ستواجه حكومة الرئيس المصري محمد مرسي تحديات صعبة للخروج من الأزمة الاقتصادية، وذلك بعد الموافقة على مجموعة من التدابير التقشفية الصارمة للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، ما قد يفجر ردود فعل شعبية غاضبة وحالة من عدم الإستقرار.
القاهرة: تواجه السلطات الإسلامية في مصر حصاراً بخصوص البدائل الصعبة المتاحة للخروج من عثرة البلاد الاقتصادية، وإن كان ذلك قد يكون من خلال قرض صندوق النقد الدولي، الذي لن يتم إلا بعد موافقة المسؤولين المصريين على مجموعة من تدابير التقشف الصارمة التي ستنطوي على خفض دعم الطاقة وزيادة الضرائب على الاستهلاك.
لكن أي شيء من شأنه أن يضيف لأعباء الفقراء، الذين يشكلون أكثر من 40% من السكان، سيهدد بإحداث ردود فعل غاضبة من الناحية الشعبية وسيعمل أكثر على زيادة زعزعة استقرار مجتمع مطحون يتحول فيه السخط المتنامي إلى احتجاجات.
وقال بهذا الخصوص الخبير الاقتصادي أشرف سويلم quot; هناك مخاطر كبيرة تتعلق بحدوث حالة من عدم الاستقرار إذا تم تنفيذ برنامج صندوق النقد الدولي من أجل مواجهة الموقف الاقتصادي الخطير عبر مجموعة من الإصلاحات التي تتسم بطابعها المؤلمquot;.
وتابع سويلم حديثه بالقول: quot;سوف تقع المخاطر على كاهل البلاد وعلى النظام الحاكم لكن حجم الخطر سيكون أكبر إذا لم تفعل مصر شيئاً في سبيل تأمين القرضquot;.
ونوهت في هذا الشأن صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية إلى مشكلة نقص الوقود وتأثيرها على حركة المرور في مختلف المحافظات، بالإضافة إلى تكرار قطع الطرق وخطوط السكك الحديدية من قبل القرويين لتذمرهم من قطع المياه وعدم انتظام إمدادات الغاز.
ورأت الصحيفة أن المناخ السياسي السام الذي تشهده مصر، إلى جانب القادة المنقسمين المُصرِّين على تقويض بعضهم البعض، قد يثير أيضاً لهيب الغضب الشعبي ويعمل على تسريع الانزلاق إلى الفوضى. ويرفض قادة المعارضة، المهمشون من جانب الإسلاميين الذين يتولون زمام الأمور في البلاد، أن يوافقوا على أي تدابير تقشف من شأنها أن تكلفهم ما يحظون به من دعم من الناس في الشارع.
ويحظى الإخفاق في التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد بمخاطر حقيقية. حيث تأتي كل هذه الظروف في وقت تستورد فيه مصر حوالى 70% من موادها الغذائية، وفي وقت بدأت تواجه فيه الآن أزمة عملة أجنبية بالغة بعد أن انخفضت احتياطات النقد الأجنبي إلى 13.5 مليار دولار، أي دون المستوى اللازم لتغطية واردات ثلاثة أشهر.
وأجمع محللون على أن عدم حصول مصر على قرض صندوق النقد سيحرمها من أية بدائل واضحة لتجنب احتمالية العرض لانهيار مالي، ما لم تقرر مجموعة من الحلفاء الغربيين مثل الولايات المتحدة أن مصر كبيرة لدرجة لا تسمح لها بالانهيار.
ورغم عدم وجود أي إشارات دالة على قرب إتمام إجراءات القرض، إلا أن مصدرًا في وزارة المالية المصرية كشف يوم أمس لوكالة رويترز للأنباء أن القاهرة تدرس عرضاً خاصاً بالحصول على قرض تجسيري، وأنه ليس بديلاً من قرض الـ4.8 مليارات دولار.
وقالت قطر، التي تعتبر حليفاً قوياً للنظام الحاكم الحالي في مصر والتي تعهدت العام الماضي تقديم ما يقرب من 5 مليارات دولار بصورة مساعدات، إنها لا تتوقع تقديم مزيد من المساعدات لمصر في الوقت الحالي. وعاود هنا الخبير الاقتصادي أشرف سويلم ليقول إن تكرار تأخير القرض سمح بتراجع الاقتصاد المصري إلى الدرجة التي بات فيها من الصعب تطوير الحيّز المالي ببرنامجها الإصلاحي اللازم لتخفيف الآلام المرتبطة بما يتوجب فعله من تعديلات من أجل أكثر الفئات ضعفاً.
ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية عن وفاء عمرو، المتحدثة باسم صندوق النقد، قولها إن مصر قد تؤهل للحصول على قرض تجسيري تزيد قيمته عن 700 مليون دولار سنوياً وقد يساعد القاهرة على تجنب انهيار اقتصادها الذي يعاني أزمات.
وأضافت وفاء: quot;ينبغي على مصر القيام بمجموعة إجراءات طموحة وجريئة لمواجهة تحدياتها الاقتصادية والمالية دون مزيد من التأخير. وقد يوفر القرض التجسيري تمويلاً موقتاً وذلك إلى حين أن يتم تطبيق برنامج اقتصادي قوي للأمد المتوسط. لكن هذا الأمر في نهاية المطاف هو قرار يخص السلطات المصرية وحدهاquot;.
وأكدت وفاء أن الصندوق ملتزم تماماً بتقديم الدعم لمصر في ذلك التوقيت الحرج، وأنه يقوم في الوقت الحالي بمراجعة البرنامج الاقتصادي المقترح من السلطات. وختمت الصحيفة بتأكيدها أن هذا القرض العاجل قد يخفف من بعض الضغوط بالنسبة إلى الحكومة من أجل اتخاذ قرارات سياسية صعبة بشأن طريقة إصلاح الاقتصاد.
التعليقات