ينتقد الوزراء الأتراك ومسؤولو البنك المركزي التركي منذ فترة طويلة موقف وكالات التصنيف من اقتصادبلادهم الذي يعتبر الأسرع نموًا في أوروبا، مؤكدين أن تصنيف تركيا، التي تضعها وكالات التصنيف الثلاث الكبرى كلها تحت درجة الاستثمار، تصنيف منخفض لا يتناسب مع قوة الاقتصاد التركي.وحملت أنقرة مرارًا على فيتش وموديز وستاندرد آند بورز متهمة وكالات التصنيف الثلاث بالانحياز ضد تركيا في تحليلها للتصنيفات السيادية.


إعداد عبدالاله مجيد:بعد إقدام فيتش على خفض آفاق تطور الاقتصاد التركي في تشرين الثاني/نوفمبر، قال وزير الاقتصاد التركي ظفر جاغلايان إن هذه الوكالة لا يمكن أن تتخذ موقفًا مستقلاً لأن مستثمرين فرنسيين يملكون 60 في المئة من أسهمها.

ويبدو أن العلاقات هبطت إلى أدنى مستوياتها هذا الأسبوع.ففي يوم الثلاثاء خفضت شركة ستاندر آند بورز تقويمها لآفاق الاقتصاد التركي إلى quot;مستقرةquot;، بعدما كانت quot;إيجابيةquot;، مشيرة إلى تزايد المخاطر التي تهدد جدارة تركيا الائتمانية بسبب ارتفاع المديونية وتردي ميزان التبادل التجاري مع هبوط الطلب على الصادرات التركية.

وقالت ستاندرد آند بورز إن ضعف الطلب الخارجي وتردي الميزان التجاري جعلا إعادة التوازن أصعب، وزادا من المخاطر التي تهدد جدارة تركيا الائتمانية نظرًا إلى المديونية الخارجية العالية واعتماد موازنة الدولة على الإيرادات التي تدخل الخزينة من الضرائب غير المباشرة.

وقال اقتصاديون إن التغيير في تقويم آفاق الاقتصاد التركي يعود، من بين أسباب أخرى، إلى المخاوف المتزايدة من العجز في الحساب الجاري الذي زاد 10 في المئة من أجمالي الناتج المحلي التركي.

جاء رد فعل الحكومة التركية غاضبًا، ورددت وسائل الإعلام تنديدها بالقرار.وفي يوم الخميس إتهم رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان وكالة ستاندر آند بورز باتخاذ quot;قرار أيديولوجيquot;،وهدد بسحب اعتراف تركيا بالوكالة كمؤسسة تصنيف شرعية.

وأشار أردوغان إلى خفض تصنيف تركيا ورفع تصنيف اليونان يوم الأربعاء.وتصنف ستاندرد آند بورز تركيا بـدرجة BB التي تقلّ مرتبتين عن درجة الاستثمار.

جاءت تصريحات أردوغان بعد ساعات على إعلان وزير المالية محمد شمشك أن البيانات التي تستخدمها وكالة ستاندرد آند بورز في قراراتها بيانات عتيقة.وقال نائب رئيس الوزراء بولنت أرينج مساء الأربعاء إن قرار ستاندرد آند بورز quot;مجحف وغير لائقquot;، مضيفًا أنه يستند إلى بيانات مغلوطة.

ويشير السياسيون الأتراك إلى أرقام النمو الأخيرة، حيث بلغ معدل نمو الاقتصاد التركي في العام الماضي 8.5 في المئة، ليكون ثاني أسرع معدل في مجموعة العشرين بعد الصين.

ويقول صانعو السياسة الأتراك إن هذا دليل على عافية المؤشرات الأساسية للاقتصاد التركي، وإن تصنيف البلاد يجب أن يكون أعلى. ويرى اقتصاديون وجاهة في المطلب التركي.

ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن الاقتصادي في بنك اسكتلندا الملكي تيم آش إن كثيرين في السوق يتعاطفون مع أردوغان وتركيا. وأضاف quot;أن وكالات التصنيف دأبت على الخطأ في تصنيف تركيا بمنحها تصنيفًا يقل درجتين أو ثلاث درجات عن التصنيف الذي تستحقه في أي تقويم منصفquot;.وقال آش إن تصنيف تركيا ينبغي أن يكون بدرجة الاستثمار الآن.

وتشير أسواق مبادلة الديون المتعثرة أيضًا إلى أن تركيا تستحق تصنيفًا أعلى.ويؤكد اقتصاديون أن الأتراك يتعاملون منذ أشهر على مستويات تعني تصنيفًا أعلى من درجة الاستثمار.

ورغم أن بعض اللاعبين في السوق ما زالوا يرون أن المؤشرات الأساسية للاقتصاد التركي تستحق تصنيفًا أعلى، فإن الأسواق تأثرت مرارًا بالتوسع المتسارع في عجز الحساب الجاري التركي وبالمخاوف من السياسة النقدية اللاتقليدية التي يتبعها البنك المركزي التركي، بحسب صحيفة وول ستريت جورنال، ناقلة عن محللين أن هذا الضعف في التمويل الخارجي يكشف تركيا على مصاعب إذا واجه الاقتصاد العالمي أزمة أخرى على الطريق تسبب جفاف مصادر التمويل الخارجي.

وكان التضخم الذي يشكل باعثًا آخر للقلق بشأن الاقتصاد التركي، في مركز الاهتمام يوم الخميس عندما أظهرت إحصاءات جديدة أن الأسعار ارتفعت بأسرع وتيرة منذ ثلاث سنوات ونصف سنة في نيسان/إبريل بسبب الزيادة الحادة في تكاليف الطاقة والمواد الغذائية.

وفي مثل هذا الوقت من العام الماضي توقع كثير من المستثمرين فوز حزب العدالة والتنمية الحاكم في الانتخابات واستمرار النمو الاقتصادي وتعزيز الميزانية، وبذلك تأمين عضوية تركيا في نادي الدول التي تتمتع بدرجة الاستثمار في تصنيفها.

وتحققت توقعات المستثمرين، ولكن رفع تصنيف تركيا وإمكانية ترميم العلاقة بينها وبين وكالات التصنيف ما زالا يبدوان بعيدين بعض الشيء.