تونس: صادق المجلس الوطني التأسيسي خلال جلسة عامة الثلاثاء على تعيين الشاذلي العياري (79 عاما) محافظا للبنك المركزي التونسي خلفا لمصطفى كمال النابلي (64 عاما) الذي أقيل من مهامه في 18 تموز/يوليو 2012 بقرار من الرئيس المنصف المرزوقي.
وصوت 97 نائبا في المجلس لصالح تعيين العياري محافظا للبنك المركزي فيما صوت 89 نائبا ضد تعيينه وامتنع اربعة نواب عن التصويت.
وطعن نواب في المعارضة في نتيجة التصويت وشككوا في عدد النواب المشاركين فيها وطالبوا رئيس المجلس مصطفى بن جعفر بإعادة احتساب النواب الحاضرين في الجلسة.
وأظهرت شاشة عملاقة معلقة داخل المجلس التأسيسي أن عدد النواب الحاضرين 190 في حين قال نواب من المعارضة إن العدد هو 156 نائبا فقط.
واقترح رؤساء الجمهورية والحكومة والمجلس الوطني التأسيسي تعيين الشاذلي العياري محافظا للبنك المركزي، وباركت حركة النهضة الاسلامية التي تقود الائتلاف الثلاثي الحاكم تعيينه في هذا المنصب.
ويحمل العياري الذي سبق له شغل حقائب وزارية في عهد الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة، دكتوراه في العلوم الاقتصادية.
وقد عينه بورقيبة في الفترة ما بين 1972 و1974 وزيرا للاقتصاد. ولم يتول العياري أي مهام كبيرة في الدولة بعد هذا التاريخ.
وشغل العياري مسؤوليات في البنك الدولي والامم المتحدة.
وبداية 2010 عينه الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي نائبا في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان).
وشجب نواب المعارضة بالمجلس التأسيسي بشدة تعيين الشاذلي العياري محافظا للبنك المركزي فيما دافع نواب حركة النهضة عن quot;كفاءةquot; الرجل.
وقال نواب المعارضة إن العياري أيد عندما كان نائبا في مجلس المستشارين تمرير قانون quot;تخوينquot; المعارضين الذي استصدره نظام بن علي سنة 2010، وألف مع مجموعة من المنتمين إلى حزب quot;التجمعquot; الحاكم في عهد الرئيس المخلوع كتاب دعاية لنظام بن علي، وناشد الرئيس المخلوع البقاء في الحكم، وتورط في قضية quot;فسادquot; عندما تقلد مسؤوليات في quot;المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقياquot; (مؤسسة مالية مقرها السودان، تمولها حكومات الدول الأعضاء بجامعة الدول العربية).
واتهموا حركة النهضة بتعيين العياري محافظا للبنك المركزي لضرب استقلالية البنك والسيطرة عليه.
وقال راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة على صفحته الخاصة في الفيسبوك quot;لا تستطيع الدولة اليوم أن تستغني عن كل الخبرات السابقة، بل عليها أن تميز بين من انغمسوا حتى الأذقان في خدمة الدكتاتورية، الوالغين في دماء الشعب وأعراضه وهم رؤوس الفساد ممن تجب محاسبتهم، وبين مهنيين كانت لهم من موقعهم المهني علاقات خفيفة مع الدكتاتورية، وكان على من يطعن في أخلاقهم أو شرفهم أن يثبت ذلكquot;.
وقال الشاذلي العياري أمام النواب إنه سيتعاون مع الحكومة لكنه تعهد بالحفاظ على quot;استقلاليةquot; البنك المركزي.
وفي 18 تموز/يوليو 2012 صادق المجلس الوطني التأسيسي على قرار بإقالة مصطفى كمال النابلي أصدره الرئيس المنصف المرزوقي الذي لم يقدم أسبابا للاقالة.
وقال نواب معارضون في المجلس التأسيسي إن إقالة النابلي جاءت quot;ترضيةquot; وquot;تجميلا لصورةquot; المنصف المرزوقي بعدما سلم حمادي الجبالي رئيس الحكومة وأمين عام حركة النهضة في 24 حزيران/يونيو البغدادي المحمودي آخر رئيس وزراء في عهد العقيد الليبي معمر القذافي، إلى ليبيا دون علم أو موافقة المرزوقي.
واتهم مصطفى كمال النابلي السلطات بالسعي إلى quot;السيطرةquot; على البنك المركزي وضرب quot;استقلاليتهquot;.
ودافع النابلي بقوة عن quot;استقلالية البنك المركزي التي تبقى الضامن الوحيد لاعتماد سياسة نقدية سليمةquot; على أن quot;يبقى (البنك) مسؤولا أمام المجموعة الوطنية، ويخضع للمساءلة كما هي الحال في أي نظام ديموقراطيquot;.
وذكرت صحف محلية أن النابلي رفض طلبا من الحكومة بطبع أوراق مالية لضخها في الاقتصاد التونسي الذي يعاني من الركود.
وقالت وسائل إعلام إن الائتلاف الثلاثي الحاكم الذي تقوده حركة النهضة يسعى -عبر طبع الاوراق النقدية- إلى quot;إيهامquot; الشعب بأن الوضع الاقتصادي في البلاد تحسن لكسب رضاه استعدادا للانتخابات العامة المقررة في آذار/مارس 2013.
وتم تعيين النابلي الذي سبق له العمل رئيسا لادارة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في البنك الدولي، محافظا للبنك المركزي التونسي بعد الثورة التي أطاحت في 14 كانون الثاني/يناير 2011 بالرئيس زين العابدين بن علي.
وفي 30 أيار/مايو الفائت فاز النابلي بجائزة quot;أفضل محافظ بنك مركزي في إفريقيا لسنة 2012quot; التي تمنحها مجلة quot;أفريكان بانكرquot;.
وانتقدت وكالة quot;موديزquot; الاثنين بشدة إقالة مصطفى كمال النابلي من مهامه وقالت إن الإقالة ستتسبب في quot;مواصلة هز (ثقة) المستثمرين القلقين إثر ثورة العام الماضيquot;.
ومن المنتظر أن تقرر الوكالة ما إن كانت ستخفض الترقيم السيادي لديون تونس الائتمانية أم لا.