تشهد مدينة المحلة التابعة لمحافظة الغربية في مصر حالة من الغليان بعد الإضرابات المستمرة لعمال النسيج، ما يبرز التحديات الإقتصادية والسياسية التي تنتظر الرئيس المنتخب محمد مرسي.

القاهرة: بعدما سبق للتظاهرات التي اندلعت في مدينة المحلة ( التابعة لمحافظة الغربية شمال القاهرة ) قبل أربعة أعوام أن تسببت في زرع بذور الثورة التي أطاحت في نهاية المطاف بالرئيس حسني مبارك، ها هي المحلة تشهد من جديد حالة من الغليان، بعد استمرار إضراب عشرات الآلاف من عمال النسيج للأسبوع الثاني على التوالي، ليضعوا بذلك اختباراً مبكراً لرئيس مصر المنتخب حديثاً محمد مرسي.
وذكرت صحيفة quot;واشنطن بوستquot; الأميركية أن انتشار الاضطرابات العمالية يهدد أبرز صناعات التصدير المصرية في وقت تقف فيه البلاد على حافة أزمة في ميزان المدفوعات.
الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي
كما أنها جاءت لتبرز الطريقة التي لم تُحَقَّق من خلالها بشكل كبير حتى الآن التوقعات التي طرحتها ثورة العام الماضي، والطريقة التي يمكن أن يتسبب من خلالها الإحباط في بث المزيد من الفوضى، بتداعيات أكثر كارثية بالنسبة للوضع الاقتصادي.
وتابعت الصحيفة بنقلها عن شخص يدعى حمدي النشيبي، 60 عاماً، وهو رجل ذو لحية بيضاء يرتدي جلباباً رمادي اللون، يعمل في شركة غزل المحلة منذ 45 عاماً، قوله :quot; كان للمحلة دور في خلق روح الثورة. لكن الآن وبعد أن حدثت الثورة وحصل المصريون على حقوقهم، نسوا معاناة المحلة، ونستنا الثورة كذلكquot;.
ثم لفتت الصحيفة الى مشاعر الغضب التي بدت واضحة على أصوات زملائه الذين كانوا يقفون من حوله، والذين كانوا يطالبون بعدة أشياء منها الحصول على حصة من أرباح شركة مصر للغزل والنسيج المملوكة للدولة وتحسين الرعاية الصحية والمعاش ورفع الراتب الشهري من 700 إلى 1000 جنيه وطرد الرئيس التنفيذي للشركة.
وأكدت الصحيفة بعدها أن تعطل العمل بهذا القطاع الحيوي يعد من المشاهد التي لا يريدها اقتصاد مصر العليل في تلك المرحلة، خاصة وأن الإضرابات التي شهدتها البلاد في الأسابيع التي تلت الثورة أدت الى تدهور الوضع الاقتصادي بشكل كبير، وهو ما لم تتعافَ منه البلاد حتى الآن، خاصة في ظل ابتعاد السياح والمستثمرين، في الوقت الذي تعثرت فيه احتياطات النقد الأجنبي حتى وصلت إلى مستويات منخفضة تماماً.
ورغم تأكيد الصحيفة أن الحديث عن خطر مثل هذه الإضرابات العمالية قد يكون سابق لأوانه، إلا أنها قالت إنه من الصعب تجاهل رمزية تلك الاضطرابات الجديدة في المحلة.
ومضت الصحيفة تبرز بعدها حقيقة أن بداية ثورة 2011 كانت في المحلة بالفعل، حيث قام العمال هناك قبل أربعة أعوام للمرة الأولى بتمزيق وحرق صورة كبيرة للرئيس السابق مبارك، اعتراضاً من جانبهم على انخفاض الأجور وارتفاع أسعار الغذاء.
لكنها أوضحت بعد ذلك أن سقوط مبارك أعقبه 18 شهراً من الانحراف في الطريقة التي أديرت من خلالها مقاليد الحكم في البلاد، حيث تدهورت الحالة الأمنية، وتراكمت القمامة في الشوارع، وغضت الشرطة الطرف عن تدهور المرور في القاهرة.
وقال مصطفى كامل السيد، من إحدى الشركات المتخصصة في تقديم الاستشارات، إن التحدي الأكبر بالنسبة لمرسي الآن هو أن يلبي التوقعات المتصاعدة للمصريين، مع العمل ليس فحسب لاسترداد الأمن، وإنما لفرض الانضباط الاقتصادي كذلك، والتصدي بكل قوة لحالة التدهور التي تتعرض لها الشؤون المالية العامة.
وتابع السيد حديثه بالقول :quot; يعاني الاقتصاد نوبة ركود منذ الثورة، وتفتقر الحكومة إلى العائدات، لكن ليس بوسعها زيادة الضرائب. وهذا موقف دقيق للغايةquot;.
وأضاف سيمون ويليامز، كبير خبراء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الاقتصاديين لدى إتش إس بي سي في دبي، أن إعادة الانضباط للشؤون المالية العامة ستكون أمراً صعباً للغاية في أفضل الظروف. ومن الصعب تحقيق ذلك في هكذا أجواء سياسية، وكذلك بعد مرور 18 شهراً على مثل هذا الأداء الاقتصادي المتوسطquot;.
وختمت الصحيفة بلفتها إلى انجراف مرسي في أول ثلاثة أسابيع من فترة حكمه إلى التصارع مع المجلس العسكري بدلاً من التركيز على اقتصاد البلاد المتداعي، ونقلت عن اقتصاديين تحذيرهم من أن حالة الغموض التي تحيط بهوية الشخص الذي يدير البلاد بالفعل تهدد أيضاً بتأخير وصول قرض صندوق النقد الدولي الهام. وأوردت عن المحامي والناشط خالد علي، الذي لم يوفق في انتخابات الرئاسة، قوله إن مرسي مطالب بأن يتحرك سريعاً لتلبية مطالب العمال وتحقيق توقعات الشعب.