وصل انكشاف المصرف المركزي الأوروبي أمام المصارف الأوروبية الى سقف قياسي جديد بدأ يثير قلق المستثمرين. المركزي الأوروبي أقرض، في أسبوع واحد فقط، ما مجموعه حوالي نصف بليون يورو الى أكثرمن 500 مصرفاً أوروبياً. الا أن المستثمرين يتساءلون، في الوقت ذاته، عن نوايا المركزي الأوروبي وما هي أبعاد القروض الذي يذهب معظمها لمساعدة الأسر والشركات.


برن:تتطاير مخاوف المستثمرين، حول سلوكيات المصرف المركزي الأوروبي، الخاطئة لدى البعض منهم والمحقة لدى البعض الآخرين منذ شهر أيلول(سبتمبر) الفائت. المركزي الأوروبي لم ينقطع عن اقراض المصارف، أسبوعياً، في الشهور الثلاثة الأخيرة. ولو جمعنا ما أقرضه المركزي الأوروبي، في الشهور الثلاثة الأخيرة، لاستنتجنا، بسهولة أنها تتجاوز 2.7 تريليون يورو أي أكثر من 3.5 تريليون دولار أميركي. وهذا، بالطبع مستوى قياسياً لم تصل اليه حتى القروض التي قدمها الاحتياطي الفيدرالي في الشهور الثلاثة الأخيرة، التي تصل الى 2.2 تريليون يورو. ما يعني أن أكثر من 550 بليون يورو تفصل بين قروض المركزي الأوروبي ونظيره الأميركي.

في سياق متصل، يشير الخبير كريستوف غوبسر لصحيفة quot;ايلافquot; الى أن جزء من قروض المصرف المركزي الأوروبي تعمل المصارف الأوروبية على quot;تدويرهquot; بمعنى أنها تضع هذه القروض، ثانية، في خزائن المركزي الأوروبي كي تحصل على فوائد ايداع لا تتخطى 0.25 في المئة، حالياً. في الوقت الحاضر، نجحت المصارف الأوروبية في ايداع حوالي 500 بليون يورو داخل خزائن المركزي الأوروبي. وبما أن التوترات داخل الأسواق بين المصرفية ستزداد وتيرتها في الأسابيع القادمة تختار كافة المصارف الأوروبية اتخاذ المصرف الأوروبي المركزي الوسيط الرئيسي والمرجع، الأول والأخير، لكافة عملياتها.

وينوه الخبير غوبسر بأن التشابكات بين سلوكيات المركزي الأوروبي وتلك الخاصة بالاحتياطي الفيدرالي ستتعقد، أكثر فأكثر نظراً للأوضاع السائدة. وتتمثل هكذا تشابكات في تحركات يقوم بها الاحتياطي الفيدرالي لانقاذ المصارف الأوروبية المتعثرة. بين هذه العمليات، يوجد ما يدعى quot;سوابquot; (Swap)، تتم بالدولار الأميركي وتربط، بقوة، الاحتياطي الفيدرالي بالمركزي الأوروبي ومؤسسات أوروبية مالية أخرى. للأسف، ما زالت عمليات quot;سوابquot; غير شفافة ومن شأنها توليد البلبلة، في الأسواق الدولية، في حال لم يتوصل أحد الى توضيح النوايا المصرفية المركزية، الأميركية والأوروبية، التي quot;تتساعدquot; سراً لتفادي انفجار البورصات، بين ليلة وضحاها.

ويستطرد الخبير غوبسر موضحا ان المركزي الأوروبي قادر على اقراض المصارف مباشرة باليورو(بدلاً من الدولار الأميركي كما يحصل حالياً). ما يعني أن المصارف الأوروبية ستشتري كل ما تحتاجه من دولارات مباشرة من أسواق الصرف. أما الاحتياطي الفيدرالي فهو قادر على اقراض الفروع الأميركية التابعة للمصارف الأوروبية لتفادي وابل من الانتقادات. مع ذلك، يتوقف الخبير للاشارة الى أن عمليات quot;سوابquot;، التي تبعد المصرفين المركزيين الأوروبي والأميركي، عن أهدافهما، تم هندستها كي تكون غير شفافة منذ ولادتها. في الواقع، لا يمتلك الاحتياطي الفيدرالي أي سلطة لانقاذ المصارف الأوروبية. أما المركزي الأوروبي فهو يتخبط في وضع سياسي وقانوني صعب. هذا وتأتي الاتفاقيات، حول عمليات quot;سوابquot;، لاشعال النار داخل وضع مالي حساس، تعيشه أميركا وأوروبا معاً.

اذا، لا يستغرب الخبير غوبسر ان تمثل عمليات quot;سوابquot; شوكة تتوقف في حلق المحركات المصرفية الأوروبية، في العام القادم. علماً أن أوضاع المصارف الآسيوية تتحسن بما أنها أدركت مسبقاً طعم quot;الطبخةquot; بين المركزي الأوروبي والاحتياطي الفيدرالي للعام القادم. أما الأسواق المالية العربية فان أوضاعها لن تكون أفضل من نظيرتها الأوروبية!