رئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس ثاباتيرو

أثارت تصريحات أعضاء البرلمان الإسباني حول ممتلكاتهم الخاصة جدلاً واسعاً في الشارع الإسباني الذي اعتبرها إستفزازاً مالياً من قبل حكام البلاد، الذين يعيشون رفاهية مالية متباينة على الرغم من أزمة البطالة الخانقة التي تشمل 5 ملايين إسباني.


مدريد: أثارت تصرحات الممتلكات الخاصة بأعضاء البرلمان الإسباني جدلاً واسعاً في الشارع الإسباني ومختلف وسائل الإعلام المحلية والدولية، فبينما اعتبرها الساسة الإسبان تمريناً سياسياً للشفافية كنموذج محلي وأوروبي قبيل موعد الإنتخابات العامة يوم 20 نوفمبر القادم وصفها المواطن الإسباني بأنها إستفزاز مالي وسلطوي من قبل حكام البلاد الذين يعيشون رفاهية مالية متباينة وسط أزمة بطالة خانقة تشمل نحو 5 مليون إسباني، في الوقت الذي تفرض فيه الحكومة سلسلة من الإجراءات التقشفية الصارمة على المواطنين، وقد تتبعت إيلاف تداعيات هذا الجدل في الشارع الإسباني الذي بدا مستاء من ثراء نواب الشعب بينما يتخبط هو في أفول الأزمة والفقر.

فتصريحات ممتلكات نواب البرلمان جاءت لتسبق موعد انطلاق حملة الإنتخابات التشريعية وحل غرفتي البرلمان فقد علقت رواتب وممتلكات أعضاء البرلمان الإسباني على صفحة الويب ما أثار فضول المواطن الإسباني من مختلف الطبقات والذي إنقض على الموقع الإلكتروني الخاص بالبرلمان لمعاينة رواتب رئيس الحكومة ورئيس البرلمان وأهم زعماء المعارضة وهنا إنفجرت العملية الحسابية والتي تبعتها محاسبة رقمية مرئية تحت شعار من أين لك هذا؟

وهل رواتب البرلمانيين كافية لتوفير أموال طائلة لشراء بيوت وقطع أرض؟ أما الجالية العربية المقيمة في إسبانيا فقد انضم بعضها لآراء الإسبان وتقاسم تساؤلاتهم بينما إنطلق آخرون لطرح تساؤلات ومطالب تصب في واقع رجال السياسة العرب وهل على الأقل ساسة العرب سيتبعون شفافية نظرائهم الإسبان ويصرحون بممتلكاتهم ذات يوم؟.

ثراء النواب يفجر وابلا من التساؤلات

فموقع البرلمان الإسباني أظهر تفاوتاً كبيراً في ممتلكات أعضائه من مختلف الأحزاب والتيارات الإيديولوجية وهذا بعد انطلاق العد التنازلي للإنتخابات العامة المتقدمة التي ستشهدها البلاد يوم 20 نوفمبر القادم فعلى سبيل المثال أظهرت التصريحات الوضع المالي المريح للبعض والحياة القاسية التي تعانيها شخصيات سياسية بارزة كـquot;سانياغو كاريوquot; الزعيم السابق للحزب الشيوعي الإسباني والذي لا يصل معاشه إلى الـ700 يورو وظهر رئيس الوزراء خوسيه لويس رودريغيث ثاباتيرو بأنه إلى حد الساعة لا يملك بيتاً خاصاً - لكن لديه قطعة أرض ينوي بناءها ndash; في مسقط رأسه مدينة ليون بينما ماريانو الراخوي، زعيم الحزب الشعبي المعارض المرشح لتولي رئاسة الحكومة الإسبانية القادمة حسب استطلاعات الرأي، لديه 4 بيوت، وحصل من تأجير بعضها في العام السابق على أكثر من 11 ألف يورو.

بينما يبلغ الحساب المصرفي لمرشح الحزب الاشتراكي في الانتخابات المقبلة، ألفريدو بيريث روبالكابا، مليون يورو وأظهر الموقع أيضاً أن لدى رئيس البرلمان خوسيه بونو، من الحزب الاشتراكي، هكتارين من الأراضي بنى عليها عدة منازل ... ويملك فرانثيسكو خابيير غوميث، من الحزب الشعبي، عمارتين في مدينة سغوبيا وأخرى في أليكانتي ndash; الساحلية -، أما غاسبار جاماثاريس، المتحدث باسم تجمع اليسار المتحد، فإنه يملك مع زوجته منزلاً واحداً وسيارة، ويبلغ حسابه في البنك 300 ألف يورو وعلق جاماساريس عن أمواله قائلاً quot;الكل يعتقد أن شخصيات اليسار تبيت تحت جسر وحالها متدهور لكن نحن أشخاص ومن حقنا أن نملك ونكسبquot;.

ويملك المتحدث باسم الحزب الجمهوري الكاتالاني في مجلس النواب، خوان ريداو، 7 منازل حصل عليها بين عامي 1998 و2009، و100 ألف يورو ... ويملك المتحدث باسم حزب التقارب والتآخي في مجلس الشيوخ، جوردي بيلاجوانا، 10 منازل، وعدداً من المحلات، و4 سيارات، ومركباً، ويبلغ حسابه في البنك 260 ألف يورو، ولديه من الأسهم ما يبلغ قيمته 60 ألف يورو.

شباب حركة 15 مايو في إسبانيا يعتبرون الساسة قراصنة

يقول إريكي لوبيث عضو حركة شباب 15 مايو في حديثه لـ إيلاف بأن تصريحات الرواتب والملكية الخاصة بنواب الشعب ما هي إلا كوميديا شفافية سياسية لا تعكس إطلاقاً الواقع الذي نعيشه في إسبانيا فبينما يتخبط نحو 5 ملايين شخص في البطالة القاسية تجد نوابا لديهم 7 أو 10 منازل وعقارات أخرى لا نعلمها ويضيف محدثنا quot; أعتقد أنهم قراصنة سياسيون نهبوا ثروة الشعب وهاهم اليوم يدعوننا للتقشف وهذا أمر مخجل للغاية ويدعونا كشباب منتفض إلى تكثيف نشاطنا لمحاسبتهم.

وتقطع حديث إيريكي مواطنة إسبانية في الخمسين من عمرها لتقول quot;كل ما نشر يمثل نسبة ضعيفة من الحقيقة التي يجب أن تنشر وكيف نفسر الإمتيازات التي كان يستفيد منها النواب خلال السنوات التي قضوها لتمثيل الشعب وكيف يمكن لنائب في البرلمان أن يوفر أموالاً طائلة من أجره الذي لا يتعدى 4 آلاف يورو شهرياً ويمتلك منازل وعقارات وملايين الدولارات في الخارج وتقول المواطنة إن على العدالة التحرك لمحاسبتهم.

ويقول أنتونيو خيمينسيث عضو نقابي في إتحاد العمال الإسبان إن من حق الشعب أن يطلع على ممتلكات الحكام والنواب ولكن ما يمكن مراقبتهم عبر هذه التصريحات هو الثراء الفاحش الذي يعيشه عدد كبير من النواب في الوقت الذي تشهد فيه البلاد أزمة بطالة حادة وصلت إلى نحو 5 ملايين بطال ويرى أن التمرين السياسي الذي أطلقه النواب عبر صفحة الويب الخاصة بالبرلمان قد يثير جملة من التساؤلات أولها/ لماذا تم عرض هذه المعطيات المالية في الوقت الراهن وبالذات قبل موعد الإنتخابات العامة؟ ويعتبر العضو النقابي أن أجر العامل في إسبانيا لا يكفيه حتى لإتمام الشهر في الوقت الذي يمتلك النواب عقارات لا تحصى وفقط تلك التي صرح بها ودونت بأسمائهم.

وعبرت تقارير إستطلاعات الرأي التي أجرتها صحيفة الموندو الإسبانية عن سخط الشارع الإسباني وصدمته بخصوص الثراء الفاحش الذي يعيشه نواب البرلمان بينما يتخبط المواطن البسيط في زوبعة إضطرابات إجتماعية وإقتصادية وذكر المشاركون في إستطلاعات الرأي أنهم لم يتوقعوا إطلاقاً الثراء الذي يعيشه النواب والذي سمح للبعض بتشكيل ثروة طائلة تحسب بالملايين من الدولارات.

ويتصدر فرانسيسكو جافييه دارمدريل قائمة النواب الأثرياء، وقد خسر هذا النائب عن الحزب الشعبي الانتخابات في العالم 2004 وحسب laquo;ألموندوraquo;، فإن دارمدريل قد صرح بأنه يمتلك 22 عقاراً، حصل على بعضها كهدايا أثناء فترة خدمته ... أما السيناتور خوسيه لويس باريرو فقد تبين أن بحوزته 17 عقاراً، بما في ذلك فندق فخم في أرخبيل جزر الكناري.

وأشار تقرير الصحيفة إلى أن زعيم تحالف الشيوعي غاسبير لمنزاريس، يمتلك حساب توفير بنصف مليون دولار، إضافة إلى أصول أخرى، وإنضم إلى القائمة أيضا كل من رئيس الوزراء خوسيه رودريغيز ثاباتيرو وزوجته، إذ تثبت التقارير المالية إمتلاكهما مبالغ مالية معتبرة لا تتناسب مع المداخيل المعروفة.

والفضيحة طالت أيضاً النائب المحافظ ماريانو الراخوي، الذي من المحتمل أن يخلف ثاباتيرو في منصب رئيس الوزراء، في نوفمبر المقبل، إذ كشف التقرير أنه يمتلك نحو مليون دولار، إضافة إلى منزل في مدريد وآخر في جزر الكناريس.

المواطن العربي في إسبانيا يحلم بتجربة مماثلة في وطنه

وسط الجدل السياسي والجماهيري الذي أحدثته تصريحات النواب بممتلكاته يقف المواطن العربي في إسبانيا ليتابع هذه التجربة وتداعياته ولكن بوجهة نظر خاصة ترتبط أساساً بالوضع الذي يشهده العالم العربي والرفاهية التي ينعم فيها الحكام العرب ويقول لنا أيوب مهاجر سوري يقيم في مدريد بأنه يتمنى رغم ما أحدثته هذه التصريحات من رد فعل عنيف أن يصرح ذات يوم قادة العرب ولو بنسبة 10 بالمائة عن ممتلكاتهم الحقيقية والمكتسبات التي نهبوها من ثروة شعوبهم ويضيف قائلاً quot;الحقيقة أننا تتبعنا هذه القضية هنا في إسبانيا وتمنينا رغم ضبابيتها أن نسمع عنها في دولنا العربية وأن يأتي يوم ويصرح النواب والقادة العرب عن ممتلكاتهم أمام الشعب دون عقدةquot;.

و يرى المهاجر السوري بأن أسباب اندلاع الثورلات العربية في سوريا وتونس ومصر هو نهب الحكام و النواب لممتلكات الشعب العربي وكيف نفسر الفقر والإضطهاد الذي نعانيه في وطننا العربي والبطالة المتفشية في صفوف شبابنا على حد قوله.

من جهته يقول محمد مهاجر مغربي عضو في نقابة العمال المغاربة في إسبانيا إن تجربة الشفافية السياسية والمالية في إسبانيا رائدة رغم كل ما قيل ويقال عنها في الوقت الذي تنعدم فيه إطلاقاً تلك الشفافية في المغرب على سبيل المثال وكل دول الوطن العربي ويقول أعتقد أن النائب البرلماني في الدول العربية يدخل فقيرا ويخرج ثريا هو وعائلته وسط فضائح رشوة وممتلكات أغلبها غير مصرح بها ومهربة إلى دول أوروبا حتى يفلت من المراقبة ذات يوم.

ويعتبر من جانبه المهاجر الجزائري طارق بأن تجربة الشفافية في الوطن العربي مستحيلة ويرى أن التصريحات بممتلكات النواب في إسبانيا تعد نموذجاً إيجابياً رغم غموضها الواضح لكن مثل هذه المبادرات مفيدة ديمقراطياً ويضيف قائلاً في الجزائر تم إعلان إجراءات صارمة لمكافحة الفساد والرشوة ومتابعة ممتلكات النواب لكن لم يطبق من ذلك أي شيء على أرض الواقع وكل ما سمعناه وتابعناه تعلق بمعاقبة طائفة قليلة ضعيفة في الحكم وهذا أمر يخجلنا كعرب ومسلمين نؤمن بالله وعلينا حفظ الأمانة.