تعوّل الحكومة التونسية على علاقاتها الخارجية وتفهم quot;الأصدقاءquot; لتجاوز الآثار الاقتصادية السلبية التي صاحبت موجة احتجاجات شعبية أطاحت بالرئيس.


تونس: تعوّل الحكومة التونسية على علاقاتها الخارجية وتفهم quot;الأصدقاءquot; لتجاوز الآثار الاقتصادية السلبية التي صاحبت موجة احتجاجات شعبية أطاحت بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، لا سيما بعدما أشارت تقديرات إلى أن خسائر الاقتصاد التونسي ربما تصل إلى ثمانية مليارات دولار.

وتسعى تونس في الوقت الراهن إلى الحصول على تمويلات أجنبية طويلة الأجل، تتراوح بين خمسة مليارات و10 مليارات دولار، في وقت يدرس الاتحاد الأوروبي دعم تونس، وإمكانية تقديم مساعدات في هذه المرحلة الانتقالية. وفي أول جلسة للبرلمان التونسي أمس منذ الإطاحة بالرئيس السابق في 14 يناير/كانون الثاني، قال رئيس الحكومة الانتقالية محمد الغنوشي إن بلاده تحتاج تمويلات خارجية لتنفيذ مشاريع عاجلة في البنية التحتية.

وأوضح الغنوشي أن التمويلات ستخصص لتطوير quot;المناطق المحرومةquot; التي انطلقت منها الاحتجاجات الشعبية، معلنًا في الوقت نفسه اتخاذ إجراءات لتعزيز الاستثمار الأجنبي ودعم النمو الاقتصادي. كما أكد في مناسبة أخرى الحاجة إلى مساعدات واستثمارات أجنبية من أجل quot;حماية التجربة التونسيةquot;.

وحول تقدير الخسائر، أشار رئيس الوزراء التونسي إلى أن خسائر تونس جراء الأحداث الأخيرة تتراوح ما بين خمسة إلى ثمانية مليارات دولار، لافتًا إلى أن شركات ومصانع تكبدت خسائر بسبب إشعال النيران فيها. وكانت مؤسسات عامة وخاصة استغنت عن عمالها، كما تعطل تصدير بعض السلع الرئيسة، واستقبال السائحين، إلى جانب تعرض مؤسسات عامة، مثل المحاكم وأقسام الشرطة والحرس الوطني والمدارس لخسائر جسيمة.

في هذا السياق، سجلت الصادرات الصناعية لتونس خلال يناير الماضي تراجعًا طفيفًا مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.
وأظهرت الأرقام تراجعًا نسبته 1.5 % لتصل قيمة الصادرات الصناعية إلى 723 مليون يورو، بينما سجلت الاستثمارات ارتفاعًا بنسبة 10 % لتصل قيمتها إلى 46 مليون يورو.

كذلك تراجعت إيرادات صادرات قطاع النسيج والملابس خلال الشهر نفسه بنسبة 15 % مقارنة بالفترة من 2010، الأمر الذي يهدد بفقدان 30 ألف فرصة عمل في هذا القطاع وفقًا لتصريحات أدلى بها وزير الصناعة عفيف شلبي. وشهد قطاع النسيج والملابس، الذي يوفر 200 ألف فرصة عمل، غيابات في أوساط العمال، ما ينعكس على تواصل تراجع صادراته في الأشهر المقبلة، في وقت يتراجع فيه النشاط السياحي، الذي يعمل فيه نحو 350 ألف شخص، ويساهم بنسبة 6.5 % من الناتج المحلي الإجمالي.

من جهته، قدر وزير التنمية المحلية التونسي أحمد نجيب الشابي الخسائر التي تكبدها اقتصاد بلاده أثناء الاحتجاجات التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي بأكثر من ثلاثة مليارات دولار. وقال في تصريحات صحافية إن التقديرات الأولية تشير إلى تسجيل خسائر تتجاوز خمسة مليارات دينار تونسي (3.5 مليار دولار)، أي ما يعادل 4 % من الناتج المحلي الإجمالي.

إلا أن الشابي أكد أن تونس حافظت على ثقة شركائها الأجانب، وستسدد ديونها الخارجية، مشيرًا إلى أن قسطًا بقيمة 450 مليون يورو (614 مليون دولار) يحلّ أجل سداده في أبريل/نيسان المقبل. ونفى أن تكون بلاده طلبت إعادة جدولة ديونها، مؤكدًا أنها تعوّل على تفهم شركائها في أوروبا ومنطقة الخليج، وأيضًا الولايات المتحدة واليابان.

وتطرق الشابي إلى مسعى إلى الحصول على تمويلات طويلة الأجل، تتراوح بين خمسة مليارات و10 مليارات دولار. في المقابل كشف مفوض شؤون التوسيع في الاتحاد الأوروبي ستيفان فولي عن أن تونس طلبت من التكتل إنشاء برنامج مساعدات قصير الأجل لدعمها في مرحلة الانتقال السياسي نحو الديمقراطية.

وقال فولي للصحافيين في الرباط إن الهدف من تلك العملية يكمن أساسًا في تلبية كل الاحتياجات على المدى القصير للعملية الانتقالية في تونس. كما أعرب برلمانيون أوروبيون زاروا تونس في الأسبوع الماضي عن دعمهم لفكرة عقد مؤتمر مانحين دولي خاص بتونس من أجل quot;مساعدات موجهةquot; لهذا البلد، حيث تعد المشاكل الاجتماعية من أهم التحديات التي تواجه الحكومة الانتقالية.

وتصنف معدلات البطالة بين الشباب في تونس بأنها quot;مرتفعةquot;، إذ تقدر بحوالي 44 %. ويزيد من خطورة الوضع الحالي لتونس، التي تواجه أساسًا تداعيات الأزمة المالية العالمية، آثار الأحداث الأخيرة على قطاع السياحة، إضافة إلى مسألة استعادة الأمن وإعادة هيكلة المؤسسات والقطاع الاقتصادي.