تتبادل البرازيل والصين والولايات المتحدة الأميركية الاتهامات حول من الواقف وراء حرب العملات. ولا يستبعد الخبراء السويسريين أن يدخل الفرنك السويسري القوي الى خط هذه الاتهامات في الشهور القادمة، اذا ما واصلت العملة الوطنية السويسرية تفوقها، بسهولة، على اليورو! في الحقيقة، فان ما يجري من أحداث، في أسواق العملات الدولية، لا علاقة له بقوة الدولار الأميركي أم لا. اذ يبدو أنها تسير وفق مخطط يعتمد على نموذج اقتصادي قديم، معروف باسم quot;مونديل فليمينغquot; (Mundell-Fleming).


برن:يفيد الخبراء أن نموذج quot;مونديل فليمينغquot; يتمثل في عدم امكانية نقل رؤوس الأموال، بحرية، من مكان الى آخر، بصورة موازية اضافة الى صعوبة تطبيق سعر صرف ثابت، بين العملات، وغياب السياسات المالية المستقلة. بالطبع، فان هذا النموذج يجر معه، حتى لو كنا في قرن متقدم على جميع الجهات، باقة من المشاكل التي تنعكس، أولاً، على الدول الصناعية المتقدمة، على رأسها الولايات المتحدة الأميركية أين تعطي الاستثمارات أصحابها، مهما كان نوعها، مردوداً ضعيفاً على عكس أسواق الدول النامية التي بدأت تستقطب اليها، حتى في غياب الدعايات والاعلانات، المستثمرين الدوليين وأموالهم.

في سياق متصل، يشير الخبير كريستوف غوبسر الى أنه يوجد عامل مشترك يجمع، حالياً، سويسرا والدول النامية تحت سقف واحد هو عدم الرغبة في أن تقفز قيمة العملات الوطنية الى فوق الحد المعقول. بيد أن تدخل المصرف السويسري المركزي، في الوقت الحاضر، للجم سعر الصرف المتعاظم بين الفرنك السويسري، من جهة، واليورو والدولار الأميركي، من جهة ثانية، من شأنه تمهيد الطريق أمام جولة جديدة من التضخم المالي أي زيادة كارثية لأسعار المواد الاستهلاكية.

هذا ويرى الخبير غوبسر أن لوبي المضاربات الدولية تريد الضغط على حكومة واشنطن كي تهجر الأخيرة سياستها المالية المستقلة. ما يعني أن الاحتياطي الفيدرالي عليه الابتعاد عن كافة المحاولات لترسيخ أوضاع الاقتصاد الأميركي، والتوجه بالتالي الى اعادة الدولار الأميركي الى مجده القديم. وهذا أمر غير متوقع أبداً الا في حال أراد حاكم الاحتياطي الفيدرالي اتباع سياسة مالية انتحارية!

في ما يتعلق بسويسرا، يتوقع الخبير غوبسر أن يفرض المركزي السويسري رقابة مشددة على جميع الأموال المتوجهة من والى سويسرا بهدف اختبار اجراءات مالية جديدة، ستطفو على السطح، في الشهور القادمة، للتخفيف من وطأة قوة الفرنك السويسري على بعض القطاعات الحيوية، كما السياحة والتجارة الخارجية.