الدوحة: مع انقضاء عام وبزوغ عام جديد برزت دولة قطر كأحدى الدول الأسرع نموا اقتصاديا على المستوى العالمي في وقت خيم فيه هاجس الخوف من تكرار حدوث أزمة اقتصادية عالمية جديدة في ظل عدم اتضاح الرؤية وسط تفاقم أزمة الديون الاوروبية وتزايد العجز في الميزانية الاميركية إضافة إلى الانعكاسات السلبية على اقتصادات الدول التي شهدت اضطرابات جراء ما سمي quot;بثورات الربيع العربيquot;.
ومن المتوقع أن تسجل قطر نموا يتجاوز 20 بالمائة نهاية العام 2011 وفقا لما أعلن عنه حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى في خطابه الذي ألقاه أمام الدورة الأربعين لأعمال مجلس الشورى، مؤكدا ان قطر من أسرع الاقتصاديات نموا في العالم.


وتعمل دولة قطر وفقا لخطط راسخة تؤسس لتنمية مستدامة بما يحقق quot;رؤية قطر الوطنية 2030quot; والتي ترتكز على تدعيم التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية وتحويل الاقتصاد من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد معرفي. ويتوقع أن يرتفع إجمالي الناتج المحلي لدولة قطر، من 547 مليار ريال العام 2011 إلى 775 مليار ريال خلال العام 2016 وفقا للبيانات التي أعلنت عنها استراتيجية التنمية الوطنية لدولة قطر 2011-2016 التي تم تدشينها في شهر مارس الماضي والتي تعد ترجمة للأهداف الطموحة لرؤية قطر الوطنية والتي تهدف إلى رسم quot;قطر المستقبلquot; وإرساء أسس التنمية الدائمة في البلاد،. وتتوقع هذه الاستراتيجية ان يصل حجم إجمالي الاستثمار المحلي 820 مليار ريال خلال الفترة 2011-2016. ويتابع الاقتصاد القطري مسيرته التنموية التي بدأت قبل سنوات والتي توضحها الأرقام حيث بلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لسنة 2010، (16,6) بالمائة، كما حققت قطر معدل نمو سنوي بلغ 15,7 بالمائة في الفترة من 2006 إلى 2010 .


وشهدت قطر تطورات اقتصادية بارزة في سياق تطوير استراتيجيات طويلة الأمد حولت مسار الدولة من دولة ذات اقتصاد يعتمد على تصدير البترول بشكل خام إلى دولة حديثة تصل بمنتجاتها إلى مختلف أصقاع العالم وتحتل الريادة العالمية في صناعاتها ومنتجاتها المتعددة. وبعد أن أصبحث قطر لاعبا رئيسيا في صناعة الغاز الطبيعي المسال عالميا بوصول إنتاجها إلى 77 مليون طن سنويا، كان العام 2011 المسار الأبرز لتحقيق إنجازات اقتصادية من خلال افتتاح مشاريع ريادية ساهمت بوضع الدولة على الخارطة العالمية لتكون منافسا قويا لأكبر الدول العالمية. والشاهد على هذه المسيرة التنموية المشاريع التي باشرت دولة قطر بتنفيذها في شتى المجالات الاقتصادية خلال العام 2011 وفق استراتيجية وهدف التنويع الاقتصادي، ومن أبرز هذه المشاريع مشروع quot;برزانquot; الذي سيساهم في جعل قطر تصبح لاعبا رئيسا في صناعة الغاز البترولي المسال في العالم خلال السنوات المقبلة حيث سيصل إنتاجها إلى 14 مليون طن سنويا بارتفاع أربعة ملايين طن سنويا من مستوى الإنتاج الحالي من هذا الغاز.


وسينتج مشروع برزان للغاز الذي تم وضع حجر أساسه شهر نوفمبر الماضي وبتكلفة تصل إلى حوالي 10,3 مليار دولار أي نحو 37,5 مليار ريال قطري ، نحو 1,4 مليار قدم مكعبة من الغاز يوميا.
وسيتم تشغيل خط الإنتاج الأول لمشروع برزان الذي يهدف لتوفير وتلبية الطلب على منتجات الغاز في السوق المحلية في الربع الثالث من العام 2014 بطاقة إنتاجية تبلغ 700 مليون قدم مكعبة يوميا، على أن يتم بدء الإنتاج من الخط الثاني في الربع الأول من العام 2015 بطاقة إنتاجية مماثلة، كما سينتج هذا المشروع إضافة إلى الغاز المخصص للاستهلاك المحلي حوالي 23 ألف برميل يوميا من المكثفات و1900 طن يوميا من غاز الايثان إلى جانب غاز البترول المسال (ال بي جي) من خلال إنتاج نوعين من الغاز وهما البروبان بطاقة إنتاجية تبلغ حوالي 860 طن يوميا وغاز البيوتان بطاقة إنتاجية تبلغ 680 طن يوميا إضافة إلى نوع آخر من المكثفات بمعدل 6 آلاف برميل يوميا.


وقد حققت قطر إنجازا في مجال صناعة تحويل الغاز إلى سوائل العام 2011 حيث وصل إنتاجها مع افتتاح مشروع اللؤلؤة خلال العام الجاري إلى 170 ألف برميل يوميا من سوائل الغاز الطبيعي.
ويعتبر مشروع اللؤلؤة لتحويل الغاز إلى سوائل الذي تم تدشينه شهر نوفمبر الماضي بتكلفة بلغت نحو 19 مليار دولار ظاهرة عالمية في تقنية تحويل الغاز إلى سوائل، حيث يقدم أكبر مصنع لتحويل الغاز إلى سوائل في العالم، وأكبر سعة لإنتاج زيوت تشحيم أساسية بجودة فائقة على مستوى العالم، إضافة إلى أنه يعتبر أكبر منشأة في العالم منتجة لمادة quot;البارافينquot; العادي المعتمدة على تحويل الغاز إلى سوائل.
ويقدم المشروع الذي تبلغ طاقته الإنتاجية الكاملة 140 ألف برميل يوميا، أجود منتجات تحويل الغاز إلى سوائل بالإضافة إلى 120 ألف برميل يوميا من غاز البترول المسال والمكثفات والإيثان وأكبر سعة تكسير هيدروجيني في مكان واحد في العالم، وأكبر حجم إنتاج للاوكسيجين في مكان واحد على مستوى العالم.


وينتج المشروع في مرحلته الاولى نحو 70 ألف برميل يوميا من منتجات تحويل الغاز إلى سوائل و60 ألف برميل يوميا من سوائل الغاز الطبيعي والايثين، كما يتوقع أن تبدأ المرحلة الثانية من الإنتاج في مشروع اللؤلؤة قبيل نهاية العام الحالي ليصل المشروع إلى كامل طاقته الإنتاجية قبل منتصف العام 2012. ويعتبر إحداث تنمية صناعية متوازنة أحد أهم أهداف قطاع الطاقة الذي تنتهجه قطر وذلك من خلال توسيع وتنويع القاعدة الصناعية وتطوير الصناعات المساندة والمصاحبة للصناعات الأساسية بهدف تنويع مصادر الدخل للدولة، وعلى الرغم من أن معظم إنتاج الغاز الطبيعي موجه نحو التصدير، إلا أن التوسع في الصناعات اللاحقة والقائمة على استخدام الغاز في إنتاج مواد ذات قيمة مضافة يشهد نموا كبيرا حيث من المتوقع ان يصل إنتاج قطر من مختلف منتجاتها البتروكيماوية خلال السنوات القليلة القادمة حوالي 19 مليون طن متري سنويا من خلال خطط صناعية متوازنة حيث كان تدشين (قافكو5) شهر ديسمبر الجاري خطوة ريادية لتحقيق هذا الهدف.


وتكمن أهمية مشروع quot;قافكو 5quot; الذي تبلغ تكلفته 2ر3 مليار دولار في أنه وبعد تشغيله بكامل طاقته الانتاجية المتوقعة عام 2012 ، ستصبح الشركة أكبر منتج في العالم لليوريا والأمونيا معا من موقع واحد، حيث سيزيد المصنع إنتاج قافكو من الأمونيا من 2.2 مليون طن متري إلى 3.8 مليون طن متري، وسيرفع إنتاجها من اليوريا من 3 ملايين طن متري إلى 4.3 مليون طن متري في السنة. وتعود قصة النجاح في مسيرة الاقتصاد القطري إلى الاهتمام بصياغة شراكات محلية وعالمية والحرص على تطبيق بنود الشراكات إلى خطوات عملية ضمن استراتيجية تقوم على مبدأ تعزيز المنفعة المتبادلة لكافة الشركاء ولعل اكتمال صفقة بيع مشروع quot;بروة الحي الماليquot; بين قطر للبترول وشركة بروة العقارية ــ حيث بلغت قيمة الصفقة 11 مليار ريال والذي من المتوقع إنجازه في العام 2015 ــ خير دليل على هذه الشراكات القائمة والالتزام بين الشركاء لما فيه المصلحة العامة.


ومن الشراكات التي قامت بها الشركات القطرية خلال العام 2011 توقيع اتفاقية بين قطر للبترول وشركة شل الهولندية لإنشاء مصنع بتروكيماويات في مدينة راس لفان الصناعية بتكلفة تقدر بحوالي 6.4 مليار دولار حيث يشمل المشروع قيد التنفيذ مصنع تكسير بخار كبير إذ يتم استقطاب لقيمات تغذية من مشاريع الغاز الطبيعي في قطر، بالإضافة إلى مصنع مونو ايثلين جليكول تبلغ قدرته الإنتاجية 1.5 مليون طن سنويا و300 كيلو طن سنويا من ألفا أوليفين الطولي وغيرها من مشتقات أوليفين. ولعل السر في حسن تنفيذ استراتيجيات قطر وخططها الوطنية سعيها الناجح لإقامة هذه الشراكات بهدف استقاء الخبرات بما يساهم في تنفيذ مشاريع ضخمة داخليا وخارجيا مستفيدة من الثروات الطبيعية من الغاز والنفط لإرساء اقتصاد متنوع يضمن مستقبل الأجيال القادمة.


ومن أبرز تلك الشراكات في الخارج ما أعلنت عنه شركة قطر للبترول الدولية شهر أكتوبر الماضي انها اتفقت مع شركة النفط الوطنية الصينية quot;سي.ان.بي.سيquot; وquot;رويال داتش شلquot; على تحديد موقع بناء مصفاة ومجمع للبتروكيماويات في الصين والبدء في دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع. كما دخلت قطر للبترول في مفاوضات للدخول في مشاريع للنفط والغاز في الخارج ومنها دخولها في مباحثات للاستحواذ على حصة في مشروع quot; يامال quot; للغاز الطبيعي المسال بالقطب الشمالي تطوره شركة quot;نوفاتكquot; ثاني أكبر منتج روسي للغاز حيث يقوم هذا المشروع على تطوير حقل جنوب تامبي بشبه جزيرة يامال الواقعة بالمنطقة القطبية الشمالية. وقد واصلت قطر التوسع في الأسواق العالمية خلال العام2011 في مجال الغاز الطبيعي المسال حيث وقعت عبر شركتي quot;رأس غازquot; وquot;قطر غازquot; اتفاقيات طويلة الأجل مع بعض الدول من أمريكا الشمالية لتزويد أسواقها بالغاز الطبيعي المسال.


وتطلق دولة قطر هذا الكم الهائل من المشاريع التي تقدر تكاليفها بمليارات الدولارات وفقا لجداوى اقتصادية مدروسة تتطابق مع حجم الميزانيات التي تضعها بعيدا عن المخاطر الاستثمارية وفقا للرؤية التي اختطها سمو أمير البلاد المفدى. وكانت دولة قطر قد أطلقت أكبر موازنة في تاريخها سواء في نواحيها الكمية أو الكيفية للسنة المالية 2011 / 2012 ، فمن الناحية الكمية زاد إجمالي إيراداتها المقدرة إلى /162.474/ مليار ريال أي باراتفاع نسبته 27 بالمائة عن السنة المالية الماضية ، كما زاد إجمالي مصروفاتها المقدرة إلى 139.93 مليار ريال أي بارتفاع يقارب ما نسبته 19 بالمائة عن ذات السنة الماضية، حيث نتج عن هذه الزيادة في الايرادات والمصروفات العامة فائض مقدر بما يقارب 5ر22 مليار ريال، وذلك مع عدم تغيير سعر برميل النفط البالغ 55 دولارا والذي قدرت على أساسه الموازنة في هاتين السنتين. أما من الناحية الكيفية في إعداد الموازنة ، فقد استمرت دولة قطر بخطوات ثابتة على طريق التنمية الشاملة المستدامة، ومرجع ذلك سياستها التنموية المنتهجة بدءا من إنجاز مشروعات الغاز المسال قبل موعدها لتصل طاقتها الإنتاجية السنوية إلى 77 مليون طن متري مكعب من الغاز الطبيعي المسال مقارنة بـ30 مليون طن في 2008م، ومرورا بالمساندة القوية التي أبدتها الحكومة للجهاز المصرفي، وانتهاء بالاستمرار في زيادة معدلات الإنفاق العام.


كما بدأت موازنة هذا العام، بجانب تقسيمها الإداري المتعارف عليه، بإدخال التقسيم الوظيفي للنفقات العامة وتوزيعها على 10 قطاعات رئيسية وذلك لدعم تطويرها الجاري إلى موازنة برامج وأداء تقوم على مبدأ القيمة مقابل التكلفة، وتركز على المخرجات والنتائج. وراعت الموازنة توجهات السياسة الاقتصادية لرؤية قطر الوطنية 2030 ، واستراتيجية التنمية الوطنية 2011ــ 2016 ، ويتجلى ذلك في تخصيص نسبة 41 بالمائة من النفقات العامة لبرامج المشروعات العامة التي تشمل تمويل المشاريع الكبرى كالبدء في إنشاء ميناء الدوحة الجديد، ودراسات مشروع السكة الحديد، واستكمال إنشاء مطار الدوحة الجديد ، والصرف الصحي ، وغيرها من مشاريع البنية التحتية، مع إعطاء الأولوية لقطاعي الصحة والتعليم.


ومن المتوقع أن يصل حجم إنفاق قطر على البنية التحتية إلى 150 مليار دولار خلال الأعوام الخمسة القادمة حيث سيتراوح حجم انفاق قطر على البنية التحتية في القطاعات غير النفطية ما بين 120 إلى 140 مليار دولار خلال الخمس أو الست سنوات القادمة، إلى جانب إنفاق يقدر بين 30 إلى 40 مليار دولار في قطاع النفط والغاز خلال نفس الفترة ، أي بمعدل 30 مليار دولار سنويا لكليهما معا.
ومن أبرز مشاريع البنية التحتية الجارية التي تعمل قطر على تطويرها حاليا وفقا للرؤية الحكيمة لحضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى ــ الذي يعتبر أن quot;التنمية الشاملة هي الهدف الاساسي لتحقيق التقدم والازدهار للمواطنين quot; ــ مشروع الميناء الجديد بمدينة مسيعيد الذي تم وضع حجر أساسه في شهر أكتوبر الماضي. ويعتبر هذا المشروع الذي من المتوقع افتتاحه في عام 2016 أحد اكبر الموانئ البحرية في المنطقة وتقدر ميزانيته بنحو 25.6 مليار ريال ومقام على مساحة تقدر بنحو 26.5 كيلو متر مربع. وتعمل الدولة على تعزيز المرافق الحيوية القائمة حيث تم في شهر يونيو الماضي افتتاح مبنى المغادرين الجديد الذي أطلق عليه اسم (مبنى المغادرين quot;بquot;) ضمن مطار الدوحة الدولي والمخصص لرحلات شركات الطيران الأجنبية في مخطط تطوير البنية التحتية للمطار لتمكينه من استيعاب الأعداد المتزايدة من المسافرين حيث خصص مبنى المغادرين quot;أquot; لرحلات الخطوط الجوية القطرية فقط.


ومن المتوقع أن تفتتح قطر مطارها الجديد قريبا والذي تبلغ تكلفته حوالي 15 مليار دولار، وبطاقة استيعابية تبلغ 24 مليون مسافر سنويا في مرحلته الأولى، على ان يستوعب 50 مليونا في مرحلة لاحقة.
كما دشنت قطر في شهر مايو الماضي محطة quot;راس قرطاسquot; للطاقة وهو أكبر مشروع لتوليد الكهرباء في البلاد في مدينة راس لفان الصناعية ، بطاقة إنتاجية تصل إلى 2730 ميغاوات من الكهرباء، و63 مليون غالون من المياه المحلاة وبتكلفة إجمالية تصل إلى 14 مليار ريال (حوالي 4 مليارات دولار). وكانت المؤسسة العامة القطرية للكهرباء والماء quot;كهرماءquot; أعلنت عن إرساء عقود مشاريع بقيمة 3.6 مليار ريال في عام 2011 على شركات عالمية من أجل تطوير وتمديد شبكة الكهرباء الرئيسية ومحطات التقوية وذلك ضمن خطتها في المرحلة العاشرة لتطوير النقل الكهربائي في دولة قطر وذلك نظرا لتزايد عدد المستفيدين من خدمات quot;كهرماءquot; والتي تقدر بحوالي 272 ألف مشترك كهرباء في عام 2011 بزيادة 16 بالمائة عن العام 2010. كما وقعت هيئة الأشغال العامة (أشغال) ستة عقود خدمات استشارية كبرى مع شركات عالمية بمبلغ يزيد على ملياري ريال وذلك لإدارة وتصميم والأشراف على تنفيذ برامج وتحديث شبكات الطرق الداخلية وشبكات الصرف الصحي والبنية التحتية في قطر بتكلفة إجمالية قدرها 40 مليار ريال قطري.


وقد عملت دولة قطر على توسيع استثماراتها في الخارج بهدف إرساء اقتصاد متنوع حيث أسست شركة قطر القابضة العام 2011 شركة فرعية تابعة لها بصورة كاملة في أندونيسيا برأسمال مليار دولار وذلك بهدف تحديد وتقييم فرص الاستثمار في أندونيسيا وبصفة رئيسية في السلع والموارد الطبيعية إضافة إلى القطاعات الأخرى.كما استحوذت قطر القابضة على ما نسبته 9.9 بالمائة من الشركة الأوروبية لمناجم الذهب، بالإضافة إلى حقوق شراء مستقبلية إضافية نسبتها 5,1 بالمائة من حصة شركة أكتور للإنشاءات الدولية في الشركة الاوروبية ، ليصبح إجمالي حصة قطر القابضة لاحقا 15 بالمائة من الشركة الأوروبية لمناجم الذهب.ومن المتوقع أن تواصل شركة قطر القابضة استثماراتها التي تعد بالفعل محفظة استثمارية هامة في قطر، نموها في المستقبل وتشمل استثماراتها الرئيسية بنك الصين الصناعي وباركليز بي أل سي ومجموعة وارف بجزر الكناري (عن طريق سونغ بيردللعقارات) ومجموعة كريدي سويس ومجموعة هارودز وابيردرولا أس أيه وجيه سانسبري بي أل سي وسوق لندن للأوراق المالية ولا غاردير وشركة بورشه وسانتاندر برازيل.


وما يميز قطر أنها تعتبر مركزا لتشجيع واستقطاب رؤوس الأموال الاجنبية بفضل الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي تنعم به الدولة والذي كان عاملا حاسما في توفير مناخ إيجابي إضافة إلى توفر رؤوس الأموال اللازمة لتمويل المشاريع نظرا لقوة ومتانة القطاع المصرفي في الدولة والسمعة العالمية التي تتمتع بها، حيث ارتفع تصنيف دولة قطر في سنة 2010 ليصبح /AA / وهو الأعلى في منطقة الشرق الاوسط ، كما استمرت دولة قطر في مركز متقدم على مؤشر ثقة رجال الأعمال في المناخ المحفز للاستثمار في الدولة.وقد انعكس هذا المناخ الإيجابي أيضا على تشجيع الشركات الأجنبية بفتح فروع لها في قطر مما أدى إلى زيادة عدد الشركات التابعة لمركز قطر للمال والمرخص لها من قبل هيئة مركز قطر للمال حيث وصل عدد تلك الشركات إلى حوالي /128/ شركة أجنبية ومنها بنك quot;جاي.بي. مورغان تشايس، أن.آيquot; الذي تم الترخيص له هذا العام. وكانت هيئة مركز قطر للمال قد أعلنت عن إصدار نظامها ولوائحها الضريبية الجديدة لمركز قطر للمال حيث تخضع الشركات المسجلة في المركز لضريبة بنسبة 10 بالمائة تفرض على الأرباح المحققة من مصادر محلية.


وتكمن قوة ومتانة الاقتصاد القطري في الأسس المصرفية والمالية الراسخة والإجراءات الحكومية التي اتخذتها الجهات المعنية للمحافظة على الوضع الائتماني الجيد مع الحرص على توفر معدلات سيولة كافية لدى المصارف ومحاولة كبح جماح التضخم في آن واحد من خلال المراقبة الفاعلة التي يقوم بها مصرف قطر المركزي حيث ظل التضخم في قطر على مدار عام 2011، عند مستوى 2 بالمائة تقريبا.
وتحسنت نسبة السيولة في القطاع المصرفي القطري إلى حد كبير في الربع الأول من عام 2009 وظلت عند مستويات جيدة منذ ذلك الحين حيث نجح القطاع المصرفي القطري في التغلب على ظروف ضيق السيولة التي شهدها في النصف الثاني من عام 2008، وتسعى قطر لمواكبة التطورات بما يفيد القطاع المصرفي حيث أصدر مصرف قطر المركزي هذا العام قرارا يقضي بإغلاق النوافذ الإسلامية للبنوك التجارية مع نهاية العام بهدف تفعيل الرقابة وفصل محافظ البنوك التجارية عن الإسلامية. ويواكب المصرف في قراراته البيئة الاقتصادية العالمية حيث تدخل هذه السنة أكثر من مرة معدلا أسعار الفائدة نظرا للاعتبارات المحلية والوقائع الاقتصادية العالمية حيث خفض المصرف تدريجيا معدلات أسعار الفائدة الرئيسية خلال السنة العام 20011.


واتخذت الحكومة عدة تدابير استباقية من أجل الحد من تأثير الأزمة المالية العالمية على البنوك المحلية من خلال العمل على تعزيز السيولة لدى البنوك وتطوير قاعدة رأس المال لديها، بالإضافة إلى خفض تكاليف التمويل وتعزيز الثقة في السوق حيث تمت زيادة رؤوس الأموال وشراء الأصول كتدابير استباقية ووقائية في أعوام 2009 و2010 و2011 لتعزيز متانة النظام المصرفي وسيولته ومرونته. وكان جهاز قطر للاستثمار قد قام خلال العام 2011 بتسديد قيمة شراء الحصة المتبقية من أسهم البنوك والبالغة 10 بالمائة بموجب ما تم الاتفاق عليه مسبقا ليصبح إجمالي ما تم شراؤه 20 بالمائة. وقد بلغ إجمالي المبالغ المحولة للبنوك بموجب شراء هذه الحصة 5.5 مليار ريال قطري تم تسديدها بالكامل للبنوك المستفيدة وهي البنك التجاري وبنك الدوحة والبنك الأهلي وبنك قطر الدولي الإسلامي ومصرف قطر الإسلامي. وتعمل دولة قطر على تطوير القطاع المالي ضمن خطوات تعمل على تفعيل أداء بورصة قطر ولعل إعلان مصرف قطر المركزي الانتهاء من الإجراءات لبدء إدراج أوراق الدين الحكومية للتداول في الأسواق الثانوية في بورصة قطر خير دليل على ذلك حيث تم البدء في إدراج أذونات الخزينة قصيرة الأجل يوم الخميس الماضي. وقامت بورصة قطر خلال العام 2011 بسلسلة من الخطوات من أجل رفع تطوير البنية التحتية للسوق تحقيقا لمتطلبات مؤسسة quot; مورغان ستانليquot; لإعادة النظر في تصنيف السوق القطرية إلى سوق ناشئة، ومن أبرز تلك الخطوات تعيين أمناء حفظ دوليين وتطبيق عملية التسليم مقابل الدفع DvP التي لاقت تقديرا دوليا من قبل المؤسسات الاستثمارية الدولية.


وتواصل دولة قطر دعم القطاع الخاص انطلاقا من إيمانها بالشراكة بين القطاعين العام والخاص من أجل إرساء اقتصاد متنوع يرتكز على اسس ثابتة حيث كانت أبرز الخطوت لدعم هذا القطاع خلال العام 2011 اطلاق بنك قطر للتنمية في شهر يناير الماضي ، وكالة قطر لتنمية الصادرات quot;تصديرquot; التي تعتبر الأولى من نوعها على مستوى الدولة بحيث تسهم بشكل محوري وفعال في تطبيق سياسة التنوع الاقتصادي ودعم صناعات القطاع الخاص والصناعات التصديرية في دولة قطر، كما تساعد على ضمان القدرة التنافسية لتلك الصناعات وزيادة قاعدة التصدير ودعم المصدرين القطريين ومنح الشركات القطرية فرصة واعدة وفريدة للانطلاق بمنتجاتها وخدماتها نحو أسواق جديدة وواعدة والانفتاح على العالم بمأمن من مخاطر التصدير انطلاقا من الحرص على تحقيق تنمية مستدامة.ولعل أبرز تلك الخطوات أيضا تمثل في بدء ورشات العمل والبرامج التدريبية التي أطلقها quot;جهاز قطر للمشاريع الصغيرة والمتوسطة quot; الذي رصد له مبلغ ملياري ريال قطري وهو ضمن توجه الدولة لتنمية قطاع الأعمال فيها ، حيث يعتبر هذا الجهاز ركيزة مؤسسية للنهوض بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة في الدولة لتوفير بيئة ملائمة تساهم في تنمية قدرات أصحاب المبادرات التي تتميز بالابتكار والإبداع لإنشاء المشاريع المختلفة التي تتميز بالقيمة المضافة الحقيقية للمساهمة في الاقتصاد الوطني. وكان الاقتصاد القطري مصدر إعجاب من قبل الجهات الدولية حيث نوه صندوق النقد الدولي في تقريره بنتائج مشاورات المادة الرابعة الخاصة بقطر لعام 2011 بأن العام 2012 سيشكل آفاقا إيجابية للاقتصاد القطري، وقال الصندوق إن الاستثمارات الكبيرة في مشروعات البنية التحتية وزيادة إنتاج قطاع الصناعات التحويلية ستدفع نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي من غير الهيدروكربونات ليزداد ويصل إلى نحو 9 بالمائة في 2011 فيما سيواصل نموه بين 9 و10 بالمائة بعد عام 2011.


وتوقع التقرير أن تزيد سرعة نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي من 17 بالمائة عام 2010 إلى 19 بالمائة عام 2011، منوها بالأرباح التي حققها القطاع المصرفي القطري، قائلا إن هذا القطاع يتمتع بمستوى جيد من الرسملة ولايزال يتسم بالربحية والقوة حيث بلغت نسبة كفاية رأس المال 22.3 بالمائة، فيما بلغ متوسط العائد على الأصول 2.7 بالمائة، في حين بلغت نسبة القروض المتعثرة 2.3 بالمائة بنهاية يونيو 2011. ولعل الشاهد على النهضة استضافة قطر لأحداث وفعاليات عالمية هذا العام حيث استضافت البلاد مؤتمر البترول العالمي العشرين ــ وهي المرة الأولى التي يعقد فيها في الشرق الوسط ــ الذي استمر لمدة خمسة أيام بمشاركة أكثر من ستة آلاف مشارك بينهم نحو 30 وزيرا وعدد من الرؤساء والمدراء التنفيذيين في قطاع صناعة النفط والغاز من أكثر من مائة دولة لمناقشة كافة الجوانب الفنية والاقتصادية والتقنية المتعلقة بصناعة النفط والغاز. ومن الأحداث الهامة أيضا القمة الأولى لمنتدى الدول المصدرة للغاز والتي عقدت بهدف إرساء الحوار بين الدول المنتجة والمستهلكة للغاز ولتعزيز صناعة الغاز عالميا.