مع تواصل الصراع في سوريا ومقتل أكثر من 40 ألف شخص وفرار حوالى 3 ملايين شخص من منازلهم، بدأ تساؤل واحد يلحّ على القادة العرب والغربيين على حد سواء، وهو: كيف ومتى يمكن لكل هذا أن ينتهي؟، وهو السؤال الذي أوضح البعض أن إجابته ربما لا تتمثل في عمليات سفك الدماء، وإنما في عامل أبسط هو المال.
القاهرة: نقلت مجلة التايم الأميركية عن خبراء اقتصاد قولهم إن نظام الرئيس الأسد بدأ يفلس، وبدأ يفقد الآليات التي تمكنه من جمع الأموال والعائدات، فضلاً عن عجزه عن إيجاد السبل التي تجعله قادرًا على إشباع رغبات جنوده المادية.
وقال هنا سمير سيفان، وهو محلل اقتصادي سوري بارز، لاذ بالفرار من هناك في العام الماضي إلى دبي،: quot;الاقتصاد هو أساس كل شيء. ودون الخدمات والأموال، لا يكون بمقدورك فعل أي شيء. وإن عجزت الحكومة عن تمويل الجيش، فسيرحل الجنودquot;.
وأعقبت التايم بتأكيدها على أن نقطة اللاعودة المتعلقة بالانهيار المالي التام للحكومة تبدو أنها تقترب، وستكون في مدة تتراوح ما بين 3 إلى 6 أشهر من الآن، وذلك وفقاً لحسابات سيفان وآخرين ممن قاموا بدراسة وفحص الشؤون المالية الخاصة بسوريا.
وقد تخلّى الأسد بالفعل عن حوالى 40 % من الأراضي للقوى الثورية، وسحب قواته من الأرض، بينما تواصل طائراته القصف الجوي. وفي الوقت الذي يبدو فيه أن الأسد مازال يحظى بموارد كبيرة في دمشق، فقد أوضحت مؤشرات اقتصادية أن البلاد تمضي صوب سقوط حر، وأن الأسد لم يعد يمتلك القدرة على تجميع أموال.
وأعقبت المجلة الأميركية بقولها إن الاحتياطات الأجنبية الرسمية للحكومة قد تقلصت من حوالى 20 مليار دولار قبل الصراع الذي نشب في أوائل 2011 إلى مبلغ يتراوح ما بين 2 و4 مليار دولار الآن، بحسب إحصاءات خاصة بمعهد التمويل الدولي.
وقال إبراهيم ميرو، وهو خبير اقتصادي سوري متواجد في هولندا، quot;لا يدفع أحد الضرائب. ولا يوجد وقود، ولا تعمل الكهرباء سوى بضع ساعات قليلة على مدار اليوم. والجميع بات يشعر بالفعل بأن الحكومة الحالية في سوريا سوف تتعرّض للانهيارquot;.
وأكدت التايم أنه قد يبدو غريباً بقاء الحكومة السورية حتى الآن. ونقلت عن غابريس إيرادين، خبير متخصص في الشأن السوري لدى معهد التمويل الدولي، قوله: quot;هناك بعض السيولة، التي تصل إلى النظام، وتبقي البلاد واقفة على قدميها لفترة من الوقت، لكن هذا الأمر غير مستدام. وفي غضون بضعة أشهر، إذا لم يتم التوصل إلى حلول، فإن الأوضاع الاقتصادية سوف تجبر النظام على التعرّض للانهيارquot;.
لمعرفة الوضعية المتردية، التي وصلت إليها الشؤون المالية السورية، يمكن النظر إلى التراجع الحاد بمقدار النصف تقريباً الذي طرأ على الليرة السورية، وتقلص الاقتصاد في 2012 بحوالى 20 %، إلى جانب انخفاض قدره 3.5 % في العام الماضي، إضافة إلى الدعم الكبير الذي تقدمه الحكومة للوقود والطعام والأساسيات الأخرى، وهو ما يشكل الآن نسبة تقدر بحوالى 16.3 % من الناتج المحلي الإجمالي.
ورغم المساعدات، التي يتلقاها الثوار من دول الخليج، إلا أنهم يؤكدون أنهم يواجهون أزمة حادة على صعيد السيولة المالية، مع استمرار الحرب مدة أطول مما هو متوقع.
وقال متحدث باسم المعارضة، يدعى ياسر طبارة،: quot;سوف نحتاج حوالى 500 مليون دولار شهرياً لإدارة المناطق المحررة وللإبقاء على الأوضاع كما هيquot;. لكن الواضح الآن هو أن الرئيس بشار الأسد هو الذي يواجه خطر الانهيار التام في مواجهة شبح الإفلاس، خاصة وأنه سبق وأن أكد أنه سيموت في سوريا، وأنه لن يتنازل طواعيةً عن السلطة. وبات يقول الواقع الآن، حسب مراقبين، أن أيام حكمه باتت معدودة.
التعليقات