بحجج واهية لا تقنع أحدًا، يعرض الخليجيون أراضيهم وشققهم في لبنان للبيع، طمعًا بالربح الوافر في العاصمة، حيث ارتفعت الأسعار كثيرًا، وبأسعار أقل من السعر الحقيقي بنسبة 40 بالمئة خارج العاصمة، توجّسًا من غياب الاستقرار.
بيروت: إتخذت قضية بيع رعايا دول مجلس التعاون الخليجي عقارات يملكونها في لبنان أبعادًا مختلفة. وكما في كل ملف، تدخل السياسة عاملًا أساسيًا، إذ يحاول كل فريق سياسي تجيير الحدث لمصلحته. إلا أن الخبراء العقاريين يرون أن كل ما يقال عن خروج سياسي للخليجيين من القطاع العقاري اللبناني لا يتعدى كونه كلامًا بلا معنى، وأن الحقيقة تتلخص في أن بعض هؤلاء يريدون تحقيق أرباح عالية، مستفيدين من ارتفاع الأسعار، وإن كان الخبراء لا ينكرون أن غياب الاستقرار يلعب دورًا أيضًا في عمليات بيع عقارات خارج بيروت.
ما المانع؟
يرد إيلي صوما، رئيس جمعية منشئي وتجار الأبنية في لبنان، خروج الخليجيين من السوق العقارية اللبنانية إلى نيتهم تحقيق الربح من عمليات البيع. ويقول لـquot;إيلافquot; إن السبب الرئيس هو التجارة، quot;فالبعض اشترى شققًا أو أراضي في الماضي بأسعار زهيدة، ويجد هؤلاء اليوم الفرصة مؤاتية لتحقيق أرباح طائلة، وقد سمعنا عن شخصيات ومؤسسات خليجية تعرض أراضي بمساحات كبيرة للبيعquot;.
ويسأل صوما: quot;إذا كان الخليجي قد اشترى الأرض بسعر مئة دولار للمتر المربع، ووصل سعره اليوم إلى 500 دولار، فما المانع من البيع وتحقيق الربح؟quot;.
ترقب استثماري
من جهة أخرى، يشدد صوما على أن التطورات السياسية المحلية والإقليمية تؤثر كثيرًا في الوضع اللبناني، وتسبب هذا الجمود الحاصل في القطاع العقاري.
يضيف: quot;نعم هناك خليجيون يسيّلون أملاكهم لأسباب تتعلق بالاستقرار، لكن نسبة هؤلاء من الوضع العام ضئيلة جدًا، ولا أخفي سرًا إن قلت إنّ هناك خليجيين يتصلون بي، ويطلبون شراء شقق على الخط البحري في بيروت، وإذا كان هناك من يبيع شقة أو اثنتين أو حتى 50 شقة على الخط البحري أو في مناطق مثل فردان أو الأشرفية، فهذا لا يعكس حقيقة القطاع العقاريquot;.
كما يلفت صوما إلى أن الطلب على الشقق الكبيرة في بيروت تراجع بنسبة تفوق ـ20 بالمئة، موضحًا أن سبب التراجع يعود إلى إحجام المغتربين والمستثمرين الآخرين عن الشراء، في انتظار ما ستؤول إليه الاوضاع في الداخل والخارج، وخصوصًا في سوريا.
ويرى صوما أن السياسيين في لبنان هم لبّ المشكلة، quot;فهم يدخلون الاقتصاد في دائرة الإهتزاز الدائم بسبب تناحرهم، وهذا الواقع، معطوفًا على التطورات في سوريا، ينعكس تراجعًا في العرض، لأن المستثمر في حال ترقب سياسيquot;.
حجج غير مقنعة
يؤكد الخبير العقاري سمير رمضان أن رعايا دول مجلس التعاون الخليجي يعرضون ممتلكاتهم العقارية للبيع في مناطق واسعة من جبل لبنان، من بحمدون وصوفر وفالوغا وحمانا. ويقول لـquot;إيلافquot;: quot;طلب مني بعض الرعايا الخليجيين تأمين مشترين لعقاراتهم، وهي تتنوع من أراض بمساحات مختلفة إلى شقق وفلل، قائلين إن أولادهم يريدون التوجّه إلى أوروبا، أو غير ذلك من الأسباب التي لا تقنعناquot;.
يضيف: quot;نعتقد أن العوامل اللبنانية الداخلية تلعب دورًا في هذا المجال، ونرجّح أنّ الخليجيين الذين يبيعون أملاكهم هنا يتوجّهون إلى تركيا أو إلى أوروبا للتملكquot;.
ويوضح رمضان أن الخليجيين يطلبون البيع، وإن بأسعار أقل من القيمة المنطقية للممتلكات، وهذا ما تسبب بخفض الأسعار بنسبة تصل إلى 40 بالمئة، مشيرًا إلى أن الكويتيين يأتون في طليعة الخليجيين الذين يبيعون عقاراتهم خارج بيروت في هذه المرحلة، يليهم السعوديون.
زاويتا المسألة
يشدد الخبراء على وجوب النظر إلى موضوع خروج الخليجيين من السوق العقارية اللبنانية من زاويتين. الأولى من زاوية بيروت، والثانية من زاوية المناطق خارج العاصمة.
يقول سامر عبدالله، الرئيس التنفيذي لشركة ريفيو العقارية في لبنان، في اتصال مع quot;إيلافquot;: quot;المشتري الخليجي نوعان، الأول شخص يريد التجارة، فيشتري في بيروت، وينتظر الأوقات المناسبة ويبيع بهدف جني الأرباح، والثاني شخص يريد الاستجمام والراحة في فصل الصيف، فيشتري عقارًا ليبني عليه قصرًا أو فيلا في مناطق الاصطيافquot;.
يتابع: quot;علينا أن نميز بين خروج الخليجيين من السوق في بيروت وبيعهم عقارات خارجهاquot;. ففي الحالة الأولى، لا تأثير يذكر على السوق العقارية في بيروت، لأن المغتربين اللبنانيين يلعبون دورًا بارزًا في شراء الشقق في العاصمة، ويدفعون الأموال نفسها التي يدفعها الخليجيون.
يضيف عبدالله: quot;أما خارج بيروت، فبيع الخليجيين عقاراتهم يؤثر في السوق بدرجة كبيرة، لأنه يحدث تخمة في مناطق لا يمكن لأهلها أن يعوّضوا القدرات المالية للخليجيquot;.
ثقة مفقودة
يرى عبدالله أن هبوط البورصات العالمية في العام 2008 كان يمكن أن يؤدي إلى كارثة في السوق العقارية في لبنان، لو كان الخليجيون يسيطرون على شريحة واسعة من القطاع العقاري، لأنهم كانوا سيعمدون إلى تسييل ممتلكاتهم لتعويض خسائرهم في أسواق المال.
قال: quot;في السابق، كنا كوسطاء عقاريين نعمل بنسبة 90 بالمئة للعملاء الخليجيين، و10 بالمئة للبنانيين، لكن بعد العام 2006 انقلبت المسألة، وصرنا نعمل بنسبة 90 في المئة لمصلحة اللبنانيين المغتربين، الذين يقبلون على الشراء لدوافع مختلفةquot;.
ويوضح عبدالله أهمية استعادة عامل الثقة لاستعادة المستثمر الخليجي إلى لبنان بالقول: quot;من المباني الحديثة القائمة في بيروت ما يعود إلى بداية تسعينات القرن الماضي، ومنها ما يعود إلى بداية الالفية الجديدة، وفي أواسط التسعينات أصيبت أسواق المال العالمية بانتكاسة، وخرج جزء كبير من المستثمرين الخليجيين من لبنان، فعمل الرئيس الشهيد رفيق الحريري على تأمين مؤتمري باريس 1 وباريس 2 لإعادة الثقة بلبنان، فاستعاد المستثمرينquot;.
أضاف:quot;يلعب غياب الاستقرار دورًا في هروب أصحاب العقارات الخليجيين من لبنان، وهنا لا بد من تأمين عناصر الثقة، لكن هناك خليجيون يعتقدون أن لبنان أهدأ من أي مكان آخر في المنطقة، ولا يزالون يطلبون شراء عقارات هناquot;.
في سياق متصل، تشير النشرة الصادرة من بنك بيبلوس إلى أن رجل الأعمال الإماراتي خلف الحبتور تلقى أخيرًا عروضًا من شركات استثمار مختلفة لشراء فندقي حبتور غراند ومتروبوليتان بالاس ومركز لو مول للتسوق.
وفي حين لم تذكر النشرة قيمة العروض المقدمة، لفت إلى أن قيمة بناء الفندقين، اللذين تديرهما شركة هيلتون منذ العام 2011، بلغت 250 مليون دولار.
التعليقات