شكَّل الركود الأخير... الفترة الأكثر وحشية منذ موجة الكساد العظيم، وجاء ليسبب صعوبات كبيرة بالنسبة إلى كثير من العائلات الأميركية ومشكلات مالية عويصة بالنسبة إلى الحكومات حول العالم. نتيجة لذلك، أكدت اليوم مجلة quot;التايمquot; الأميركية أنه من الصعب وصف موجة الهبوط التي بدأت في نهاية العام 2007 سوى بأنها كارثة.


الركود الاقتصادي الأميركي ينعكس إيجابًا على الشركات الكبرى في البلاد

أشرف أبوجلالة من القاهرة: مع انخفاض الدخل الأسري وارتفاع مستويات الفقر عمّا كانت عليه قبل 10 أعوام، بات من السهل معرفة حجم الخسائر. لكن وسط هذا الخراب والدمار، برزت بعض قصص النجاح شديدة الأهمية بالنسبة إلى التعافي والازدهار المستقبلي للولايات المتحدة.

وتابعت مجلة quot;التايمquot; حديثها في هذا السياق بقولها إن الرابح الأكبر من وراء موجة الركود الأخيرة هي الشركات الأميركية الكبرى. وهذا لا يعود إلى كونها جشعة، وإنما لقدرتها على تسيير كل شيء في مصلحتها. فقد أقدمت على التعامل مع الركود باعتباره فرصة إيجابية لتعيد البناء، وتصبح أكثر فعالية، بينما أجبرت الظروف الحكومات والشركات الصغيرة ومعظم الأسر الأميركية على الالتزام بالجانب الدفاعي.

وأعقبت الصحيفة بقولها إنه في كل نظام اقتصادي، تكون هناك مراحل تصحيحية بين الحين والآخر، حيث يتم التخلص من المشروعات والخدمات غير الفعالة وغير التنافسية، ويتم خفض التكاليف، وتمهيد الطريق لنمو جديد. لكن أركان الاقتصاد ليست مهيأة كلها بالشكل نفسه للقيام بذلك.

ويكون الشغل الشاغل عادةً للحكومة الأميركية هو ملف البطالة. ولهذا نجدها تحاول المحافظة على الوظائف الحالية والمشروعات القائمة، بدلاً من التركيز على إعادة هيكلة الخدمات الحكومية لجعلها أكثر فعالية أو إصلاح البرامج الاجتماعية لخفض تكاليفها على المدى الزمني البعيد.

وقالت المجلة إن المنظمات التي تمتلك موارد تعينها على التفكير بشأن المستقبل وتهيئ نفسها تبعاً لذلك هي الشركات الكبرى. ورغم فشل بعض الشركات أو المؤسسات الكبرى، وخاصة البنوك، إلا أن معظمها كان قادراً على الاستفادة من خفض تكاليف اليد العاملة وانخفاض أسعار الفائدة لدعم قدرتها الإنتاجية في الوقت نفسه الذي يقومون فيه بتقوية ميزانياتها العمومية. ولخصت التايم نقاطًا مهمة عدة في هذا الصدد:

* انخفاض تكلفة اليد العاملة في وقت ترتفع فيه الإنتاجية. حيث أظهرت أحدث بيانات صادرة من مكتب إحصاءات العمل أن الإنتاجية الربع سنوية في مجال التصنيع قد ارتفعت بنسبة 5 %، بينما انخفضت تكاليف وحدة العمل بنسبة 5.1 %. فضلاً عن عدم مواكبة الأجور للتضخم في الوقت الحالي. والنتيجة الإجمالية هي أن الشركات تحقق أقصى استفادة من العمال من دون أن تضطر لدفع المزيد من الأموال لهم.

* قدرة الشركات الكبيرة على إعادة تمويل ديونها بأسعار فائدة منخفضة. فأسفرت سياسة التخفيف الكمي الخاصة بمجلس الاحتياطي الفيدرالي عن توفير قدر كبير من الأموال بأسعار فائدة منخفضة. ولذلك تتمكن المؤسسات العملاقة التي تحظى بتصنيفات ائتمانية ممتازة من إعادة هيكلة ميزانياتها العمومية بأي شكل يريدونه. ونتيجة لذلك، ارتفعت قيمة ميزانيات المؤسسات العمومية بنسبة 28% منذ أواخر 2009.

* تداول الأموال. اجتمعت عوامل ارتفاع الإنتاجية واعتدال تكاليف العمالة وإعادة هيكلة الميزانيات العمومية لتجعل الشركات أكثر ربحية. وتبلغ الآن أرباح الشركات ذروتها من حيث الدولار، وتقترب من أعلى مستوياتها على الإطلاق كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي.

* الموجودات النقدية للشركات هائلة. حيث اتضح أن الشركات غير المالية تتحصل على مئات المليارات من الدولارات أكثر مما تحتاجه لتمويل العمليات الحالية. وتبلغ الاحتياطات النقدية الإجمالية لدى الشركات الأميركية أكثر من تريليوني دولار، وتقترب من أعلى مستوى لها في 50 عاماً من الناحية النسبية. وتعكس تلك الاحتياطات النقدية الضخمة بصورة جزئية حالة عدم اليقين التي يشعر بها مسؤولو الشركات التنفيذيين بشأن ما إن كانوا سيوسعون من نشاطاتهم في تلك الأثناء أم لا.

وختمت المجلة الأميركية حديثها بإشارتها إلى عدم وجود ضمانات على أن الاقتصاد الأميركي سيواصل مساره المنطلق نحو آفاق أفضل. وأكدت أن التحسينات المحدودة التي حدثت أخيراً قد يتم عكسها بشكل مفاجئ نتيجة الاضطرابات التي تشهدها أوروبا، على سبيل المثال، والتي أدت إلى حدوث ركود مزدوج في أنحاء العالم كافة.