أوروبا والولايات المتحدة تتحركان لتهدئة القلق المالي

تدافع مسؤولون إقتصاديون كبار من أنحاء العالم كافة من أجل إحتواء التداعيات الخاصة بالخفض غير المسبوق للتصنيف الائتماني للولايات المتحدة والتدهور الخطر الذي طرأ أخيراً على الأوضاع الاقتصادية في القارة الأوروبية.


القاهرة: إنضم مساء أمس كل من وزير الخزانة الأميركي، تيموثي غايتنر، ورئيس الاحتياطي الفدرالي، بن برنانكي، إلى نظراء لهم من ستة من أكبر الاقتصاديات في العالم في مؤتمر صحافي عبر الهاتف لمناقشة الآلية التي ستتعامل من خلالها الأسواق العالمية مع الخطوة التي قررت بموجبها وكالة ستاندرد آند بورز تخفيض علامة الولايات المتحدة المالية والتصاعد الحاصل كذلك في أزمة الديون الأوروبية.

ثم أصدر المسؤولون بعد ذلك بياناً يتعهدون فيه بدعم الاستقرار المالي. وفي الوقت نفسه، أشار المصرف المركزي الأوروبي ndash; عقب اجتماع تم تنظيمه على عجل ndash; إلى أنه سيستثمر في أسواق السندات الأوروبية، في محاولة لدعم إيطاليا واسبانيا ndash; صاحبي رابع وخامس أكبر كيانات اقتصادية في أوروبا ndash; في خضم أزمتيهما المالية.

وأكدت اليوم صحيفة واشنطن بوست الأميركية أن المسؤولين الأميركيين والأوروبيين يقومون الآن بمحاولات لتهدئة مشاعر القلق التي تكونت أخيراً بشأن وضعية الاقتصاد العالمي، في الوقت الذي بدأت تهدد فيه خطوة خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة ومشكلات الديون الأوروبية بأن تتغذى على بعضها البعض، وهو ما سيؤثر بالتالي على الأسواق والاقتصاد الضعيف على جانبي المحيط الأطلسي.

ومضت الصحيفة تقول إن تلك التحركات الطارئة أعادت إلى الأذهان الطريقة التي تم التعامل من خلالها مع الأزمة المالية عام 2008، وبشّرت بحدوث تقلبات شديدة في أسواق المال العالمية خلالهذا الأسبوع.

فقد تراجع الدولار خلال عطلة نهاية الأسبوع، بينما ارتفعت أسعار الذهب. كما تهاوت الأسواق في منطقة الشرق الأوسط، وبدت الأسهم الأميركية سلبية. وتراجعت الأسواق الآسيوية في الجلسة الافتتاحية.

وعقب انتهاء المؤتمر الطارئ الذي أجري عبر الهاتف عشية أمس، وضم كل من غايتنر وبرنانكي، أعلنت أكبر سبعة كيانات اقتصادية عن دعمها الإجراءات التي بادرت باتخاذها الولايات المتحدة وأوروبا، وتعهدت باتخاذ إجراءات منسقة وقت اللزوم، لضمان السيولة ودعم أداء السوق المالية والاستقرار المالي والنمو الاقتصادي. وقالوا إنهم سيتخذون إجراءات تعنى بكبح جماح التقلبات الحاصلة في تداول العملات.

وفي خضم هذا الغموض، أعلنت إدارة أوباما يوم أمس الأحد أن غايتنر، أكثر المستشارين الاقتصاديين عملاً مع الرئيس، سيبقى في منصبه حتى خريف 2012. وسبق لغايتنر أن أخبر أوباما بأنه مستعد للتقدم باستقالته، بعدما توصل القادة إلى اتفاق يعني برفع سقف الدين خلال الأسبوع الماضي، لكن الرئيس طالبه بالاستمرار.

ثم تحدثت الصحيفة عن حالة الجدال التي نشبت بين مختلف الأحزاب السياسية في الولايات المتحدة في أعقاب خفض تصنيف البلاد الائتماني من جانب وكالة ستاندرد آند بورز. وقال معظم المحللين إن الأسواق كانت مهيأة لاتخاذ خطوة التخفيض من جانب ستاندرد آند بورز، التي ظلت تطلق تحذيرات بشأن هذا التخفيض على مدار أشهر.

ورغم أن التأثير المباشر قد يكون محدوداً، إلا أن خطوة التخفيض عمقت من حدة المخاوف ومشاعر القلق المتعلقة بالوضعية الاقتصادية للولايات المتحدة وأميركا.

وينتظر أن تصدر اليوم وكالة ستاندرد آند بورز إرشادات توجيهية أكثر تفصيلاً بشأن تأثير خطوة التخفيض على كثير من الكيانات التي تعتمد تصنيفاتها الخاصة على تصنيف AAA الخاص بالحكومة الأميركية. وينتظر أن يجتمع الاحتياطي الفدرالي يوم غد الثلاثاء وسط أدلة متزايدة على أن الانتعاش الاقتصادي الأميركي يتعثر.

ومن المتوقع، طبقاً للصحيفة، أن يُخفِّض المصرف المركزي تقويمه للاقتصاد الأميركي، وأن يفكر كذلك في اتخاذ خطوات بسيطة جديدة لتعزيز النمو الاقتصادي، مثل التعهد بمواصلة جهوده الراهنة لدعم الاقتصاد لفترة أطول.

ومن غير المحتمل أن يتخذ مسؤولو الاتحادي الفدرالي خطوة مهمة نحو تحفيز الاقتصاد في هذا الاجتماع المرتقب. وقالت في الختام راج بادياني، الخبيرة الاقتصادية لدى مؤسسة quot;آي.اتش.إسquot; غلوبال انسايت لاستشارات المخاطر في لندن، إن الإجراءات التي اتخذها المصرف المركزي الأوروبي تمثل تصويتاً بالثقة في الحكومات المعنية ومحاولةً لتوفير هزة حادة للمشاعر السلبية التي تجتاح اسبانيا وايطاليا في تلك الأثناء. وإن كان المحللون يرون أن مثل هذه الإجراءات قد لا تعدو كونها حلاً على المدى القصير.

من جهته دافع الرئيس الاميركي باراك اوباما اليوم الاثنين عن وضع بلاده الائتماني بعدما خفضت وكالة ستاندرد اند بورز تصنيف الولايات المتحدة، مؤكدا ان مشاكل الاقتصاد الاميركي quot;قابلة للحلquot; ولكن تلزمها الارادة السياسية.

وكشف اوباما انه سيطرح عددا من المقترحات لخفض العجز الاميركي quot;خلال الاسابيع المقبلة، وقال ان الولايات المتحدة ستبقى دائما بلدا بتصنيف quot;ايه ايه ايهquot;، وهو اعلى تصنيف ائتماني، داعيًا الجمهوريين الى الموافقة على زيادة الضرائب على الاميركيين الاثرياء.