يرى إقتصاديون أن الإرتفاع الأخير في سعر صرف اليورو له تأثيرات مباشرة وأخرى غير مباشرة على الاقتصاد المصري، وقد ظهرت تلك التأثيرات في زيادة أسعار السلع التي تستوردها مصر من دول الاتحاد الأوروبي، ومعظمها من المواد الغذائية، كما إن لها دورًا كبيرًا في ارتفاع أسعار الذهب المرتبطة بانخفاض الدولار.


القاهرة: في البداية يرى الخبير الاقتصادي الدكتور عبد المنعم درويش أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأميركية أن الارتفاع غير المسبوق في سعر صرف اليورو جاء في أعقاب أزمات العملات العالمية بداية من الين، الذي تأثر بشدة بعد الكوارث الطبيعية، والزلازل الذي أدى إلى انهيار اقتصادي في اليابان، كما إن الدولار يعاني هو الآخر بسبب النقص الهائل في الميزانية الأميركية، إضافة إلى أن دول الاتحاد الأوروبي تشهد انتعاشًا في معدلات النمو تفوق مثيلتها في بقية دول العالم المتقدم.

ويؤكددرويش أن لذلك الارتفاع بالغ الأثر في الاقتصاديات على مستوى دول العالم، حيث يتحكم ارتفاع اليورو أمام الدولار في ارتفاع أسعار الطاقة والمعادن النفيسة، وقد ظهر هذا الأثر فيمصر، حيث ارتفع سعر غرام الذهب 3 جنيهات، كما ارتفع سعر برميل البترول، واتجهت الدول الصناعية الكبرى إلى شراء اليورو من السوق الأوروبية.

بالنسبة إلى مصر، فالوضع أكثر تعقيدًا، كما يقول الخبير الاقتصادي، لـquot;إيلافquot; فالدولة منذ بداية العام، وتشهد عملتها تراجعًا كبيرًا أمام العملات العالمية، وقد تكبّد الاقتصاد المصري خسائر فادحة في النصف الأول من العام الحالي بسبب الاحتجاجات العمالية والفئوية المستمرة، والتي أثرت على عجلة الانتاج، وقد اتجهت الحكومة المؤقتة إلى السحب من الاحتياطي النقدي بمقدار 6 مليارات دولار لتعويم سعر الجنيه.

ويضيف درويش أن التأثر المباشر من ارتفاع سعر اليورو في مصر يكون على عملية الاستيراد، فمصر تستورد أكثر من 70% من المواد الغذائية، حوالي 30 منها من دول الاتحاد الأوروبي، كما إن الورادات المصرية في تناقص، مما يجعل المعادلة غير متوازنة،ما يزيد الأمور سوءًا هو الزيادة العالمية في أسعار المواد الغذائية الناتجة من نقص موارد الطاقة واتجاه الدول الصاعدة إلى الوقود الحيوي والغذائي.

في المقابل لا توجد مصادر دخل للعملات الأجنبية في الوقت الراهن، فقد أضحى مناخ الاستثمار الأجنبي في مصر غير مناسب، وكما ذكرنا سالفًا فقد تراجعت الورادات المصرية إلى دول الاتحاد الأوروبي، كما تأثر قطاع السياحة بشدة، أحد أهم مصادر العملة الأوروبية في مصر، كما تراجعت أيضًا تحويلات المصريين العاملين في الخارج.

الخبير الاقتصادي الدكتور حمدي عبد العظيم أكد لـquot;إيلافquot;أن تأثير ارتفاع اليورو على الوضع الاقتصادي المصري يظهر جليًا في المقام الأول في ارتفاع أسعار الواردات الأوروبية إلى مصر، هذا الارتفاع الناتج من فرق وحدة العملة يحدث تضخمًا في السوق، ويؤثر على الأسعار، فترتفع أو تحتاج تحفيزًا ماديًا وضخّ سيولة من الحكومة لإحداث التوازن.

ويتفق الخبير الاقتصادي مع الرأي السابق في أن الفاجعة التي يعانيها الاقتصاد المصري هي حجم الاستيراد الذي لا يقابله انتاج محلي أو واردات تذكر، خاصة في ظل توقف عجلة الانتاج في الربع الأول من العام 2011.

وأضاف عبد العظيم أن السياحة هي القطاع الوحيد الذي يمكنه إحداث الفارق في توفير العملة الأوروبية في السوق المصرية،وبذلك تكون الاستفادة شبه منعدمة من ارتفاع اسعار صرف اليورو، لأن القطاع متأثر بالاضطرابات والثورات والاحتجاجات والاحداث السياسية الملتهبة في مصر والشرق الأوسط، ولكن في حال استقرار الأحوال، فسوف يكون للسياحة دور كبير في استفادة الاقتصاد المصري من قوة اليورو، خاصة أن أكثر من 50% من السائحين الذين يتوافدون على مصر من دول أوروبية.