حجاج إماراتيون في إحدى قاعات المغادرة

قال مواطنون إماراتيون ووافدون في دولة الإمارات إن أسعار الحج هذا العام فاقت توقعاتهم بكثير مقارنة بأسعار الدول الأخرى، التي تنخفض بشكل لافت عمّا تعلنه مكاتب الحج والعمرة في الإمارات، مبينين أن الأمر الملاحظ هذا العام هو أن هناك نقصًا شديدًا في أعداد التأشيرات.


دبي: قال مواطنون ووافدون في دولة الإمارات إن أعداد الأشخاص المسموح لهم بالحج هذا العام في كل حملة لا يزيد عن اثنين من الوافدين، وعن 11 شخصًا من المواطنين، وهو الأمر الذي أدى إلى التهاب أسعار حملات الحج، واشتعالها إلى درجة غير متوقعة أو مسبوقة. وأضافوا أنهم لم يتمكنوا من الحصول على تأشيرات للحج هذا العام، رغم ارتفاع أسعار الحملات.

وأكد هؤلاء الراغبون في الحجّ لـquot;إيلافquot; أنه لا يوجد هناك أي ضوابط من قبل أي هيئة في الإمارات على أسعار تلك الحملات، التي تنظمها مكاتب الحج والعمرة في الدولة، مطالبين بضرورة تدخل الجهات المختصة لتحديد أسعار حملات الحج، بحيث لا يترك الأمر لهوى المكاتب، التي تسعى دائمًا إلى الربح، وأن يتم أيضًا وضع لوائح يمكن من خلالها إتاحة الفرصة لكثير من (متوسطي الدخل) الراغبين في الحج للمرة الأولىللذهاب إلى الأراضي المقدسة وإعطاء الأولوية لهم بأسعار مناسبة، وتحجيم هؤلاء الذين يملكون المال الوفير ويذهبون إلى الحج سنويًا مهما بلغت أسعار الحملات.

في المقابل أشار بعض مكاتب الحج والعمرة في الدولة لـquot;إيلافquot; إلى أن المشكلة في ارتفاع أسعار حملات الحج هذا العام تعود إلى تقليص الأعداد المسموح بها للحج من خلال تلك المكاتب، سواء كانوا مواطنين أو وافدين، موضحين أن عدد التأشيرات المسموح للوافدين قد انخفض كثيرًا عن العام الماضي في معظم مكاتب الحج من 400 شخص إلى شخصين فقط في كل مكتب، كما إن الأعداد المخصصة للمواطنين قد انخفضت أيضًا إلى 11 فردا فقط.

وأكدوا أن حملات الحج التي تتوافر حاليًا هي حملات الحج السريع، وتتراوح أسعارها بين 18 ألف و25 ألف درهم، ولكنها تكون مقتصرة على المواطنين الإماراتيين فقط. أما حملات الحج العادية، التي تصل إلى خمسة عشر يومًا، فتتراوح أسعارها بين 25 ألف و150 ألف درهم للمواطنين والوافدين، على حسب درجة ونوعية الخدمات المقدمة التي يرغب فيها كل حاج.

خدمات عادية... وأسعار مبالغ فيها

وتفصيلاً ذكر محمود عبد الله (أحد الراغبين في أداء فريضة الحج) أن أسعار حملات الحج في كل مكاتب الحج والعمرة تجاوزت حاجز الخمسين ألف درهم مقابل الحصول على خدمات متوسطة أثناء أداء فريضة الحج، موضحًا أنه إذا رغب في الحصول على خدمات جيدة، مثل الإقامة في فندق أربع نجوم قريب من الأماكن المقدسة والذهاب من خلال النقل الجوي فعليه دفع 70 ألف درهم.

وأضاف عبدالله أنه فوجئ هذا العام بارتفاع أسعار الحج بشكل مبالغ فيه مقارنة بأسعار العام الماضي، وبأسعار الدول المجاورة، وذلك من دون وجود أسباب منطقية لذلك أو من دون قيام تلك المكاتب بتقديم خدمات إضافية عن تلك التي تقدمها مكاتب الحج في الدول المجاورة للإمارات، والتي تنخفض بها الأسعار بشكل ملحوظ، مستغربًا عدم تدخل هيئة الشؤون الإسلامية والأوقاف في الدولة للحدّ من المغالاة في أسعار حملات الحج واستغلال أصحاب تلك الحملات للناس.

وأوضح عبدالمنعم سعيد (أحد الراغبين في أداء فريضة الحج) أن أصحاب حملات الحج يقومون برفع الأسعار حسب هواهم، من دون أي معايير موضوعية. لافتًا إلى أن أصحاب حملات الحج يستغلون نقص الأعداد المخصصة للوافدين، ويقومون برفع الأسعار بشكل غير مقبول.

ولفت سعيد إلى أن تناقص أعداد الحج هذا العام، سواء للوافدين أو المواطنين، سمح لهذه المكاتب بزيادة الأسعار كما تشاء من دون وجود رقابة عليها. مضيفًا أن حملات الحج البري أصبحت شبه معدومة من خلال تلك المكاتب، ما يؤدي الى ارتفاع تكاليف الحج عبر الطيران نتيجة الإقبال عليه.

وأكد طارق عبد الرحمن (أحد الراغبين في أداء فريضة الحج) أنه لم يتمكن من الذهاب إلى الحج هذا العام، حيث إنه لم يجد حملة ذات سعر جيد ومتناسب مع إمكانياته وقدراته المادية المتوسطة، لافتًا إلى أن كل حملات الحج، التي كانت ذات أسعار متوسطة إلى حد ما، قد نفدت تمامًا وبشكل سريع جدًا، ولم يعد بإمكانه الآن سوى quot;حج الخمس نجومquot;، الذي يصل إلى 100 ألف درهم، وأنه لن يقدر على سداد ذلك المبلغ الكبير الذي يفوق قدراته وإمكاناته المادية.

وأضاف عبدالرحمن أن أسعار مكاتب الحج والعمرة المبالغ فيها تشير إلى أن الأغنياء فقط يمكنهم الذهاب إلى أداء فريضة الحج، متسائلاً عن الأسباب التي أدت إلى تناقص الأعداد المخصصة للمواطنين والوافدين في الدولة في حج هذا العام.

quot;حجاج المرة الأولىquot;

من جهتها، أشارت مريم عبيد (إحدى الراغبات في أداء فريضة الحج) إلى أن أسعار حملات الحج بدأت تزداد عامًا تلو الآخر، وأن أصحاب حملات الحج يتمادون في زيادة أسعار حملاتهم، وفق ما يريدون من دون وجود أي محاسبة لهم من قبل الجهات المختصة، وأن حملات الحج أصبحت حملات ربحية وتجارية في الأساس من دون أي ضوابط أو معايير تحكمها. مضيفة أن quot;من يمتلك المال فقط يمكنه أن يذهب للحج، ومن لا يمتلكه لا يمكنه الاقتراب من أسعار حملات الحج، التي تزداد أسعارها سنويًا، وفي المقابل تسوء خدماتها بشكل دائمquot;.

ولفتت عبيد إلى ضرورة أن يتم وضع بعض الضوابط والمعايير التي يمكن من خلالها تخفيض أسعار حملات الحج وإتاحة فرصة لـquot;حجاج المرة الأولىquot; بحيث تكون أسعارها في متناول الجميع ومنها أن يتم على سبيل المثال عدم السماح للشخص الذي قام بأداء فريضة الحج العام الماضي من أداء الفريضة لمدة أربع أو خمس سنوات مقبلة من خلال حملات الحج داخل الدولة، وأن يتم وضع حد أقصى لأسعار حملات الحج وفق الخدمات التي تقدمها كل حملة.

خفض تأشيرات الوافدين وتقليص أعداد المواطنين

في المقابل ذكر محمد نصر الدين، موظف في حملة التنوير للحج لـquot;إيلافquot;، أن سعر الحملة يتراوح بين 25 ألف و150 ألف درهم للمواطنين، وأن سعر الحملة يبدأ من 30 ألف درهم بالنسبة إلى الوافدين، وذلك حسب الخدمات المقدمة، والتي يرغب فيها الحاج.

مضيفًا أنه إذا رغب الحاج في الإقامة في فندق 5 نجوم، والذهاب عن طريق الطيران يمكن أن تتكلف رحلته 65 ألف درهم في المتوسط. وأوضح أن الحج السريع ما زال متاحًا للمواطنين، ويتكلف 25 ألف درهم شامل الطيران والإقامة.

وأشار نصر الدين إلى أن العدد المخصص للوافدين هذا العام انخفض بشكل كبير جدًا مقارنة بالعام الماضي، حيث ذكر أن عدد الوافدين وصل في حملتهم خلال العام الماضي إلى 400 شخص، وأن العدد انخفض هذه السنة بشكل ملحوظ جدًا، حيث تم تحديده بشخصين فقط، كما تم تحديد عدد الحجاج المواطنين بـ11 حاجا فقط، وأصبح لكل مكتب حج تأشيرات معينة للوافدين، لا يمكنه تجاوزها. ولفت إلى أن ندرة التأشيرات هي التي أدت إلى ارتفاع أسعار حملات الحج بشكل ملحوظ هذا العام.

وعن أسعار حملات العمرة، أشار نصر الدين إلى أنها تتراوح بين 850 و1500 درهم للرحلات البرية، وبين 2500 و3 آلاف درهم للرحلات الجوية.

وأكد نصر الدين أن تلك الأسعار التي تتراوح بين 25 ألف و150 ألف درهم غير مبالغ فيها، وأنها تختلف حسب رغبة كل حاج، لأن أسعار كل السلع والخدمات التي تتطلبها حملات الحج من تذاكر طيران ومأكولات ومشروبات وإقامة في الفنادق وحافلات لتنقل الحجاج، قد ازدادت بشكل كبير، وأنه ليس من المعقول أن ترتفع أسعار كل ذلك، ولا ترتفع أسعار حملات الحج. موضحًا أنه كلما ازدادت أسعار تلك الخدمات كلما ازدادت أسعار الحملة، والعكس صحيح.

الحج السريع للمواطنين فقط

وذكر عرفة عبده موظف في أحد مكاتب الحج في الدولة لـquot;إيلافquot; أن سعر الحج الشامل من دون رحلة للمدينة يقدر بـ25 ألف درهم بالنسبة إلى المواطن، ويزيد بمقدار عشر آلاف درهم بالنسبة إلى الوافد، متضمنًا تذاكر الطيران والسكن في مكة المكرمة بالقرب من الحرم.

موضحًا أن سعر الحملة قد يصل إلى 100 ألف درهم للراغبين في ذلك، وهو حج الخمس نجوم، بحيث تكون الإقامة مقابل الحرم في فنادق خمس نجوم، ويحصل خلالها الحاج على خدمات عالية ومتميزة جدًا. وأضاف أن الحج السريع تصل تكلفته إلى 18 ألفا و500 درهم، وهو مقتصر على المواطنين فقط، ويكون هذا الحج لمدة أسبوع واحد.

وأشار عبده إلى أن أسعار حملات العمرة تتراوح بين 2000 و2500 درهم شاملة حجوزات الطيران والفنادق، وذلك للحج عن طريق البر، بينماتتراوح حملة العمرة عن طريق الجو بين 3000 و3500 درهم.

وذكر مكتب الهلال للحج لـquot;إيلافquot; أن رحلات الحج للوافدين تبدأ من 33 ألف درهم شاملة الطيران والإقامة والمواصلات والمأكولات في فندق أربع نجوم.

وأضاف أن هناك أنواعًا أخرى من حملات الحج تتراوح بين 37 ألفا و47 ألف درهم، وأن الحج البري يبدأ من 28 ألف درهم، شاملاً الإقامة في بنايات، بحيث يقيم في كل غرفة أربعة أفراد.ولكنه أشار إلى أن هذه الحملات غير متوافرة بسبب نفاد الأعداد المخصصة لها منذ الإعلان عن فتح باب التسجيل له، وذلك بسبب تخصيص عدد لا يزيد عن شخصين فقط للمكتب من الوافدين.

وأكد أن ما يوجد الآن هو الحج السريع للمواطنين، الذي يصل سعره إلى 22 ألف درهم، إضافة إلى حج الإلتحاق، الذي يتكلف 12 ألف درهم، وحج المخيمات الذي يصل سعره إلى 7500 درهم. مبينًا أنه إذا رغب الحاج في الحصول على غرفة خمس نجوم للإقامة بمفرده مع الحصول على خدمات متميزة جدًا فتصل تكلفة ذلك إلى 100 ألف درهم تقريبًا.

أما شركة الفجر للحج والعمرة فأوضحت لـquot;إيلافquot; أن حملات الحج المتاحة حاليًا هي حملة الحج السريع للمواطنين الاماراتيين، وتبدأ تكلفتها بـ18500 درهم، وأنه لا يوجد أي حملة متاحة للوافدين بسبب تقليص الأعداد المسموح بها هذا العام.

وذكرت شركة الراية للحج والعمرة أن أسعار حملاتها تبدأ من 26 ألف درهم، شاملة الذهاب عبر طيران الإمارات والإقامة في فنادق خمس نجوم، والتجول في حافلات حديثة مكيفة، والإقامة في أبراج منى الفندقية، مضيفة أن الحملة ترافقها مجموعة من الدعاة ومندوبين مواطنين، فضلاً عن توفير بوفيه مفتوح للوجبات.

غياب الحملات البرية

عن عدم وجود حملات برية في معظم المكاتب، أكد أحمد خيري الموظف في أحد مكاتب الحج والعمرة لـquot;إيلافquot; أن الحملات البرية تحتاج إلى وجود عدد كبير من الحجاج وهو ما يعد أمرًا صعبًا، في ظل تقليص عدد الحجاج في كل حملة بشكل كبير، خاصة من الوافدين، ما يدفع إلى تنظيم رحلات الطيران، وبالتالي زيادة أسعار الحملة.

وطالب خيري بزيادة الأعداد المخصصة كل حملة حتى تنخفض الأسعار، مؤكدًا أن تقليص العدد ليس في مصلحة مكاتب الحج، وبالتالي ليس في مصلحة الحجاج.

وقال إن زيادة الطلب من الراغبين في الحج على المكاتب مع نقص العرض أدى إلى زيادة الأسعار، كما إن ارتفاع أسعار كل الخدمات في الأراضي المقدسة يؤدي بالتالي إلى ارتفاع أسعار الحملات.

مبينًا أن مكتب الحج حتى يقدم خدمات جيدة للحجاج لابد أن يقوم بحجز فنادق قريبة من الحرم، وأن يوفر مستوى جيدًا من المواصلات والمأكولات والمشروبات للحجاج، وأن كل ذلك يحتاج إلى مصروفات، الأمر الذي يتطلب رفع سعر الحملة بما يتناسب مع تقديم خدمات متميزة.

ولفت خيري إلى أن الفارق في السعر بين 25 ألفا و150 ألف درهم يعود إلى الاختلاف في مستوى الإقامة.. هل هو في فندق خمس أو أربع أو ثلاث نجوم أم في بناية، كما يتوقف على عدد الأفراد في كل غرفة، ومدى قرب مكان الإقامة من الحرم وبقية مناسك الحج ودرجة السفر على الطائرة.. هل هي درجة اقتصادية أم درجة رجال الأعمال أم الدرجة الأولى، ومستوى المواصلات المطلوب وغيرها من الخدمات التى يطلبها الحجاج.

العرض والطلب

في سياق متصل، ذكر مصدر مسؤول في هيئة الشؤون الإسلامية والأوقاف لـquot;إيلافquot; أن عمليات تسعير رحلات الحج متروكة لمكاتب الحج في الدولة، وأنها تخضع للعرض والطلب، مضيفًا أن هيئة الشؤون الإسلامية والأوقاف لا تتدخل في تحديد أسعار الحج، ولفت إلى أن الهيئة تتولى الإشراف على تنظيم عملية الحج، وتقوم بالتحقيق في شكاوى الحجاج التي تقدم إلى إدارة الحج.