بغضّ النظر عمّا يمكن أن يحدث في القمة الأوروبية المقرر عقدها اليوم وغداً في بروكسل لمناقشة أزمة اليورو، فإن هناك حقيقة واحدة مؤكدة هي أن بريطانيا ستخسر. وتتكوّن قناعة الآن لدى الحكومة البريطانية بأنه في حالة انهيار اليورو، فإن بريطانيا ستغرق جنباً إلى جنب مع الباقين. لكن إن تمكنت أوروبا من الصمود عبر توثيق الوحدة بصورة قوية بين الـ 17 دولة التي تستخدم اليورو، فإن بريطانيا ستواجه حينها حالة أكبر من التهميش في ما يتم اتخاذه من قرارات بشأن القارة العجوز.


حكومة كاميرون الائتلافية محكوم عليها أن تقوم بدور المتفرج العاجز

أشرف أبوجلالة من القاهرة: هيمنت حالة من الغضب على كثير من الأوروبيين نتيجة تعامل المحافظين البريطانيين بأريحية هادئة مع التطورات المتتالية طوال الأزمة، في ظل اتخاذ قرار بعدم الانضمام إلى اليورو، والاستمرار في الاحتفاظ بالجنيه الإسترليني، خاصة عندما أصيبوا بذعر نتيجة لفقدان بريطانيا القدرة على لعب دور بارز وحيوي في مواجهة تلك الأزمة، التي تعتبر أكبر أزمات أوروبا منذ نهاية الحرب الباردة.

نقلت في هذا السياق صحيفة النيويورك تايمز الأميركية عن تشارلز غرانت، مدير مركز الإصلاح الأوروبي، قوله: quot;ألمانيا هي القائد الذي لا جدال عليه لأوروبا. وفرنسا تابعة بالتأكيد لألمانيا، وتأثير بريطانيا أقل من أي وقت مضى على حسب ما أتذكرquot;.

ثم قالت الصحيفة إن مبعث القلق الأساسي الآن هو ذلك المتعلق بمدى سلامة الصناعة المالية لبريطانيا، التي تعدّ محركاً اقتصادياً حيوياً، في وقت يتعرّض فيه النمو لحالة من التباطؤ والإنفاق الحكومي لتخفيضات كبرى، وهي الصناعة التي ينظر إليها باعتبارها عرضة لنظم أوروبية جديدة، قد تضرّ بالتنافسية البريطانية في الأسواق العالمية.

رغم ذلك، يبدو أن حكومة دافيد كاميرون الائتلافية محكوم عليها أن تقوم بدور المتفرج العاجز، الممزق بين القوى المناهضة لأوروبا وتحركات القادة الأوروبيين نحو توحد مالي أكبر في أنحاء القارة كافة ndash; سواء شاركت بريطانيا في ذلك أم لم تشارك.

وقال كاميرون يوم أمس إن هدفه الرئيس في بروكسل quot;هو طلب ضمانات لبريطانيا وحماية مصالح البلاد الوطنيةquot;، عن طريق التصدي لتدابير معينة، مثل المقترح الخاص بفرض ضريبة على المعاملات المالية.

غير أن الصحيفة نوّهت إلى تلك اللغة البريطانية المركزية قد أثارت غضب المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، والرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، اللذين يحاولان إيجاد طريقة لإنقاذ اليورو، والقيام في الوقت نفسه بفرض انضباط مالي مقيد مالياً على اقتصاديات الجنوب المتخبطة.

لكنهما كانا خجولين في تعبيرهما عن حالة الإحباط التي انتابتهما. وقد سبق لساركوزي أن قال معقباً على محاولات سبق أن قام بها كاميرون قبل 6 أسابيع لإقحام نفسه في محادثات بشأن اليورو: quot;سئمنا من انتقادك لنا، وإخبارنا بما يجب علينا أن نفعله. أنت تقول إنك تكره اليورو، والآن ترغب في التدخل في الاجتماعات الخاصة بناquot;.

وقال ستيفن فيلدينغ، مدير مركز السياسات البريطانية في جامعة نوتنغهام quot;قد يحاول كاميرون الظهور بصورة جيدة أمام نواب حزبه، لكنه لا يمتلك في أوروبا رصيدًا كبيرًا يؤهّله للدخول في مفاوضات. وقد اتضح أن بمقدور فرنسا وألمانيا أن يفعلا ما يشاءان، وأن بمقدور بريطانيا أن تقول نعم أو لا، لكن ذلك لا يهمّ، طالما أنهما سيفعلان ما يريدانه على أية حالquot;.

أما ألكسندر ستاب، الوزير الفنلندي للشؤون الأوروبية فقال quot;لقد حددت الأسواق الرفاق الصالحين والرفاق الفاسدين، وأسعار فائدتها بأي طريقة من الطرق تعدّ من مظاهر ذلك الأمر. وحين ننظر إلى قواعد الاتحاد الأوروبي المستقبلية، سنجد أن الدول الثلاث، التي تحمل التصنيف (A)، هي التي تدير الأمورquot;.

ثم ختمت الصحيفة في النهاية بالقول إن هذا النقاش المحتدم، الذي تشهده بريطانيا في غضون ذلك، على خلفية التداعيات الأوروبية المتصاعدة لأزمة اليورو، تأتي في وقت غير مناسب على نحو غير عادي بالنسبة إلى دافيد كاميرون، في وقت لا تبدو فيه العلاقة الخاصة (كما يطلق عليها) مع الولايات المتحدة على حالتها، في ظل المواجهة التي دخلها أخيرًا مع عمدة لندن، بوريس جونسون، بشأن السياسة الخارجية للبلاد، وكذلك الضغوط السياسية التي يقابلها تحد فريد يواجهه من الحكومة الائتلافية، التي يختلف أعضاؤها معه بشأن قضايا عدة، منها أوروبا.