الرئيس المصري ولاغارد
يرى خبراء أن القرض البالغ قيمته نحو 4,8 مليارات دولار الذي طلبته مصر من صندوق النقد الدولي سيوفر متنفساً مالياً ثميناً لحكومة الرئيس محمد مرسي غير انه سيرتب عليها تطبيق إصلاحات صعبة على الصعيدين السياسي والاجتماعي.

القاهرة: أتى التباطؤ الاقتصادي الذي شهدته مصر اثر الاطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في شباط/فبراير ليضاف الى سلسلة صعوبات اقتصادية موروثة من العهد السابق ومنها الدعم الحكومي للمواد الاساسية الذي يثقل كاهل الموازنة والفساد المستشري في معظم الدوائر العامة والفقر المدقع الذي تعانيه شريحة كبرى من السكان إذ إن 40% من المصريين يعيش الواحد منهم بأقل من دولارين في اليوم.
كما جاء انخفاض احتياطي المصرف المركزي المصري من العملات الصعبة باكثر من النصف (من 36 مليار دولار في 2011 الى 14,4 مليارات اليوم) ليزيد من ضعف ميزانية البلاد وتهديد قدرتها على استيراد المواد الاساسية مثل الوقود والقمح.
كذلك فان عجز الموازنة العامة سيرتفع بحسب التقديرات الرسمية الى 12,5% في السنة المالية الجارية (تموز/يوليو 2012-حزيران/يونيو 2013) ليصل الى حوالى 22,5 مليار دولار.
وبالنسبة الى قطاع السياحة الذي يعتاش منه بشكل مباشر او غير مباشر 10% من السكان فهو لم يستعد عافيته بعد حتى وان شهد مؤخرا تحسنا مقارنة بالفترة التي تلت اندلاع الانتفاضة ضد النظام السابق.
وقد حذرت وكالة ستاندارد اند بورز من ان الدعم الدولي quot;الاكثر من ضروريquot; لمصر quot;قد يضعف اذا اظهرت السلطات انها عاجزة عن مواجهة التحديات الاقتصاديةquot;.
وابقت الوكالة العالمية الخميس تصنيفها لمصر عند مستوى quot;بيquot; مرفقا بـquot;توقعات سلبيةquot; بسبب مخاطر اندلاع quot;توترات سياسية واجتماعيةquot; مجددا.
لكن توقعات ستاندرد اند بورز للاقتصاد المصري جاءت اكثر تفاؤلا من توقعاتها السابقة حيث اعلنت انها لم تعد تضع هذا البلد quot;تحت المراقبةquot;، مشيرة في بيان إلى ان هذا التحسن الطفيف في تقييمها لمصر عائد الى ان حركة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها الرئيس محمد مرسي والمجلس العسكري يتجهان نحو تسوية ما للعمل معا.
وقد اعربت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، التي قدم اليها مرسي خلال زيارتها الى القاهرة طلبا رسميا للحصول على قرض بقيمة 4,8 مليارات دولار، عن رغبة الصندوق في ان يواكب مصر على طريق نهوضها الاقتصادي.
لكن لاغارد لم تشأ الالتزام بقيمة القرض الذي سيمنحه الصندوق لمصر كما لم تتطرق الى البرنامج الاجرائي المرافق الذي يتعين على الحكومة المصرية تنفيذه، مشددة على ان المحادثات بين الجانبين في هذا الشأن ما زالت في بداياتها علما بأن القاهرة اعربت عن املها في إبرام اتفاق القرض قبل نهاية العام.
واكدت مديرة الصندوق في الوقت نفسه اهمية ان يسير الدعم المالي مع برنامج اجراءات من المفترض ان تقره الحكومة المصرية وان تطبقه ايضا quot;تطبيقا صارماquot; وهو ما سيتطلب منها quot;شجاعة سياسيةquot;.
ولكن بعض المعلقين شكك في ان تستخدم السلطات المصرية الجديدة هذا القرض لتحسين معيشة المواطنين على المدى الطويل.
وفي هذا كتب ابراهيم عيسى في صحيفة التحرير ان quot;هذا القرض سيتم إنفاقه على تغطية النفقات الشهرية المطلوبة للبنزين والسولار والكهرباء واستيراد القمح والأكل والشرب على كل منحة للموظفين، حتى يدخل الإخوان الانتخابات وسط هدوء اقتصادي وهمي مزيف بفعل مخدرات القرضquot;.
واضاف ان quot;قرض الصندوق لمرسي هو مجرد مسكن ينقذ الاخوان من اي إجراءات اقتصادية قد تؤثرفي فرص حزب الجماعة وجماعة الحزب في الانتخابات البرلمانية القادمة، والتي قرر الإخوان أن يدفع الشعب المصري من جيبه ومن قروضه ثمن شراهة الجماعة للحكم والاستحواذ على كل مقدرات البلد (...) وادفع يا شعبquot;.
بدوره يقول احمد جلال الخبير في مركز الابحاث الاقتصادية في القاهرة ان مصر بحاجة الى عشرة مليارات دولار لبدء النهوض من الازمة، وعليها ايضا ان quot;تحرك موارد اخرىquot;، اضافة الى ال4,8 مليارات دولار التي طلبتها من الصندوق.
ويضيف ان الحصول على القرض يجب ان يترافق مع برنامج اصلاحات داخلية يمتد على مدى سنوات عديدة.
ويؤكد انه quot;على المدى القصير يجب اعادة تشغيل العجلة الاقتصادية وخلق فرص عمل. وعلى المدى المتوسط يجب اصلاح نظام التعليم وتحديث البنى التحتية...quot;.
اما الخبير الاقتصادي انغوس بلير من معهد سيغنيت ومقره القاهرة فيرى ان مسألة رفع الدعم الحكومي عن المواد الاساسية (20% من الموازنة العامة للدولة يذهب لدعم اسعار الوقود) يتصدر سلم الاصلاحات الواجب اقرارها لكنه لن يكون اجراء شعبيا على الارجح.
ويقول quot;يجب حل مسألة الدعم حتى يذهب الى مستحقيه فقط.