يرى محللون ونواب أردنيون أن تداول أخبار عن قرب إفلاس الدولة الأردنية لتغطية قرارات حكومية برفع الأسعار ورفع الدعم عن المواد الأساسية هو ابتزاز للمواطن وانتحار سياسي، لن يؤدي إلا إلى سقوط الحكومة في الشارع وفي البرلمان.


عمّان: تقترب الحكومة الأردنية من ساعة المواجهة الحقيقية مع الشارع والبرلمان، إذ قررت رفع أسعار الكهرباء، ورفع الدعم عن السلع الأساسية. سيناريو الرفع في مراحله الأخيرة، لكن ساعة الإعلان لم تدق بعد.

وقد بدأت الحكومة بأسلوب المناورة السياسية، وبخطوات استباقية، أهمها إرسال الرسائل إلى من يهمّهم الأمر، وإلى المواطنين عامة، بأن الدولة على وشك الإفلاس والخزينة الأردنية خالية، لا توجد فيها غير مبالغ مالية تكفي لثلاثة أشهر، أي لشهر آب (أغسطس)، وهذا ما يدفعها إلى اتخاذ هذه القرارات غير الشعبية، على قاعدة مكرهٌ أخاك لا بطل.

وقال مصدر حكومي لـquot;إيلافquot; إن الحكومة ماضية برفع الدعم عن كل السلع الأساسية، كالخبز والكهرباء، وإعطاء دعم نقدي للمواطنين، بحسب سيناريو تم إعداده في وزارة الصناعة والتجارة والتموين والمالية، ينتظر موافقة مجلس الوزراء عليه، ومقدار دعم الخبز سيكون 30 دينارًا للفرد.

ابتزاز صريح
قال المحلل الاقتصادي يوسف منصور لـquot;إيلافquot; إن التعلل بفراغ الخزينة ووقوف الدولة على حافة الإفلاس هو أسلوب ابتزاز رخيص، مؤداه تخويف المواطنين، من أجل تمرير ما تريده الحكومة، وتهديد واضح وصريح لقوت المواطن، quot;خصوصًا أن الحكومة تقول للمواطنين إنها عاجزة عن دفع رواتب الموظفينquot;.

كما استبعد منصور أن تكون الدولة عاجزة عن تأمين رواتب الموظفين، quot;لأنها قادرة على إصدار سندات خزينة، أو بيع بعض الاحتياطي الذهبي، وتصل الرسوم والضرائب، التي تفرضها على المحروقات وغيرها من السلع والخدمات، إلى 700 مليون دينار، وإذا أصرّت الحكومة على رفع الأسعار، بحكم أنه شرط القرض من البنك الدولي والمقدّر بملياري دينار، تستطيع سحب جزء منه، خصوصًا أن هذا الأمر بكفالة أميركيةquot;.

انتحار سياسي
أضاف منصور: quot;قرار رفع الدعم سيكون انتحارًا سياسياً للدولة الأردنية، ومن شأنه أن يزيد الإضرابات عن العمل والمساهمة في غليان الشارع، وانضمام فئة ما زالت صامتة، ومن شأنه أيضًا زيادة البطالة والفقر، وستصل آثار المسألة إلى القطاعات الطبية والصناعية وكل المواد الغذائيةquot;.

لكنه استبعد حصول أي اضطرابات أمنية، لأن المواطن الأردني خائف من وقوع بلاده في الفوضى، كما هو حاصل في مصر وسوريا، غير أنه توقع إضرابات قطاعية وعمالية.

ويرى منصور أن قضية دعم الحكومة للمشتقات النفطية والكهرباء كلام غير صحيح، لأن الحكومة تجني أرباحًا من المحروقات عبر الضرائب التي تفرضها، تصل إلى نحو 40 في المئة، quot;والحكومة لا تدعم الكهرباء، بل ترفع الأسعار ليأتي تعويضًا عن خسائر انقطاع الغاز المصري، والمواطن الأردني يقع ضحية دفع هدر للكهرباء من قبل الشركة التي تستعمل آلات ومعدات قديمة لم يتم تحديثهاquot;.

مزيد من الحراك
من جهته قال نائب الوسط الإسلامي مصطفي العماوي إن قضية الرفع باتت هاجسًا مرعبًا يهدد المواطن الأردني، والإصرار عليها يعني الغليان في الشارع، وقد تؤدي إلى الإطاحة بالحكومة عبر حجب الثقة عنها، quot;وإن قضية الرواتب هذه جاءت بحسب النواب لتكون بمثابة رسالة إلى الداخل لتمرير وقبول القرار، وكذلك إلى الخارج لتقديم المساعدات والمنح من دول الخليج والدول المانحة، والكلام عن خلو الخزينة من الرواتب كلام هزيل وضعيف، ولا يحق للحكومة ترهيب المواطنين بهذا الشكلquot;.

وتوقع العماوي موجة احتجاجات واسعة، تقوم بها كل شرائح المجتمع الأردني، بعد قرار رفع الأسعار والدعم، ومزيدًا من الحراك الشعبي المطلبي.

ورفض العماوي فكرة تسليم الدعم المالي للمواطنين، quot;فذلك إهانة لكرامة المواطن، ونوع من التقصير والعجز من حكومة تبحث عن حلول موقتة، آثارها كارثية في المستقبل على الاقتصاد والمواطن والدولة، لكن الخيار الآخر أمام الضغط الشعبي والنيابي هو إسقاط الحكومةquot;. وقد أيّده الخبير منصور في هذا الرأي.

بدائل ممكنة
من جانبه، قال رئيس اللجنة المالية والاقتصادية موفق الضمور إن الحكومة لم تبدأ بعد مشاوراتها بشأن رفع الأسعار، مضيفًا أن لدى النواب جميعًا قلقاً من قيام الحكومة بخطوة رفع أسعار الكهرباء.

وأكد الضمور أن المجلس لن يمرر هذا القرار، خصوصًا في ظل تفاقم الفقر والبطالة وعجز الموازنة العامة وارتفاع الدين. وأشار إلى أن اللجنة قدمت بدائل من الرفع للحكومة عليها أن تأخذ بها، ومن أهمها فرض ضريبة تصاعدية والحدّ من التهرب الضريبي وتحصيل المتأخر منها، وقد قاربت 1.7 مليار دينار، ورفع الضرائب على السيارات الحديثة ذات السعات العالية للمحرك، ورفع الضرائب على السلع الكمالية والمشروبات الروحية والتبغ.