بعد عجز الدول الأوروبية المتعثرة عن سداد ديونها بقي هناك ورقة رابحة يمكن عن طريقها مواجهة أزمتها ألا وهي كميات الذهب المخزنة لديها.


لميس فرحات: على الرغم من عجز ايطاليا عن إقناع أسواق السندات بإبقائها في مجال الأعمال التجارية، إلا أنها تملك بطاقة رابحة تنتظر الوقت المناسب إخراجها، قلة من الناس يدركون ذلك، لكن ايطاليا تملك رابع أكبر مخزون من الذهب، أي 2452 طن، وهذا أكثر بكثير ممما تملكه فرنسا، وأكثر من ضعفي مخزون الصين. لا أحد يملك احتياطياً من الذهب أكثر من ايطاليا سوى الولايات المتحدة وألمانيا وصندوق النقد الدولي.

والسؤال هنا هو ما إذا كانت بعض الدول الأوروبية المتعثرة، مثل ايطاليا وفرنسا، ستبدأ ببيع أكوام الذهب التي تمتلكها لمواجهة ديونها، هذا إن لم تكن هذه الدول قد بدأت ببيع ذهبها منذ الآن.

يبلغ ثمن الذهب الذي تملكه ايطاليا حوالي 123 مليار دولار، أي ما يكفي بسهولة لتغطية العجز في ميزانية هذا العام، والذي يبلغ 80 مليار دولار. وتملك البرتغال سبائك ذهب تصل قيمتها إلى 19 مليار دولار ما يمكن أن يغطي عجز 13 مليار دولار الذي تعاني منه. وتملك فرنسا ذهباً بقيمة 122 مليار دولار، وهو ما يكفي لإحداث تأثير كبير في تغطية العجز الذي يصل إلى 150 مليار دولار.

في الوقت ذاته، هناك احتمال أن تقوم الصين، التي لديها أكوام هائلة من الأموال، بتحويل بعض من احتياطياتها (3 تريليون دولار وأكثر) إلى الذهب، وهو العملة الوحيدة التي لا تسيطر عليها أي دولة أخرى.

وفي هذه اللحظة، قامت أغنى الدول الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا وهولندا، بنقل ما بين 60 ٪ و 80 ٪ من احتياطياتها إلى الذهب.

هذه الخطوات قد تؤدي إلى تغييرات أتنقل السلطة من الحكام الحاليين إلى حكام جدد، وهذا ما حدث قبل قرن من الزمان، حين انتهى المطاف بالكثير من الذهب الفرنسي والألماني والبريطاني في يد الولايات المتحدة، ما ادى إلى تغيير ميزان القوة العالمي.

في المدى القصير جداً، قد يفرض هذا الأمر ضغوطاً يؤدي إلى انخفاض سعر الذهب، فالناس الذين يملكونه بحاجة إلى المال في هذه اللحظة وقد يضطرون لبيعه. أما على الأجلين المتوسط والطويل، فينبغي أن تتجه أسعار الذهب نحو الارتفاع.

تراجع سعر الذهب منذ بداية أيلول/سبتمبر من 1900 $ للأونصة إلى أقل من 1600$، وذلك عندما اندلعت الأزمة المالية في اوروبا. لكن هناك العديد من العوامل الأخرة التي تؤثر في وضع الذهب.

أولاً: لم ينخفض سعر الذهب بالشكل الذي يبدو عليه حتى الآن. فسعر الذهب يحسب عادة بالدولار الأميركي. وفي الأشهر الأربعة الماضية ارتفع الدولار.

في بداية شهر أيلول/سبتمبر، عندما وصل الذهب إلى ثمن 1900 $ للأونصة، كان اليويو يساوي 1.45 دولار. ومنذ ذلك الحين تراجع اليورو الى 1.30 دولار. ما يعني أن الذهب الذي جرى تداوله بنحو 1300 euro; للأونصة في ذلك الوقت، انخفض إلى 1200 يورو للاونصة.

أما العامل الثاني فهو الثقة، فمنذ أربعة أشهر مضت، كان هناك نوع من الثقة بأن الذهب مستمر بالارتفاع. وحدث ذلك عندما ارتفعت أسعار الذهب بشكل جنوني في أعقاب الهزيمة الأميركية لسقف الديون. ووفقاً للبيانات التي نشرتها لجنة السلع والعقود الآجلة للتجارة والتجار والمضاربين، فسجلت معظم المضاربات بناء على أن سعر الذهب سوف يرتفع.

لكن الارتفاع يتبعه عادة انخفاض سريع وهذا ما حدث. فالمعنويات تجاه الذهب تعتبر منخفضة جداً، وانهارت أكثر من ثلث المضاربات التي اعتمدت على ارتفاع الذهب. ويتوقع الخبراء أن ينخفض سعر الذهب إلى أقل من 1500 $ في الربع القادم من السنة المقبلة.