بعد يوم.

وتشير أحدث التصريحات في هذا الصدد، على لسان عبد الرحمن بن حمد العطية الأمين العام لـquot; مجلس التعاون لدول الخليج العربيةquot;، إلى أن حجم التبادل التجاري بين دول المجلس ارتفع خلال السنة الأولى للاتحاد الجمركي إلى أكثر من 27 مليار دولار، أي بزيادة بلغت أكثر من 20 % سنوياً، مقارنة بمعدل سنوي بلغ 6 % فقط خلال السنوات العشر التي سبقت قيام الاتحاد الجمركي.

في هذا الصدد ارتفع حجم التبادل التجاري بين قطر والمملكة العربية السعودية، على سبيل المثال، من 953 مليون ريال في العام 1999، إلى 6209 ملايين ريال في عام 2008. وذلك حسب تصريحات عبد الله بن أحمد زينل وزير التجارة السعودي.

وعلى الرغم من ذلك، فإن مستوى التجارة البينية بين دول مجلس التعاون الخليجي مازال متواضعاً، نتيجة لضعف التركيبة السلعية الخليجية التي تتسم بتشابه السلع المنتجة في دول المجلس، ووجود معوقات عديدة أخرى وقفت ومازالت في طريق انسياب هذه التجارة بالشكل المطلوب.

صعود وهبوط
تمثل العلاقات الاقتصادية بين دول مجلس التعاون واحدة من السمات والمبادئ الأساسية التي استهدفها قيام المجلس، لذلك فإن سعي دول الخليج لتحقيق التكامل في ما بينها في هذا الإطار لا يتوقف. ولكن الأمر مع ذلك يحتاج مراجعة من آن إلى آخر، لمعرفة الصورة على حقيقتها.

وتُظهر بيانات التبادل التجاري لدول المجلس منذ عام 1986 أنه كان حتى وقت قريب ينمو بمعدل منخفض، حيث مثلت الصادرات من 5 % إلى 7 %، بينما مثلت الواردات من 7 % إلى 9 % من مجموع صادرات وواردات دول المجلس، في الفترة ما بين (1986م - 1993م).

وتشير الأرقام إلى أن سلطنة عُمان تعدّ العضو الأكثر استيراداً لمنتجات باقي أعضاء دول مجلس التعاون الخليجي، فقد بلغت قيمة وارداتها من باقي دول المجلس 1745.2 مليون دولار أميركي، أو ما نسبته 37.7 % من مجمل وارداتها خلال عام. أما المملكة العربية السعودية، فتعد من أقل الدول استيراداً لمنتجات باقي دول مجلس التعاون، حيث لم تتجاوز وارداتها من باقي دول المجلس 753.6 مليون دولار، أو ما قيمته 2.7 % من مجمل الواردات.

أما نسبة ما استوردته كل من قطر، والكويت، والبحرين، من أسواق باقي دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية فقد بلغت 13.0 %، 9.7 %، 8.3 % من مجمل واردات كل منها على الترتيب.

ومن الملاحظ أن معدلات النمو في هذا المجال لم تنتظم على وتيرة واحدة، بل كان هناك فترات صعود وهبوط في معدلات التجارة البينية الخليجية، ففي الفترة ما بين عامي 1981م و1988م، وهي الفترة التي تراجعت فيها الإيرادات النفطية والتجارة الخارجية الإجمالية، نرى أن التجارة البينية انخفضت من 10233 مليون دولار عام 1981م إلى 8643 مليوناً عام 1988م، أي أن النمو كان نمواً سنوياً سالباً قدره 2.4 %.

وفي الفترة الثانية عندما تحسنت أسعار النفط وحققت التجارة الخارجية الإجمالية نمواً موجباً، ازدادت التجارة البينية من 8643 مليون دولار عام 1988 إلى 9910 مليون دولار عام 1995، أي بمعدل نمو سنوي يعادل 1.9 %، وهو معدل منخفض مقارنة بمعدل نمو التجارة الخارجية الإجمالية خلال الفترة نفسها، والذي كان يعادل 8.8 % في السنة.

وسبب هذا النمو المتواضع، في تقدير الباحث خالد منزلاوي (من كلية الاقتصاد والإدارة جامعة الملك عبد العزيز) هو تحرير حركة السلع والخدمات بين دول المنطقة، نتيجة توقيع الاتفاقية الاقتصادية الخليجية الموحدة. وذلك بالإضافة إلى حصول بعض التنوع في الهياكل الاقتصادية لدول المجلس.

إلى ذلك، تفاوتت نسبة التجارة البينية لهذه الدول إلى إجمالي تجارتها الخارجية، بين أعلى قيمة لها عام 1988م بما يعادل 8.8 %، وأقل قيمة لها عام 1981م بما يعادل 4.5 %، وهذه نسب تعدّ منخفضة. أما نسبة التجارة البينية إلى الناتج المحلي فقد تفاوتت بين أعلى قيمة لها عام 1995 بما يعادل 6.4 % وأقل قيمة لها عام 1981م وتعادل 4.4 %.

قفزات ومعوقات
أخذ مستوى التجارة البينية لدول مجلس التعاون في التحسن، مُحققاً قفزات نوعية وكمية، وخاصة خلال الفترة التي أعقبت قيام الاتحاد الجمركي، فقد ارتفع حجم تجارة الواردات البينية لدول المجلس بين عامي 2003 - 2004م بما نسبته 52 %، مقارنة بما نسبته 26 % من حجم واردات دول المجلس من بقية دول العالم.

وعند مقارنة اتجاه هذه التجارة خلال السنوات السابقة بالنسبة لدول المجلس، نلاحظ نمو تجارة الواردات البينية لهذه الدول، بمعدلات تراوحت بين 7 - 17 % خلال الفترة 2000 - 2003م، وهو ما يشير إلى مستوى تطور التجارة البينية لدول المجلس مقارنة بمستواها مع بقية دول العالم، حيث نلاحظ استقرار مستوى التجارة البينية لدول المجلس عند معدل 8 % تقريباً من إجمالي حجم التجارة الخارجية لهذه الدول، ما يشير إلى الاعتماد الكبير لدول المجلس في تجارتها مع العالم الخارجي والتي تشكل 92 % حسب هذا الجدول.

وقد يعود انخفاض مستوى التجارة البينية لدول المجلس عند مقارنتها بالتجارة مع بقية العالم، إلى وجود بعض المعوقات التي أدت إلى تأجيل بدء تطبيق اتفاقية الاتحاد الجمركي حتى نهاية 2007م، بدلاً من نهاية عام 2005م.

وتتمثل أبرز هذه المعوقات في غياب السياسة التجارية الموحدة، بسبب عدم توحيد هذه الدول لسياساتها التجارية مع العالم الخارجي، الأمر الذي يضع الواردات من منتجات الدول الخليجية في وضع تنافسي غير متكافئ مع مثيلاتها الأجنبية في السوق المحلية الخليجية.

كما تعاني التجارة البينية الخليجية من معوقات أخرى قد تكون في معظمها نتاجاً مباشراً أو غير مباشر للمعوقات سالفة الذكر، فباعتمادها على عناصر ومدخلات الإنتاج الأجنبية تصبح تكاليف الإنتاج في دول المجلس أعلى من مثيلاتها خارج هذه الدول.

وبطبيعة الحال فإن ارتفاع تكاليف الإنتاج يضعف الوضع التنافسي للمنتجات الخليجية أمام مثيلاتها غير الخليجية، ويقود الجهات المعنية في دول المجلس إلى التدخل وحماية المنتجات، الأمر الذي يعوق حركة التجارة ويعوق مسيرة التكامل الاقتصادي.
ومن المعوقات الأخرى تلك المرتبطة بعدم توفير البيانات والإحصاءات التجارية الدقيقة في الوقت المناسب، لاتخاذ قرارات الإنتاج والتسويق، وتلك المتعلقة بالنقل. ومن شأن مثل هذه المعوقات أن تزيد من تكاليف البضائع والمنتجات العابرة، وبالتالي تضعف من وضعها التنافسي أمام مثيلاتها غير الخليجية.

وحول أهمية التجارة البينية الخليجية، قال سعادة حسين المحمودي مدير عام غرفة تجارة وصناعة الشارقة: quot;تشكل التجارة البينية لدول مجلس التعاون الخليجي إحدى نقاط التلاقي المهمة بينها، وهي صورة أخرى من صور التعاون والتشارك التي تجمع بين هذه الدول، وليس خافياً على أحد ما توفّره واردات دول الخليج من شقيقاتها في مجلس التعاون، من تكلفة ووقت وجهود، حيث إنّ هذا النوع من التبادل التجاري، بقدر ما يخضع للقوانين الاقتصادية والجمركية، فإنّه يتأثّر كذلك بالعوامل الاجتماعية والأهداف الاقتصادية والسياسية التي تجمع دول الخليج العربيquot;.

وأضاف quot;إنّ ملتقى الشارقة الأول للأعمال، سيشكّل فرصة ممتازة للنقاش والتحاور حول كلّ هذه النقاط، ونحن نأمل أن نصل من خلاله إلى الأفكار والصيغ التي من شأنها تنشيط حركة التجارة البينية لدول مجلس التعاون، وزيادة حجم الاستثمارات الخليجية فيهاquot;.

من جهته، قال السيد محمد أمين نائب المدير العام للشؤون الاقتصادية في غرفة تجارة وصناعة الشارقة quot;إنّ حركة التبادل التجاري وحجم الاستثمارات الاقتصادية بين دول مجلس التعاون الخليجي، تتعثّر أحياناً ببعض المعوقات، لكنّها تظلّ نموذجاً جيّداً لمنظومة اقتصادية متكاملة ومتعاونة، حيث تصبّ جهود التنمية الاقتصادية في مختلف دول المنطقة، في إطار التنمية الشاملة، وتفعيل حركة السوق الخليجية المشتركة، وبرأيي إنّ هذه السوق قادرة على الوصول إلى مستويات المنافسة العالمية، وهي لا تقلّ في أهميتها عن السوق الأوروبية المشتركةquot;.