القاهرة: لا تقتصر أزمة الديون الطاحنة على الحكومات الأوروبية وحدها، وإنما تمتد تداعياتها إلى بعض من الشركات العاملة في منطقة اليورو. فمع تراجع الأرباح والمبيعات، بدأت تواجه بعض الشركات الأوروبية صعوبات في تحمل نفقاتها المالية.
ونظراً لرفض البنوك الموافقة على الإقراض، فإن التخوف القائم حالياً هو أن الشركات لن تتمكن من اقتراض السيولة المالية التي تحتاج اليها وسوف تضطر لاتخاذ إجراءات جذرية، من شأنها أن تزيد من الضغوط الملقاة على كاهل الاقتصاد.
وقال في هذا الصدد جوناثان لوينز، كبير الخبراء الاقتصاديين الأوروبيين في لندن لدى منظمة كابيتال ايكونوميكس البحثية :quot; هناك حالة من نقص الثقة في قطاع الأعمال بجميع أنحاء أوروبا. فالإقراض للقطاع الخاص يشهد حالة من التدهور، وهناك ضغوطات كبيرة ملقاة على كاهل الاقتصاد الأوروبيquot;. وفي هذا الإطار، أشارت صحيفة النيويورك تايمز الأميركية إلى تنامي وتيرة الضغوطات، في وقت يتوقع فيه أن تتزايد معدلات الإعسار لتصل إلى 12% هذا العام داخل منطقة اليورو.
ويتوقع أن تشهد بلدان منها اليونان واسبانيا وايطاليا أعلى زيادات سنوية. في حين بدأ ينخفض عدد حالات الإعسار داخل الولايات المتحدة. وفي كانون الثاني/ يناير الماضي، قالت بتروبلاس هولدينغز أوف سويزلاند، التي تعد أكبر مصفاة نفطية مستقلة بأوروبا، إنها بصدد الإعسار بعد أن طالبتها الجهات المقرضة بسداد 1.75 مليار دولار من الديون المستحقة. وقد حاولت الشركة إجراء مفاوضات مع الدائنين.
غير أن بنك بي إن بي باريبا من فرنسا وبنك كريدي سويس من سويسرا وغيرهما من المقرضين الذين يتعاملون بالفعل مع تداعيات أزمة الديون السيادية الأوروبية قرروا أن بتروبلاس لا تستحق المخاطرة. وتقوم الآن شركات أخرى، من بينها شركات دولية تعمل بمجال الطاقة وشركات أسهم خاصة، بالتدقيق في ما هو حاصل.
ويقوم حالياً ما يقرب من 40 متقدم بعطاءات بتقييم العمليات البريطانية لشركة بتروبلاس، على حسب ما أفادت شركة quot;برايس ووتر هاوس كوبرزquot; التي تشرف على بيع الأصول في بريطانيا. وهو ما اعتبرته الصحيفة نذير شؤم، بعد تأكيد لودوفيتش سوبران، كبير الاقتصاديين لدى يولر هيرميز، شركة تأمين على الائتمان في باريس، أن حوالي ثلثي الشركات الأوروبية التي أضحت متعسرة سوف تشهر إفلاسها في نهاية المطاف.
وتابع سوبران حديثه في السياق ذاته بالقول :quot; باتت بيئة الأعمال في حالة سيئة. وبدأت تفقد كثير من الشركات قدرتها على المنافسة وتضررت نتيجة انخفاض إنفاق المستهلكينquot;. وهو ما جعل النيويورك تايمز تمضي لتؤكد على تردي الأوضاع هذا العام بالنسبة للقارة العجوز، خاصة بعد تأكيد صندوق النقد الدولي في الـ 24 من شهر كانون الثاني/ يناير الماضي أن الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو سينخفض بمقدار 0.5 % عام 2012. وأن الانخفاض سيكون أكثر حدة في جنوب أوروبا، حيث يتوقع أن ينكمش اقتصاد ايطاليا بنسبة 2.2 % واقتصاد اسبانيا بنسبة 1.7%.
وتابعت الصحيفة بتأكيدها أن الرياح الاقتصادية المعاكسة بدأت تعيث في الأرض فساداً فيما يتعلق بأرباح الشركات. وفي الوقت الذي تصارع القارة الأوروبية موجة الركود، بدأت تتصاعد معدلات البطالة وتتراجع ثقة المستهلكين وتنخفض طلبات التصنيع.
ثم تحدثت الصحيفة عن حالة الضرر التي أصابت الشركات التي ترتكز على المستهلكين بشكل خاص. ثم مضت تنقل عن بريان لوشيد، شريك لخدمات انتعاش رجال الأعمال في quot; برايس ووتر هاوس كوبرزquot; بالعاصمة البريطانية لندن، قوله :quot; أصبحت البنوك أكثر تحفظاً بشأن الجهات التي تقوم بإقراضها، في وقت تشكل فيه المشكلات الاقتصادية التي تواجهها القارة عبئاً على الآفاق المستقبلية للشركاتquot;.
وأعقبت الصحيفة بالقول إن الشركات المثقلة بالديون ستبيع أصولها وتُخَفِّض استثماراتها للحفاظ على السيولة، إذا لم تكن هناك مساعدات مالية يمكن للبنوك أن تقدمها. وبالفعل بدأت تنفذ الخيارات أمام بعض الشركات، خاصة وأن أزمة الديون السيادية تعمل فقط على زيادة تفاقم المشكلات. وأنه وبدلاً من منح الأموال للشركات المتعطشة للائتمان، تفضل المؤسسات إيداع السيولة النقدية لدى البنوك المركزية لحفظها.
التعليقات