أكد الأمير تركي الفيصل خلال جلسات منتدى التنافسية أن تجاوز السعودية للأزمة المالية العالمية يعود لإلتزامها بالتمويل الإسلامي.


الرياض: أكد الأمير تركي الفيصل رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية على أن نجاح الممكلة العربية السعودية وقدرتها على التكيف في الانكماش الاقتصادي العالمي الحالي، ومواجهتها بعض الضغوطات الاقتصادية التي تواجه أميركا وأوروبا، يعود في جزء كبير منه إلى ثقافة المملكة في التمويل الإسلامي, لا سيما إصرار الإسلام على التعامل مع الدين بعدالة حقيقية, وعلى ربطه بأصوله الحقيقية, في توافق حقيقي بين المخاطر والعوائد التي تفرض على الطرفين الحفاظ على مستويات معقولة من التاثير.

وكان الأمير تركي الفيصل قد افتتح جلسات اليوم الثاني من أيام منتدى التنافسية الدولي السادسquot; تنافسية ريادة الأعمالquot; في الرياض، حيث القى كلمة أكد فيها على تلازم العلاقة بين المخاطرة والمكافأة وهذا ما أجبر المشاركين على الحفاظ على مستويات مقبولة من النفوذ.

وأكد على ضرورة تكامل الجهود وتضافرها بين مختلف الجهات المعنية بقطاع شباب الأعمال، وتركيز الجهود على دعم رواد الأعمال والعمل على تبني مبادرات الشباب وتوظيف قدراتهم وإبداعاتهم بما يعزز مساهمتهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وفي ما يتعلق بعنوان منتدى التنافسية الدولي السادسquot;تنافسية ريادة الأعمالquot; أكد سموه أن السعودية دولة مستقرة وغنية ولديها كل الوسائل لتحقيق مزيد من التقدم؛ لكنه شدد على الحاجة إلى إعادة اختراع روح المبادرة quot;التي كانت جزءا من ثقافتنا والتي لا غنى عنها لبناء قاعدة صلبة لتقدمناquot;. كما أكد سموه على أن روح المبادرة التي تجمع بين الرؤية مع أخذ المخاطر، هي

محرك التقدم والنجاح في جميع المجالات ليس فقط في مجالات الأعمال التجارية وكسب المال أو الاقتصاد.

ولفت إلى أن دول الخليج ومنها السعودية تقود إلى حد كبير اقتصاد النفط في المنطقة، وأن تلك الدول ستركز على تطوير اقتصاداتها المحلية، وزيادة التجارة البينية، وتحسين التعليم مع التركيز على المناهج التي تؤهل الشباب لخوض تحديات العمل والقدرة على المنافسة في أسواق العمل.

وقال quot;إن المجتمع في السعودية هو واحد من أصغر المجتمعات في العالم سنياً، مع نحو (75%) من السكان تحت سن الثلاثين و(30%) تحت سن 21 سنة، لذلك فإن التحدي هو كيفية النجاح في استيعاب الملايين من الشباب في اقتصادنا الوطني الذي هو جزء من الاقتصاد العالمي، و كيفية إعدادهم وتدريبهم ليكونوا قادرين على المنافسة مع نحو ثمانية ملايين عامل أجنبيquot;. وأشار إلى أن سياسة السعودية الراسخة من خلال التعليم يمكن أن تحقق لشعبنا في مكانهم الصحيح في العالم، لذا تسعى السعودية جاهدة لتحسين نوعية التعليم العام والعالي والمهني، ويتم تخصيص نسبة (25% ) من الميزانية العامة للدولة لهذا المجال.

كما أكد أن السعودية قادرة على دعم جاراتها من دول المنطقة، بما في ذلك ماليا. واشار إلى أن السعودية ستبحث نشر أكثر من فعالية لمساعدة المنطقة ماليا، تتضمن مزيد من الصرامة التشغيلية لتمكين المنظمات الإقليمية من القيام بمهامها.

وكانت قد سيطرت هواجس الاستقرار العالمي وبطء النمو الاقتصادي والأزمة الإيرانية على نقاشات خبراء تحدثوا في الجلسة الأولى من فعاليات المنتدى، حيث خصصت الجلسة للحديث عن التحديات المستقبلية للعام 2012م.

فتحدث رئيس وزراء كندا السابق جون كريتيان عن تأثير الأزمة الإيرانية كأحد أهم التحديات التي تواجه العالم، مشيراً إلى أن أحداً لن يكون قادراً على التكهن بما يمكن أن يحدث في ظل التطورات التي تشهدها المنطقة.

ولفت إلى أن ما حدث في تونس ومصر واليمن وسوريا خلال العام الماضي أدى إلى انحسار النفوذ الإيراني، وربما يجبر طهران على التصرف بشكل مفاجئ خصوصاً أن هذا البلد يريد دوراً له في العالم. وعلى رغم تأكيده أن كثيراً من دول العالم في حالة ركود الآن، إلا أنه لم يتخل عن نظرته المتفائلة، معتبراً أن الجهود الاقتصادية لا تسير نحو الهبوط.

من جهته أكد مدير شركة تشاتام روبرت نيليت أن المشكلة الإيرانية ستلقي بظلالها على المنطقة، معتبراً أن إيران ستخسر كثيراً من امتيازاتها خلال العام المقبل، ويمكن أن تتصرف بشكل مفاجئ للجميع. واعتبر أن الأداء الاقتصادي الأوروبي بطيء، ويمكن أن يؤثر على سياسات بلدانها، محذراً من عدم التوازن الاقتصادي في علاقة أوروبا مع الصين التي تصدر ما قيمته 400 بليون دولار سنوياً إلى دول الاتحاد الأوروبي، ما يترك أثره على مواطني تلك الدول، ويحولهم إلى مستهلكين.

وبدأ الرئيس التنفيذي في شركة يونيليفر بول بولمان مداخلته بالحديث عن تأثير الأزمة المالية العالمية عام 2008 على ما تلاها من أحداث أسهمت في تباطؤ النمو الاقتصادي، وظهور أزمة في مجال القيادات. وتطرق إلى محاور تمثل أهم المخاطر التي يمكن أن يواجهها العالم خلال الفترة المقبلة، أولها الفراغ الكبير في السلطة الذي يمكن أن يؤثر سلباً على الاقتصاد والاستقرار المالي والاجتماعي في بعض الدول، لافتاً إلى أن غياب سياسات راشدة يمكن أن يؤثر على رد فعل الفرد داخل المجتمع.

وأبدى تفاؤلاً حذراً بأداء دول الاتحاد الأوروبي، ذلك أنها تسير بشكل بطيء على حد قوله. وأكد بولمان أن جزءاً من حلول كثير من المشكلات الاقتصادية التي يعاني منها العالم اليوم موجود لدى القوى الناشئة مثل الهند والصين، اللتان يمكن أن تلعبا دوراً يساعد على استقرار الأسواق العالمية.

إلى ذلك، أكد رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي في شركة quot;بي دبليو سيquot; دينيس نيلي أن الاتجاه الغالب لدى مديري الشركات ورجال الأعمال هو أن الأداء الاقتصادي العالمي سيكون إيجابياً هذا العام، بينما كان سلبياً نوعاً ما خلال العام الماضي. وأضاف أن مجتمع الأعمال


يسير بشكل أفضل على رغم التحديات، معتبراً أن هذا العام سيكون رئيسياً في خلق فرص عمل وزيادة الاستثمارات.

ورداً على سؤال من أحد الحاضرين عن وضع الدولار كعملة عالمية وما إذا كان مستقراً، قال نيلي: quot;على المدى المنظور فإن الأسواق والشركات تنمو، وليس لدينا سبب للقلق على وضع الدولارquot;.

وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجهها السعودية، شدد مدير شركة تشاتام روبرت نيليت على أهمية تنويع وسائل الطاقة وعدم الاكتفاء بالاعتماد على النفط، إضافة إلى تحدي التعليم وأهمية تطوير المهارات بما يقودها إلى المنافسة. فيما أجاب رئيس الوزراء الكندي السابق جون كريتيان على السؤال ذاته بأهمية التركيز على إعادة توزيع المشروعات على أنحاء المملكة وتنويع مصادر الدخل.

وختمت الجلسات الصباحية بجلسة تحت عنوان quot;تفاحة في اليوم لم تعد تكفيquot;، والتي ناقشت التحديات في قطاع الصحة، والتي افتتحها مارجين ديكرز، رئيس مجلس ادارة شركة باير AG وشارك فيها عدد من الخبراء في القطاع الصحي، منهم الدكتور ديلوس كوسجروف، رئيس عيادة كليفلاند المعروفة.