صحيح أن رياح الثورات، التي تعصف بأفريقيا الشمالية، غنية بلقمة الحرية. بيد أن هذه الرياح العاصفة غنية، كذلك، بمشاكل تنتظر الاقتصاديات الغربية، في الأشهر القادمة. وبالنسبة للنفط، وهو الملف الأكثر حساسية للعالم الجيوسياسي، فان أسعاره quot;طارتquot;، في الأسابيع الأخيرة، كي تصل الى 115 دولار أميركي لكل برميل برنت، أي ذلك المستخرج من بحر الشمال.


برن:يشير الخبراء السويسريون الى أنه من الصعب جداً التنبؤ بمسار أسعار النفط، للأسابيع القادمة. اذ في ضوء الأحداث الليبية، فان حركة الملاحة البحرية، لقناة السويس، تبقى عرضة للتطورات، على الساحة المصرية، اضافة الى وقوعها ضحية مخاطر توسع الثورات الى بلدان أخرى مجاورة، على رأسها الجزائر!

علاوة على ذلك، في كل مرة قفزت فيها أسعار النفط 100 في المئة، مقارنة بأسعار الأعوام الماضية، فانه كان من السهل للغاية دخول الاقتصاد الأميركي، وبالتالي الاقتصاد العالمي، في حالة من الركود المقلق الذي كان له انعكاسات سلبية على الأسواق المالية الدولية. هنا، يتمسك هؤلاء الخبراء بما جرى في عام 1987 عندما آل ارتفاع أسعار النفط المخيف الى انهيار البورصات الغربية. وتكرر هذا السيناريو، في عام 2008، مع أن الأسباب كان لا علاقة لها بما يجري اليوم لكونها تعلقت مباشرة بالفقاعة العقارية الأميركية وافلاس مصرف quot;ليمان بروذرزquot;.

وبعد مرور ثلاث سنوات، تقريباً، هاهي أسعار النفط تؤكد للجميع أنها quot;ملكةquot; الساحة القادرة على التحكم بالأوضاع الاقتصادية العالمية. في الحقيقة، فان النفط يهيمن على هذه الأوضاع منذ سبعينيات القرن الماضي.

في سياق متصل، يعزي الخبير النفطي ألبيرتو رونكيتي، زيادة أسعار النفط الى سببين اثنين. يتعلق السبب الأول في السياسات quot;غير المعهودةquot; لحفز الأنسجة الاقتصادية العالمية، ومحركاتها، مهما كان الثمن! بيد أن هذه الخطط، وفق رأي الخبير رونكيتي، ينظر اليها الجميع بريبة لكونها تجلب معها مخاطر عظيمة، من شأنها اشعال تسونامي من التضخم المالي في الدول الغربية وغير. هكذا، وللهرب من تقلبات أسعار النفط وانعكاساتها، على أسعار السلع، يلجأ المستثمرون الى اختيار المواد الأولية الأخرى، للدفاع عن أنفسهم.

وينوه الخبير رونكيتي بأن ارتفاع الاستهلاك النفطي، واستئثار النفط بمكانة جيدة جداً داخل الناتج الاجمالي المحلي، واضح جداً في الدول النامية. وكأن نمو هذه الدول منوط، مباشرة، بزيادة الاستهلاك النفطي لديها. وهذا من شأنه التلاعب، صعودياً، بأسعار النفط.