رئيس الحكومة المصرية كمال الجنزوري

إتجه الدكتور كمال الجنزوري رئيس الحكومة المصرية إلى سياسة التقشف وتعظيم الموارد العامة بدلاً من الاقتراض لسد عجز الموازنة العامة للدولة وجاء قرار الجنزوري في محاولة لاسترداد عافية الاقتصاد المصري رافضاً اللجوء إلى صندوق النقد الدولي في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد.


القاهرة: تعتمد خطة تعظيم الموارد التي ينوي رئيس الحكومة المصري الجديد كمال الجنزوري تطبيقها على إعادة النظر في العائد الضريبي خاصة أن النظام السابق أفقد ميزانية الدولة ما يقرب من 20 مليار جنيه سنويا كان يتغاضى عن تحصيلها من رجال الأعمال المقربين من النظام وكذلك توفيق أوضاع الأراضي والمشروعات والمصانع التي بيعت بثمن بخس ما قد يوفر للخزانة العامة ما يقرب من 100 مليار جنيه قابلة للزيادة وقد كلف الجنزوري لجنة إدارة الأزمة الاقتصادية بحصر الأراضي واستعادتها أو إعادة تسعيرها على أن يتم ذلك في إطار من مراعاة المصالح العامة والخاصة ودون اللجوء إلى الصدام مع رجال الاعمال الذين يعول عليهم في المرحلة الحالية للخروج من النفق الاقتصادي المظلم الذي تمر به الدولة.

ووفق خبراء تحدثت إليهم إيلاف فإن إجراءات الجنزوري جيدة على المستوى النظري أما على الجانب العملي والتطبيقي فإن الأمر صعب ومعقد وسوف يفتح على الساحة الاقتصادية حروبا باردة بين حكومة الإنقاذ الوطني ورجال الأعمال ، خاصة من أسماهم بعض الخبراء أذناب النظام القديم.

كانت فايزة أبو النجا وزيرة التخطيط والتعاون الدولي قد أعلنتأن مجلس الوزراء قرر ترشيد حجم الإنفاق بالموازنة العامة للدولة بما يتراوح بين 20 إلى 22 مليار جنيه، من خلال تخفيض الاحتياطي الخاص بالأجور بالباب الأول بالموازنة، وتخفيض البند الخاص بشراء السلع والخدمات في الباب الثاني ويتعلق بخفض نفقات الوحدات الإدارية في الدولة لكل وزارة كما قرر مجلس الوزراء برئاسة الدكتور كمال الجنزوري إلغاء الدعم عن الصناعات الأكثر استهلاكًا للطاقة مثل الأسمنت والحديد والألمنيوم والسيراميك فهل مثل هذه الإجراءات ستكفي لسد عجز الموازنة وتحول دون الاقتراض من الخارج؟

يشير الدكتور حمدي عبد العظيم الخبير الاقتصادي ورئيس اكاديمية السادات للعلوم الإدارية الأسبق إلى أنه من الصعب جدا الوصول إلى صيغة تفاهم بين الحكومة وبين رجال الأعمال الذين استفادوا من فساد النظام السابق وخاصة من أطلق عليهم أذناب النظام ولكن هذا الحل على المستوى النظري كفيل وحده بسد عجز الموازنة ولكنه تساءل : من منهم سيترك المكاسب التي حصل عليها ؟ هذا هو الفيصل في القضية، وهذا الإجراء من وجهة نظر عبد العظيم سيفتح الباب لحرب باردة بين رجال الأعمال من جهة والحكومة والقضاء من جهة أخرى و مثل هذه القضايا ممكن أن تأخذ وقتا كبيرا لا يتناسب مع طبيعة المرحلة التي تحتاج إلى حلول سريعة.

أما عن رفع دعم الطاقة عن الصناعات كثيفة الاستخدام لها مثل الأسمنت والحديد فيرى الخبير الاقتصادي أنها خطوة ستوفر مئات الملايين من الجنيهات ولكن على الجانب الآخر لابد من توفيق الأوضاع بحيث لا ينعكس المردود على الإنتاج وأسعار السلع التي تنتجها هذه المصانع حتى لا يؤثر ذلك بالسلبفي حجم الانتاج و المشروعات المرتبطة به. فمن المنتظر في الفترة الحالية بدء تنفيذ مشروعات تنمية حقيقية والتوسع في المعمار وإنشاء مدن سكنية جديدة وتوصيل مرافق إلى الأماكن التي سيقع عليها الإختيار وبالتالي طبعا فتح مجالات جديدة لاستثمار وخلق فرص عمل. في ختام حديثه أشاد حمدي عبد العظيم بخبرة الدكتور كمال الجنزوري وقدرته على العبور بالاقتصاد المصري إلى بر الأمان إذا ما توفرت له الأجواء الملائمة من استقرار أمني و تعاون من أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين.

من جانبه يرى الدكتور سمير مرقص ،أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأميركية في القاهرة، أن الأحوال الاقتصادية في مصر متردية بالفعل كما صرح الجنزوري ولكن واحدا من الحلول السريعة والتي توفر أكثر من نصف فارق عجز الموازنة هو تعديل منظومة الأجور في مصر حيث إنه في حال تطبيق الحد الأدنى والأقصى سوف يحدث التوازن النسبي بين صغار وكبار الموظفين من جهة ومن جهة أخرى سوف يتم توفير ملايين بل مليارات كانت تهدر في رواتب باهظة ، فهناك سوء توزيع للرواتب وتمييز مبني على ماهية قطاع العمل فالعاملون في البترول والاتصالات والكهرباء ليسوا كالمدرسين والموظفين الحكوميين في الدواوين العامة والمحافظات والوزارات الأخرى وكذلك الفارق الرهيب بين الموظفين الصغار والكبار في القطاع نفسه فنجد أن هناك من يتقاضى ربع مليون جنيه في حين أن العامل في المكان نفسه لا يتعدى إجمالي ما يتقاضاه 400 جنيه شهريا.

ويضيف مرقص قائلا quot;إن مجرد القضاء على الفساد سوف ينعش الاقتصاد المصري فلو أن منظومة الدعم لا يتم التلاعب فيها كما هو الحال في السابق ولو أن الرقابة على أموال الدولة طالت جميع الهيئات والمؤسسات لتوفر لخزانة الدولة الكثير ويجب على الحكومة الحالية أو القادمة أن تحسن التعامل مع المستثمرين ورجال الأعمال من خلال ترسيخ الأسس والمبادئ التي ستقوم عليها الاستثمارات فرجال الأعمال يضعون نصب أعينهم تحقيق أكبر نسبة أرباح بأقل كلفة ممكنة ومن هذا المنطلق فعلى الحكومة وضع آلية لتسهيلات أمام المستثمر الجاد الذي يصنع فارقا لصالح اقتصاد البلاد ويوفر لأبنائها فرص العمل quot;.