بينما تمر السلطة الفلسطينية بأزمة مالية كبيرة بسبب عدم تحويل إسرائيل المستحقات المالية للسلطة الفلسطينية المترتبة عن عائدات الضرائب التي تجبيها إسرائيل نيابة عن السلطة، يسعى الفلسطينيون إلى مواجهة التحديات، من خلال تعزيز مكانة المنتجات والصناعات الوطنية إسهامًا في دعم الاقتصاد الوطني، وتقليل الاعتماد على المساعدات الخارجية، وفي الوقت نفسه تظهر أنباء وجود استثمارات لرجال أعمال فلسطينيين في المستوطنات الإسرائيلية.


رام الله: دعت السكرتارية الدائمة للراصد الاقتصادي إلى دعم واسع لحملة تشجيع المنتجات الفلسطينية في السوق الفلسطينية بالسرعة الممكنة ومنحها الرعاية الكافية حكوميًا، وعدم التباطؤ بخصوصها. وقال صلاح هنية، المنسق العام للراصد الاقتصادي، في اتصال هاتفي مع quot;إيلافquot;: quot;إن القطاع الخاص الفلسطيني بكل مكوناته مطالب بالتعامل بشفافية كاملة مع البعد الوطني للاقتصاد الفلسطيني وعدم التهاون، والعمل على تشجيع المنتجات الفلسطينية ومنحها الأفضلية في السوق الفلسطينيةquot;.

وأضاف هنية: quot;ردا على ما نشر في صحف ووسائل إعلام إسرائيلية عن حجم استثمارات الفلسطينييين في المستوطنات، إنه وبغض النظر عن حجم هذه الاستثمارات في المستوطنات والاقتصاد الإسرائيلي، إلا أنها تدق ناقوس خطر يتطلب تضافر الجهود معها من الحكومة ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص الفلسطينيquot;. وشدد على ضرورة مراجعة وتقييم السياسات الاقتصادية ومدى فاعليتها والعوامل التي قادت إلى مثل هذه الظاهرة وتزايدها في فترة زمنية قصيرة.

ودعا منسق عام الراصد الاقتصادي، إلى ضرورة تشكيل لجنة تحقيق مختصة محايدة لتبيان الحقيقة للرأي العام، مبينًا في الوقت عينه ضرورة دعم الاقتصاد الفلسطيني وتعزيز دور المنتجات الفلسطينية بالاستثمار فيها، وتعزيز مكانتها، لأن ذلك سينعكس على تحسين الجودة وتوفير مئات فرص العمل. وشهدت مدينة جنين أخيرًا، تظاهرة اقتصادية، تمثلت في افتتاح معرض الصناعات الوطنية الثالث برعاية الرئيس محمود عباس، والذي نظمته محافظة جنين والغرفة التجارية الصناعية ووزارة الاقتصاد الوطني، بدعم من البنك الإسلامي للتنمية.

وتميز المعرض بمشاركة صناعات وطنية فلسطينية من كل الأراضي الفلسطينية ومن داخل الخط الأخضر، نتج منها خلق شراكات وإنشاء علاقات تشبيك بين رجال الأعمال والتجار والمنتجين الفلسطينيين من محافظة جنين بشكل خاص، وباقي المحافظات الفلسطينية من جهة، ورجال الأعمال الفلسطينيين داخل الخط الأخضر من جهة أخرى.

وتم خلال المعرض التأكيد على الفرص والإمكانيات المتوافرة والتعريف بالقطاعات والفرص الواعدة، وإبراز الكفاءات المهنية في المحافظة تسويقًا لفكرة الاستثمار في المحافظة، وإمكانية استقطاب جهات استثمارية تساهم في دعم الاقتصاد الوطني.

وأكد المشاركون على ضرورة دعم المنتج الفلسطيني ووضعه في مكانته المرجوة في السوق الاستهلاكية المحلية. وكانت السلطة الوطنية قد قررت منع الاتجار والتعامل مع بضائع المستوطنات لفتح المجال جليًا أمام المنتج الوطني وتعزيز الاعتماد على الذات، وفتح المجال لتعزيز الاستثمار في الصناعات الوطنية وتوفير فرص عمل.

فياض: القطاع الخاص يقوم بدوره
أشاد رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض quot;بالدور الوطني للقطاع الخاص وصموده في وجه سياسة الاحتلال الإسرائيلي، التي ما زالت تشكل العائق الأكبر أمام الإمكانات الكامنة لنمو الاقتصاد الوطنيquot;.

وأكد فياض في كلمته التي ألقاها في افتتاح الملتقى السنوي الخامس لسوق رأس المال، الذي عقد أخيرًا في مدينة رام الله، أن quot;دور القطاع الخاص وصموده هو جزء لا يتجزأ عن صمود الشعب الفلسطيني وإصراره على الثبات على أرضه ووطنه وتصميمه على إنجاز حقوقه الوطنية المشروعة، وفي مقدمتها حقه في الحرية والاستقلال والعيش بكرامة في وطن له كباقي الشعوبquot;. وأكد فياض على quot;التزام السلطة بالنهوض بدور قطاع سوق رأس المالquot;، مشددًا على أن توفير الأجواء الكفيلة بنمو القطاع الخاص هو في الواقع جزء من التزام السلطة الوطنية بتوفير البيئة والتشريعات والإجراءات اللازمة لاستمرار النهوض بدور قطاع سوق رأس المال.

وشدد على ضرورة المشاركة في هذا القطاع لبناء اقتصاد وطني، وتعزيز صمود الشعب سياسيًا واقتصاديًا، وتحقيق الاستقلال السياسي والتقدم الاقتصادي. ودعا رئيس الوزراء الشركات المستفيدة من تسهيلات تشجيع الاستثمار إلى المبادرة الطوعية بتأجيل الاستفادة من الحوافز الضريبية لمدة ثلاثة أعوام، لما يعنيه ذلك من إسهام مباشر في تعزيز وزيادة قدرة السلطة على الاستغناء عن المساعدات الخارجية.

وأشار فياض إلى التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني، خاصة بعد الأزمات الاقتصادية التي ضربت العالم، وكيفية مواجهتها والتعامل معها بكل ما تفرزه من أعمال وتأثيرات لتجنيب الاقتصاد الفلسطيني من كل العوامل السلبية، التي يمكن أن تضرّ به. وبين أن أشد الصعوبات الماثلة في الوقت الحاضر تتمثل في احتجاز إسرائيل لعائدات الضرائب لأهميتها في تمكين السلطة من الإيفاء بمختلف تعهداتها، والتي تمثل ثلثي إيرادات السلطة.

وقال فياض: quot;من دونها لا يمكن الوفاء بالتزاماتنا في وقتها المحددquot;، مؤكدًا في الوقت نفسه أن هذا الأمر يشكل مخالفة واضحة لاتفاقية باريس الاقتصادية. ودعا كل المستثمرين في الوطن والخارج إلى خوض تجربة الاستثمار في فلسطين في مختلف القطاعات.

الاستثمار في القدس
وكان اقتصاديون ومستثمرون فلسطينيون كبار وممثلو مؤسسات اقتصادية وتجارية وصناعية قد دعوا في وقت سابق إلى ضرورة الاستثمار في القدس والنهوض بالواقع الاقتصادي والسياحي في المدينة، والتحلي بروح الإرادة والعزيمة، لتحقيق هذا الهدف النبيل، الذي يساهم في دعم أهالي القدس، وحماية مدينتهم من خطر الاستهداف المتواصل. جاء ذلك خلال لقاء تعريفي كبير في المسرح الوطني الفلسطيني (الحكواتي) حضره جمع من رجال الأعمال الكبار ونظمته شركة - سولو ميديا - للدعاية والانتاج الفني وتنظيم الفعاليات.

وقال مازن سنقرط وزير الاقتصاد الفلسطيني السابق ورئيس مجلس إدارة شركات سنقرط العالمية في الحفل الخاص، الذي نظمته الشركة المشرفة على تنظيم ملتقى رجال أعمال فلسطين، المزمع إقامته في الفترة ما بين 11-13/2/2012 في مدينة رام الله: quot;إن التحديات كبيرة ونوعية، وعلينا أن نظهر الوجه الآخر لمدينة القدس المباركةquot;.

وأشار إلى أن عنصر الصمود والبقاء فيها يشكل هوية اقتصادية مميزة، وهو ما يعترف به العالم، حيث قال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أخيرًا، إنه لا اقتصاد فلسطيني بدون القدس. وذكر سنقرط أن القدس مع مثلث بيت لحم وأريحا تشكل رأس الهرم في الاقتصاد الوطني الفلسطيني بسبب البعدين التاريخي والجغرافي، وأنه في تحليل اقتصادي واجتماعي في بنية المجتمع المقدسي نجد أننا بحاجة إلى 40 ألف شقة سكنية لغاية عشر سنوات، وإلى 120 مدرسة للفترة الزمنية نفسها، مع ضرورة دعم المشاريع الإنتاجية الصغيرة، من تكنولوجيا المعلومات والصناعات الحرفية، لتشغيل الأيدي العاملة من الشبان والشابات، مما يؤدي إلى تنمية مستدامة، تمكن أهل القدس من العيش بكرامة وشرف في مدينتهم.

ولفت إلى أن هناك اهتمامًا من جانب كل العالم تقريبًا في هذا التوجه نحو دعم المشاريع التنموية في القدس، وعلينا استثماره والاستفادة منه بالشكل الصحيح والمخطط والمدروس. وتناول عزام أبو السعود مدير الغرفة التجارية الصناعية في القدس، هموم المدينة من النواحي الاقتصادية والدور الذي تضطلع به الغرفة التجارية المغلقة من قبل سلطات الاحتلال، ودور مشروع التشغيل، الذي يحاول استيعاب جزء صغير من المتخرجين البالغ عددهم آلافًا عدة سنويا.

وأكد أبو السعود، أن ثلثي هؤلاء يعانون البطالة وعاطلون عن العمل، لافتًا إلى أن سنوات الاحتلال الطويلة لم تؤد الى أي نمو يذكر في القطاع السياحي المهم في المدينة للأسف، والذي تعتمد عليه في اقتصادها المخنوق والمحاصر. وذكر على سبيل المثال، أن كل مئة دولار تصرف في السياحة في القدس تحصل منها الجهات العربية المقدسية فقط على 8 دولارات، في حين يذهب الباقي الى الجهات السياحية الإسرائيلية.

وأوضح أن النهوض بهذا الواقع الصعب لا بد له من البحث عن مصادر تمويل خاصة، وبذل المزيد من العمل الإضافي، لإتاحة الفرص للاستفادة من خلق فرص عمل مقدسية، تعمل على استيعاب قدرات المتخرجين والعمال وطاقاتهم في مختلف المجالات. وطالب بضرورة إحياء الصناعات الحرفية وإنتاج الهدايا السياحية وتطوير هذه الصناعة برؤيا جديدة عالمية، كي يتم تحقيق جذب سياحي، معتبرًا أن تنظيم مثل هذه اللقاءات هو شيء جيد، يساهم في عملية التشبيك بين الشركات ورجال الأعمال.