في ظل التراجع الذي تواجهه في قيمة عملتها المحلية في أعقاب العقوبات الدولية المشددة التي طالت البلاد أخيرًا، بدأت السلطات الإيرانية في شنّ حملة على تجار العملة في السوق السوداء، محذرة في الوقت عينه من أن المضاربين الكبار قد يتمّ إعدامهم.
القبض على عدد كبير من الصيارفة الذين يعملون في شوارع وسط العاصمة طهران |
أفادت صحيفة واشنطن بوست الأميركية أن تلك الحملة تأتي في الوقت، الذي يسعى فيه الجانب الإيراني إلى دعم استقرار الريال، الذي انخفضت قيمته، في ظل الإعلان عن عقوبات أوروبية وأميركية جديدة بحق بنك إيران المركزي وصادرات النفط.
وكتحذير للمضاربين، تم إلقاء القبض على عدد كبير من الصيارفة، الذين يعملون في شوارع وسط العاصمة طهران من قِبل أفراد تابعين للشرطة السرية، يتظاهرون بأنهم في حاجة ماسّة إلى العملة الأجنبية. كما هدد يوم أمس رئيس الهيئة القضائية الإيرانية آية الله صادق أمولي لاريجاني، بأن يلاحق كبار المضاربين بعقوبة الإعدام. وفي سياق حديثه عن الفوضى، التي تشهدها أسواق الصرف الأجنبي، حذر لاريجاني من أنه، وبحسب أهمية جرائمهم، قد يواجه بعض الفاسدين اقتصادياً عقوبة الإعدام.
كما أعلنت الحكومة أن الفروع الخاصة للبنوك التابعة للدولة سيتم إنشاؤها في المطارات الدولية، حيث يتمكن المسافرون المغادرون للبلاد من شراء ما يصل إلى ألف دولار من العملات الأجنبية، بعد مرورهم عبر جواز السفر والضوابط الجمركية، واصطحاب هذا المبلغ معهم إلى الخارج.
وقال محللون في هذا السياق إن الريال الإيراني خسر من قيمته بالفعل أمام الدولار واليورو خلال الأشهر التي تعالت فيها نبرة التهديدات بشنّ حرب، والأخرى المتعلقة بفرض مزيد من العقوبات على البلاد.
كما أدى الحظر، الذي فرضه الاتحاد الأوروبي، وتم الإعلان عنه في الثالث والعشرين من شهر كانون الثاني/ يناير الماضي، على النفط الإيراني، إلى تأجيج مشاعر القلق لدى المستوردين والمستهلكين الإيرانيين. ولفتت الصحيفة أيضاً إلى أن منتجات، مثل الفولاذ وأجهزة الآي فون والقمح المستورد، قد تضاعفت أسعارها، حيث يقوم التجار بتغيير قائمة الأسعار كل ساعة للتماشي مع انخفاض قيمة الريال الإيراني.
وقد دفع هذا الانخفاض بربات البيوت ورجال الأعمال والمتقاعدين على المعاش إلى شراء مزيد من العملات الأجنبية والذهب، في وقت يتوقع فيه قليلون أن تعود الأوضاع إلى طبيعتها عمّا قريب. وقال أحد تجار الفولاذ هذا الأسبوع: quot;قضيت اليوم بكامله في محاولة لشراء دولارات. وتلك هي أول مرة في حياتي أخرج فيها إلى الشارع، وأذهب لأهمس في أذن تجار العملة غير الشرعيين، لمعرفة ما إن كان لديهم أم لاquot;.
واصل هذا التاجر حديثه بالتساؤل: quot;كيف لنا أن نسافر، ونطلب شحنات جديدة؟، ليست لديّ فكرةquot;. وأضاف شخص آخر يعمل تاجر سجاد، بعدما رفض هو الآخر الكشف عن هويته: quot;أنا بحاجة إلى دولارات ويوروهات وأي عملات أخرى. فأنا أتوقع استمرار هذا الانخفاض. وأنا لا أريد أن تصبح كل مدخراتي عديمة القيمةquot;.
وفي محاولة من جانبه لدعم الريال، بدأ مصرف إيران المركزي اتخاذ تدابير مشددة. وإلى جانب الجهود التي يبذلها لمواجهة المضاربين بالأسعار، بدأ يسعى إلى دعم الادخار، وقد قام في سبيل ذلك بزيادة أسعار الفائدة من 12 % إلى 20 %. فيما قال محمد ناهافانديان، رئيس غرفة التجارة الإيرانية: إن quot;الإعلان فقط عن سعر جديد للعملة ليس كافياً. فلا بد من اتخاذ خطوات أخرى من أجل ضمان الخروج من هذا الموقفquot;.
وفي محاولة لتهدئة المخاوف المثارة حالياً لدى رجال الأعمال الغاضبين، نظّمت غرفة التجارة الإيرانية حلقة دراسية لمناقشة الارتفاع في أسعار العملات الأجنبية والذهب. ووُجِّهَت الدعوة إلى ممثلي البنك المركزي من أجل توضيح الأمر، لكنهم لم يحضروا. وقد نفت الحكومة من جانبها ما تردد عن أنها لا تملك حلولاً لأزمة العملة الحالية، أو إنها تستفيد من الهبوط، الذي يتعرّض له الريال. وقال ناطق باسمها أمام البرلمان في الأسبوع الماضي quot;لدينا خطط. لكننا نبقيها طيّ الكتمان لمنع العدو من إساءة استخدامهاquot;.
التعليقات