عمان: تثير اعمال العنف الدامية بين شبان من عشائر مختلفة في الجامعات الاردنية مخاوف من اعاقة طموح الاردن في بناء نظام متين للتعليم العالي، كما يحذر خبراء.
وقتل اربعة اشخاص واصيب 25 اخرون في صدامات وقعت نهاية نيسان/ابريل بين مئات الطلاب في جامعة الحسين بن طلال في معان، على بعد 212 كلم جنوب عمان، اضطرت الشرطة خلالها الى استخدام قنابل الغاز المسيل للدموع واعتقلت 22 شخصا وصادرت اسلحة.
ووقعت تلك الصدامات خلال احتفال الجامعة بعيد تأسيسها ال14 وبدأت باشتباك بالايدي بين مجموعتين من الطلاب لاسباب غير معروفة، سرعان ما امتد الى خارج الحرم حيث تم تبادل اطلاق النار.
ثم امتدت تداعيات الازمة الى مدينة معان حيث قام محتجون غاضبون بقطع الطرق مطالبين بتسليم الجناة.
وكانت مصادمات مماثلة وقعت في نيسان/ابريل في جامعة جرش الاهلية (50 كلم شمال) سبقها في اذار/مارس في جامعة موتة أدتا الى اصابة العشرات.
وتعليقا على الاحداث، قال الملك عبدالله الثاني امام اعضاء البرلمان ووزراء الحكومة في اجتماع عقب الاحداث ان quot;ما نشهده من عنف وخروج على القانون سواء في المجتمع أو في الجامعات أمر لا يمكن القبول به أو السكوت عليهquot;، داعيا السلطات الثلاث الى quot;تحمل مسؤولياتها الكاملة ووضع خطة لمعالجة هذه الظاهرة السلبية التي بدأ المواطن يعاني منها بشكل يوميquot;.
كما دعا الملك الى quot;تطبيق القانون على الجميع بمنتهى الحزم والشجاعة والشفافية وبدون أي تهاون أو محاباة أو استرضاءquot;.
يقول المحلل عريب الرنتاوي لوكالة فرانس برس ان quot;السبب الرئيسي لعنف الجامعات هو فشل الدولة في تكريس مفهوم المواطنة المتساوية لجميع ابنائها وفرض سيادة القانون على الجميع من دون استثناءquot;.
واضاف ان quot;قطاعات مهمة من المواطنين يشعرون بانهم فوق القانون وان مبدأ سيادة القانون لا ينطبق عليهم (ما) ساعد على التغول على مؤسسات الدولة واضعاف هيبتها وتآكل دورهاquot;.
واوضح ان quot;الجامعة لم تعد وعاء للاندماج الاجتماعي، واصبح الطالب يخرج من بيته لجامعته ويرجع لبيته في نفس البيئة والعشيرة والعقلية والافق .. التصرف على هذا النحو عمق الهويات المحلية والجهوية والمناطقية على حساب الهوية الوطنية العامةquot;.
وحذر الرنتاوي من انه quot;في ظل مناخات التوتر والعنف الاجتماعي فإن آلاف الطلبة العرب الذي يدرسون في جامعاتنا بدأوا يفكرون جديا بمغادرة الاردن والبحث عن اماكن اخرىquot;.
واضاف quot;الاصلاح يجب ان يبدأ من خارج الجامعة بتكريس مفهوم المواطنة وسيادة القانون واستعادة هيبة الدولة ومؤسساتهاquot;.
ومن جهته، يؤكد فاخر دعاس منسق اللجنة الوطنية لحقوق الطلبة (ذبحتونا) لوكالة فرانس برس ان quot;ظاهرة العنف الجامعي ظهرت قبل نحو 10 سنوات وبدأت تتنامى تدريجيا خلال السنوات الثلاث الاخيرةquot;.
واضاف quot;انها نتيجة تراكم سياسات حكومية بدأت بقانون الصوت الواحد في الانتخابات البرلمانية والجامعية الذي عزز الهويات الفرعية والانتماءات ما تحت الوطنية، فضلا عن أسس القبول الجامعي والمنح للطلبة والتعيين ومنع العمل السياسي في الجامعاتquot;.
واوضح دعاس ان quot;جيلا جديدا بدأ يظهر ليس لديه وعي سياسي وبدأت تظهر فيه هذه الهويات الفرعية اكثر فأكثر على حساب الانتماء للوطنquot;.
ورأى ان quot;المشكلة ان الحكومة ظلت مصرة على سياسة انه لا يوجد شيء اسمه عنف جامعي، بل مناوشات تحصل هنا وهناك سرعان ما تنتهي، بالتالي ظلت المشكلة قائمة وتتفاقم دون حلquot;.
واضاف ان quot;المتسببين بالعنف لم يتم ردعهم بعقوبات او آلية محددة بل خضعوا للصلح العشائري وعادوا الى جامعاتهمquot;.
ويرى دعاس ان quot;الحل يكمن اولا في الاعتراف بأن هناك عنفا جامعيا ثم معالجة جذرية لكل مسببات هذا العنف وفرض عقوبات رادعة حقيقية تصل الى حد فصل الطلاب المتسببين بهذا العنفquot;.
من جانبه، قال حسين الخزاعي لوكالة فرانس برس quot;لدينا 225 الف طالب جامعي في الاردن 10 بالمائة منهم يمارسون العنف، وهذا خطر لان هؤلاء يؤثرون على ال90 بالمائة الاخرين الذين جاؤوا من اجل التعليمquot;.
واوضح الخزاعي انه quot;في السنة الماضية وحدها وقعت 80 مشاجرة عنيفةquot;، مقارنة مع 31 مشاجرة في 2010، مشيرا الى ان quot;بعض الطلبة يحملون معهم اسلحة نارية يضعونها في سيارتهم خارج الجامعة وفي حال حصول أي مشاجرة فانهم يلجأون اليهاquot;.
واكد ان quot;معظم خلافات ومشاجرات الطلبة هي شخصية وطبيعية وعابرة، لكن عندما تصل للاهل والعشيرة فأنهم يكبرونها ويعطونها حجما اكبر من حجمهاquot;.
والقى الخزاعي باللوم على الاهالي، وقال quot;الاهل يشجعون ابناءهم على العنف لانهم يأتون بسياراتهم واسلحتهم في حال حصول أي خلاف ليهددوا الجامعة، انهم يخربون الجامعة لانهم هم من ينقلون ادوات الصراع الى الجامعة وليس الطلابquot;.
ويؤكد الباحث موسى الشتيوي مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية لوكالة فرانس برس ان quot;نسبة البطالة مرتفعة في صفوف الشباب وهناك طلاب يدرسون في تخصصات ليس فيها أفق أمل للعمل، ما ولد نوعا من الاحباط يبعث على اليأس والتمرد عند الشبابquot;.
وبحسب الشتيوي فإن quot;الحل يكمن في رفع سوية التعليم والقضاء على كافة اشكال التمييز المختلفة في داخل الجامعات وخارجها واعادة النظر بسياسات القبول وتهيئة بيئة تثقيفية حاضنة للطلبة في الجامعات وتشديد الامن في الجامعات كاقامة شرطة جامعية داخل الجامعات ووقف التدخل الخارجي في ادارات الجامعاتquot;.