قدمت البنوك السويسرية 30 تقريراً عن عمليات غسيل أموال محتملة من جانب أعضاء من نظام الرئيس التونسي السابق، زين العابدين بن علي، لكن هذا كله لم يحدث إلا بعدما جمّدت سويسرا أصول بن علي، وهو ما يُسلِّط الضوء على نقاط الضعف التي يحتمل وجودها في المحاولات التي تهدف إلى منع حدوث مثل هذه الجرائم.


القاهرة: قال خبراء متخصصون في استرداد الأصول إن الولايات المتحدة وبريطانيا ربما يتحركون بصورة بطيئة للغاية في سبيل تجميد أصول يُعتَقد أنها تخصّ الأنظمة المنهارة في مصر وتونس، وهو ما قد يسمح لمثل هذه الأموال بأن يتم نقلها إلى دول أخرى، بحسب ما نقلت عنهم اليوم صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية.

جاءت تلك الاستجابة الحذرة على النقيض من الخطوات التي بادرت باتخاذها سويسرا، التي تحركت بشكل أكثر حسماً لتجميد الأصول، حتى في الوقت الذي لم تكن تحظى فيه بقدر كبير من الدعم من جانب الحكومة، كما كان الحال في الوضع الخاص بمصر.

وقالت الصحيفة إن برن تتحرك الآن بخطوات سريعة لمنع خروج مثل هذه الأموال من البلاد، لكن السرعة التي حددت من خلالها البنوك السويسرية الأموال التي يُعتَقد أنها تخصّ النظامين المصري والتونسي، جاءت لتثير تساؤلات حول ما إن كانوا يقوموا بإجراءات كافية لمنع تدفق الأموال غير المشروعة في خزائنهم في المقام الأول.

وبعد فترة قصيرة من الإطاحة بزين العابدين بن علي في الشهر الماضي، أمرت برن البنوك بتجميد أصول خاصة بالرئيس التونسي السابق و47 من معاونيه. وقدجمّدت البنوك بالفعلعشرات الملايين من الفرانكات. وأوضحت الشرطة الفيدرالية السويسرية يوم أمس الثلاثاء أن مكتبها المعني بالتحقيق في عمليات غسيل الأموال قد تلقى من حينها ما يقرب من 30 تقريراً ndash; كلها ينطوي على ما يقرب من 80 مليون فرنك (76 مليون دولار) من مؤسسات مالية تلوح بأصول، قد تكون غير مشروعة،أودعها الرئيس بن علي أو أي من الأفراد المنتمين إلى حاشيته.

بحسب منظمة الشفافية الدولية المعنية بالنزاهة المالية، فقد يكون لدى البنوك السويسرية ما يصل إلى 150 مليار دولار في صورة أصول غير مشروعة. وقد شددت سويسرا القوانين المعنية بقضايا غسيل الأموال على مدار السنوات العشر الأخيرة.

ونقلت الصحيفة في هذا السياق عن مارك بيث، أستاذ القانون الجنائي في جامعة بازل في سويسرا، ورئيس مجموعة العمل المعنية بقضايا الرشوة في المعاملات التجارية الدولية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، قوله إن السرعة التي تحفظت من خلالها البنوك حول العالم على الأصول التونسية والمصرية تظهر أن النظام لا يعمل. وأضاف quot;من الواضح تماماً أن القواعد موجودة، لكن لا يتم تطبّق بقدر كاف من الجدية. وهو ما يعني أيضاً أن المنظمين لا يقومون بعملهمquot;.

وقال ناطق باسم جمعية المصرفيين السويسرية quot;إن الحقيقة التي تتحدث عن أن البنوك السويسرية قادرة على التفاعل بصورة سريعة للغاية مع أوامر البحث عن تلك الأصول وتجميدها يعكس فعالية الإجراءات الجدية التي تبادر سويسرا باتخاذهاquot;.

وأكدت وول ستريت جورنال في هذا الصدد أن سويسرا تتحرك بشكل أسرع من نظرائها في الولايات المتحدة وبريطانيا للانقضاض على أصول من أنظمة الرئيس زين العابدين بن علي والرئيس المصري السابق حسني مبارك. وقد قامت سويسرا بذلك، رغم ندرة المعلومات التي تردها من القاهرة. علماً أن المسؤولين المصريين أرسلوا الأسبوع الماضي طلباً إلى برن لتجميد أموال تابعة لنظام مبارك، ولم يحدد الطلب اسم مبارك شخصياً، واحتوى على معلومات محدودة للغاية، ولم يرد فيه أي تفاصيل متعلقة بحسابات مصرفية، وفقاً لما ذكره شخص مطّلع على الأمر.

وبعدما طلب النائب العام المصري يوم الاثنين الماضي من الخارجية المصرية أن تطلب التحفظ على أصول مبارك الموجودة في الخارج، أفادت الصحيفة بأن الحكومة السويسرية ستبدأ عما قريب، نتيجة لذلك، تحقيقاً من جانبها لمعرفة ما إن كانت تلك الأموال قد أتت من نشاط غير قانوني أم لا. لكن بريطانيا، ورغم تلقيها طلب من القاهرة لتجميد بعض الأصول، فإنها مازالت تبحث عن أدلة متعلقة بوجود نشاط غير قانوني بموجب قانون المملكة المتحدة، من شأنه أن يسمح لها بالتحفظ على الأموال.

وفي الولايات المتحدة، مازال يبحث مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل عما إن كان للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي أي أصول في الولايات المتحدة، أو أنه استخدم مؤسسات مالية أميركية لنقل أموال غير مشروعة، وحينها فقط ستحدد موقفها. وقال نشطاء في مجال مكافحة الفساد إن الحكومة المصرية الجديدة تتحمل جزءًا من التباطؤ الحاصل في إجراءات فحص الثروات، لافتقارها إلى الرغبة ربما في ملاحقة الرئيس السابق.