حذر تقرير زراعي من تأثير إرتفاع أسعار الأسمدة بنسب تتراوح ما بين 50% و100% على المحاصيل الصيفية في مصر.


القاهرة: حذر تقرير زراعي من تأثير إرتفاع أسعار الأسمدة بنسب تتراوح ما بين 50% و100% على المحاصيل الصيفية في مصر، ودعا التقرير الصادر عن مركز أولاد الأرض لحقوق الإنسان، المعني بالدفاع عن حقوق الفلاحين في مصر، إن سعر طن الأسمدة ارتفع بشكل مفاجيء ضمن الأزمات المفتعلة التي تعيشها البلاد في المرحلة الراهنة.

وأوضح التقرير الذي حصلت quot;إيلافquot; على نسخة منه أن سعر شيكارة اليوريا أي العبوة زنة 5 كيلو جرام ارتفع من 75 جنيها إلى 125 جنيها وشيكارة النترات زنة 50 كيلو جرام ارتفع من 50 إلى 100 جنيها وتضاعف سعر السوبر فوسفات عما كان عليه. ودعا المركز رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف إلى إعادة الدعم على الأسمدة، لتصل إلى المزارع بسعر مناسب مما يساهم في خفض تكلفة زراعة المحاصيل ويساهم فى رفع مستوى معيشة الفلاحين الذي سقطوا في العهد السابق تحت خط الفقر.

ومضى التقرير يوضح جذور الأزمة التي تسببت في تراجع مصر زراعياً قائلاً: برزت أزمة الأسمدة في مصر منذ 15 عاما وأدت القرارات الوزارية المتعاقبة إلى تفاقمها وخاصة تلك القرارات الخاصة بتوزيع الأسمدة وأيضا القرارات التي فرضت رسوما جديدة عليها. وضرب مثالاً بالقرار الوزاري رقم 2723 لسنة 2003 الذي فرض رسوما على شراء الأسمدة لمصلحة صندوق المعاشات والإعانات بنقابة المهن الزراعية رغم أن الفلاحين ليسوا أعضاء بتلك النقابات، ولحقه قرار رئيس الوزراء الأسبق رقم 740 في مايو 2004 والذي نص على زيادة سعر الغاز من 14 قرشا إلى 18 قرشا لكل متر مكعب ولان الغاز أحد المكونات الرئيسية في صناعة الأسمدة، الأمر الذي أدي إلى ارتفاع أسعارها بنسبة 10% لليوريا العادية و 8 % لليوريا المخصوص و8% لنترات النشادر و5% لسلفات النشادر وبشكل إجمالي فقد تضاعف سعر طن اليوريا من 650الى 1400 جنيها وسعر طن النترات من 620 إلى 1100 جنيها وقد ساهم في هذا الارتفاع فرض ضريبة مبيعات على الاسمده المحلية بلغت حوالي 5% ورسوم جمركية على الواردات من أسمدة النترات واليوريا بلغت 20% وعلى سلفات النشادر بنحو 10% وعلى سلفات البوتاسيوم 5% ومن العجيب أن إجمالي إنتاج شركات الأسمدة المصرية يبلغ 8,2 مليون طن في حين أن احتياجات الزراعة الفعلية كما قدرتها وزارة الزراعة تصل إلى 10,4 مليون طن سنويا بالإضافة إلى نسبة 10% احتياطي لمواجهه الأزمات أي أن العجز السنوي في سوق الأسمدة يصل 2,2 مليون طن سنويا.

وانتقد التقرير السماح بتصدير الأسمدة للخارج رغم عدم كفاية الإنتاج لسد حاجة السوق المحلية، مشيراً إلى أن الحكومة تسمح لشركات الأسمدة بتصدير 10% من إنتاجها، ولم تلتزم تلك الشركات بالنسبة المخصصة للتصدير، وتجاوزتها إلى 24% من الإنتاج المحلى سعيا وراء الربح الكبير حيث أنها تبيع الأسمدة في السوق المحلى بسعر 480 جنيها للطن في حين أن السعر العالمي وصل الى200 دولار مما أدى إلى نقص الكميات المتاحة للاستهلاك المحلى بنسبة لا تقل عن 30% وقد أدى ذلك النقص إلى ارتفاع الأسعار.

وحمل التقرير بشدة على وزير الزراعة السابق أمين أباظة، بسبب إلغاء الدعم على الأسمدة ليزيد، مما أدي إلى زيادة الأزمة، هذا في الوقت الذي تقوم فيه الدول المتقدمة مثل أمريكا وفرنسا بدعم مزارعيها، وقال: كان يجب على وزارة الزراعة لإنقاذ ما يمكن انقاذة أن تتبع سياسة تسويقية واضحة تتيح وصول الأسمدة إلى المزارع بيسر ودون وسطاء للوصول إلى اقل سعر ممكن غير أن المتأمل لسياسة الوزارة في هذا المجال لا يمكن أن يرى غير التخبط والعشوائية فقد أصدر وزير الزراعة في عام 2001 قرارا بتوزيع الأسمدة بنسبة 20% للجمعيات الزراعية و20% لبنك التنمية والائتمان الزراعي و 60 % للقطاع الخاص ولم تتعد سوى شهور قليلة حتى أصدرت الزراعة قرارا ثانيا يعيد تنظيم وتوزيع حصص الاسمده من جديد حصل بمقتضاه بنك التنمية على نسبة 50% والقطاع الخاص على 30% والجمعيات الزراعية على 20% ثم صدر قرار ثالث بإعاده تحديد نسب التوزيع على أن يحصل القطاع الخاص على 35% وبنك التنمية على 35% والجمعيات الزراعية على 30% ولم يمهل وزير الزراعة هذا القرار الوقت الكافي ليحقق الاستقرار في السوق فقام بإصدار القرار الرابع في يونيو عام2004 والذي ينص على احتكار إنتاج شركات الاسمده لصالح بنك التنمية والائتمان الزراعي رغم أن هذا القرار يخالف قرار رئيس الوزراء رقم 1669 لعام 2003 وكذلك قرار نائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة رقم 3356 بشأن توزيع الاسمده المحلية ثم اصدر وزير الزراعة القرار الأخير رقم 2225 في أغسطس عام 2004 بان تكون نسب توزيع الاسمده 35% لبنك الائتمان و35% للقطاع الخاص و30% للجمعيات الزراعية هذه القرارات المتتالية الخاصة بتوزيع الأسمده أدت إلى التخبط وبالتالي إلى تفاقم الأزمة.

وقال التقرير إنه رغم أن 60% من الفلاحين في مصر لا يمتلكون حيازات زراعية، فإن بنك التنمية والائتمان الزراعي يشترط أن يمتلك المزارع حيازة زراعية، مما أدي إلى عدم وصول الاسمدة إلى معظم المزارعين خاصة بعد تطبيق قانون المالك والمستأجر في الأرض الزراعية والذي بموجبه تم سحب الحيازات من المستأجرين أي أن البنك يقوم بتوزيع الاسمده على الملاك والذين يقومون بدورهم ببيعها في السوق السوداء مما أدي إلى الارتفاع الكبير في أسعارها.

وطالب التقرير البنك بصرف الأسمدة للمزارعين الذين لا يملكون حيازة زراعية عن طريق إجراء معاينات فعلية للأراضي الزراعية بمعرفة مديريات الزراعة واشتراك البنك في هذه المعاينات ويتم صرف المقررات الخاصة بهم طبقا للمعاينة، مع إتاحة الفرصة للشراء بالتقسيط لغير القادرين على الشراء نقدا حتى نهاية الموسم على ألا يكون العميل مدينا للبنك بمديونيات تستحق السداد ، وأشار التقرير إلى أن تلك اللوائح منصوص عليها في بنوك المحافظات إلا أنها لا تنفذ، مما أدي إلى إجبار المزارعين على شراء الأسمدة من السوق السوداء خاصة وان بنك التنمية يقوم بصرف 6 شيكائر فقط للفدان في الوقت الذي يصل فيه الاحتياج الفعلي من 10 إلى 12 شيكارة للفدان.

وطالب التقرير بإعادة تفعيل دور الجمعيات التعاونية الزراعية، التي كانت مسؤولة عن توفير المستلزمات الزراعية للفلاح، والتي تم تجميدها منذ العام 1997، وكان من نتائج ذلك أن صار توريد الأسمدة للمزارعين مشروعا إنتاجيا يهدف إلى الربح.

ووفقاً للتقرير فإن حل أزمة الاسمدة يتوقف على قيام وزارة الزراعة بتعديل نسب الحصص المخصصة للتوزيع والنزول بالنسبة المخصصة للقطاع الخاص من 35% إلى 20% وإضافة فارق النسبة من هذه الحصة إلى نسبة الجمعيات التعاونية الزراعية لتصبح45% بدلا من 30% وزيادة المقررات المحددة للفدان بما يتناسب مع الاحتياجات الفعلية، بالإضافة إلى تولي الحكومة ممثلة في وزارة الزراعة و بنك التنمية والائتمان الزراعي عملية استيراد المزيد من الأسمدة لسد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك وإلزام شركات الأسمدة بعدم تجاوز ما تصدره 10% من إنتاجها إلى أن يتم تغطية احتياجات السوق المحلى، وتشديد الرقابة على منافذ التوزيع لعدم خلق سوق سوداء مع إلزام التجار بالأسعار.