طلبت الحكومة المصرية من صندوق النقد الدولي تأجيل الحصول على القرض الذى يبلغ 4.8 مليار دولار، مما يشير إلى أن الاضطرابات في مصر تحدّ من قدرة الرئيس المصري محمد مرسي على تحقيق الأهداف الاقتصادية الصارمة للقرض.


لميس فرحات: القرار بتأجيل اجتماع الاتفاق النهائي على قرض صندوق النقد الدولي، إلى جانب التوترات المتزايدة في الشارع وفشل جهود الحكومة في تهدئتها، يكشف محدودية قدرة مرسي على تعزيز سلطته كرئيس في البلاد.

سعت الحكومة المصرية إلى تأخير الصفقة في ضوء التطورات الجارية فى مصر، على الرغم من أن هذا القرض يعتبر الفرصة الأفضل لإنقاذ البلاد من أزمة ميزان المدفوعات واستعادة صورة مصر في عيون المستثمرين الدوليين.

لكن مرسي فقد الكثير من الدعم، سواء في الداخل والخارج، لا سيما بعد قراره تعزيز صلاحيته، التي أثارت مخاطر بالانقسام، وتمرير دستور ذي ميول إسلامية.

قال هشام فهمي، المدير التنفيذي للغرفة التجارية الأميركية في مصر، لصحيفة الـ quot;وول ستريت جورنالquot; إن التأجيل يؤكد أن مصر ليست مستقرة حتى الساعة.

من غير المألوف بالنسبة إلى دولة أن تطلب من صندوق النقد الدولي تأجيل الاتفاق بعد الإعلان عنه علناً. لكن فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم وزارة الخارجية قالت إن بعض جوانب دعم الولايات المتحدة لمصر لقرض صندوق النقد الدولي يرتبط بوضع اللمسات الأخيرة على مسار الديمقراطية فى مصر كلها، سواء على الصعيد السياسي وعلى الصعيد الاقتصادي.

وقال عبد الله شحاته، رئيس اللجنة الاقتصادية في حزب الحرية والعدالة، إن المفاوضات بشأن محادثات القرض ستستأنف على الأرجح في يناير/كانون الثاني المقبل، مضيفًا أنه على الرغم من أن المناخ السياسي الحالي معادٍ جداً لتمرير الإصلاحات، إلا أنه سيكون من الأسهل اتخاذ هذه الخطوات بعد نجاح الاستفتاء.

هذا التأجيل سيعطي الرئيس والحكومة المزيد من الدعم لعقد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي. وعلى الرغم من أن المخاوف الاقتصادية ترتفع باستمرار الصراع السياسي في مصر، إلا أن حكومة مرسي تسببت في غضب وارتباك شعبي عندما أصدرت قراراً بزيادة الضرائب، ثم تراجعت عنه، بعد ساعات فقط، وسط انتقادات من المعارضة وحتى داخل صفوف الإخوان.

شمل مرسوم الضرائب السلع الكمالية، مثل السجائر والمشروبات الغازية والمشروبات الكحولية، إضافة إلى المواد الأساسية، مثل النفط والأسمنت والأسمدة والمياه والكهرباء.

اعتبر شحاته أن quot;الحكومة كانت غبية جداً، لأنها اختارت وقتاً سيئاً، كما إنها لم تفتح نقاشاً حول تلك القرارات، وهذا كان خطأً كبيراًquot;.

في الوقت الراهن، يشارف الاقتصاد المصري مرة أخرى على الانهيار، فالبلاد بحاجة ماسة إلى السيّاح والمستثمرين الأجانب لعكس ميزان مدفوعاتها. ويحاول البنك المركزي المصري الحفاظ على قيمة الجنيه المصري ومنعه من الانهيار، لكن الاحتياطيات الدولية لمصر قد انخفضت إلى 15 مليار دولار، في وقت سابق من هذا الشهر.

وكانت مصر تملك أكثر من 36 مليار دولار من الاحتياطيات الأجنبية في ديسمبر/ كانون الأول عام 2010، أي قبل شهرين من الإطاحة بالرئيس حسني مبارك. لكنها بالكاد تملك اليوم ما يكفي لتغطية ثلاثة أشهر من الواردات، وهو الحد الأدنى الذي يوصي به صندوق النقد الدولي لأعضائه.

تؤدي الأزمات الشعبية في مصر إلى مزيد من التدهور الاقتصادي، فالمعارضة المصرية منقسمة اليوم بين أولئك الذين يصرّون على المقاطعة المبدئية للتصويت على الدستور المقرر يوم السبت، وأولئك الذين سيصوّتون ضده، فيما يطالب العلمانيون بتأجيل الاستفتاء لإتاحة الوقت للمراجعات.

هذا الأسبوع، أعطى الرئيس السلطة للجيش لاعتقال مثيري الشغب ومساعدة الشرطة قبل استفتاء يوم السبت. وعرض بعض كبار المسؤولين التوسط في النزاع بين الرئيس ومعارضيه، لكن قوى المعارضة لم تستجب فوراً.

وعمل صندوق النقد الدولي مع المسؤولين المصريين منذ أوائل العام 2011 على وضع برنامج الإقراض. وعلى الرغم من أن مسؤولي الصندوق الدولي كانوا متفائلين نسبياً بشأن الاتفاق مع مصر، لكن المخاوف الرئيسة كانت في أن البلاد ستعجز عن تلبية الأهداف الاقتصادية المقررة وفقاً للاتفاقية.