&

لندن: أعدت اليونان خططًا لتأميم النظام المصرفي وطرح عملة موازية تسدد بها فواتيرها، ما لم تتحرك دول منطقة اليورو بخطوات تتفادى الأزمة المقبلة وتخفف من مطالبها على اثينا.

قالت مصادر قريبة من حزب سيريزا الحاكم إن الحكومة عازمة على إبقاء الخدمات العامة مستمرة في العمل ودفع المعاشات التقاعدية رغم نضوب خزينتها، وقد تجد نفسها مضطرة إلى اتخاذ خطوة غير مسبوقة، بالتخلف عن تسديد القسط المستحق عليها لصندوق النقد الدولي خلال الأيام القليلة المقبلة.

التخلف ممكن
وأكدت المصادر أن اليونان لم يعد لديها ما يكفي لتسديد 458 مليون يورو مستحقة عليها لصندوق النقد الدولي في 9 نيسان (ابريل)، وفي الوقت نفسه دفع الرواتب ومعونات الضمان الاجتماعي في 14 نيسان (ابريل)، ما لم توافق منطقة اليورو على توفير القسط التالي من حزمة الانقاذ في الوقت المحدد تمامًا.
وقال مسؤول يوناني رفيع لصحيفة ديلي تلغراف: "نحن حكومة يسارية وإذا تعين علينا أن نختار بين التخلف عن الايفاء بالتزامنا تجاه صندوق النقد الدولي أو تجاه شعبنا فالخيار لا يحتاج إلى تفكير اصلًا".

المشهد تغير
اضاف المسؤول أن الحكومة قد تدخل في عملية تجميع متأخرات عليها لصندوق النقد الدولي، "ومن شأن هذا أن يحدث هزة في الأسواق، ويعني أن الوقت سيدركنا".
وتفضل الحكومة اليسارية أن تحصر نزاعها مع المقرضين الاوروبيين ولكن اول الأقساط المستحقة هو لصندوق النقد الدولي. وفي حين أن حزب سيريزا لا يريد التخلف رسميًا عن الدفع للصندوق، فانه يعتبر الانزلاق إلى تراكم المستحقات عليه تصعيدًا لا بد منه في المواجهة مع المفوضية الاوروبية والبنك المركزي الاوروبي.
وترى اثينا أن دول منطقة اليورو المقرضة لا تستوعب أن المشهد السياسي تغير بصورة جذرية منذ انتخاب حزب سيريزا اليساري في كانون الثاني (يناير)، وأن عليها أن تقدم تنازلات إذا كانت تريد أن تمنع حدوث شرخ "كارثي" في الاتحاد النقدي.

استراتيجية خطرة
وقال مصدر يوناني رفيع: "يريدون إخضاعنا لطقوس من المهانة وضغط الإنفاق ويحاولون وضعنا في موقف يتعين علينا فيه إما التخلف عن الايفاء بالتزامنا تجاه شعبنا أو القبول باتفاق مسموم سياسيًا بالنسبة لنا، وإذا كان هذا هو هدفهم فعليهم أن يحققوه من دون مشاركتنا".
ويقول محللون إن التخلف عن دفع المستحقات لصندوق النقد الدولي حتى لبضعة أيام استراتيجية محفوفة بالمخاطر، مشيرين إلى أنه لم تتخلف دولة متطورة ذات يوم عن الايفاء بالتزاماتها تجاه مؤسسات بريتون وودز. ورغم وجود مهلة أمدها ستة اسابيع قبل أن يعلن الصندوق رسميا عجز اليونان عن الدفع فإن العملية يمكن أن تخرج عن نطاق السيطرة.
وقالت مصادر حزب سيريزا إن القيادة تدرك أن التعنت مع المقرضين يهدد بإطلاق رد فعل متسلسل ولكنها مستعدة للقبول بأسوأ الاحتمالات على التخلي عن وعودها الانتخابية للشعب اليوناني. واضافت المصادر أن خطة طوارئ أُعدت لهذا السيناريو.

مصدية بروكسل!
ونقلت صحيفة ديلي تلغراف عن احد المصادر قوله: "سنغلق البنوك ونؤممها ثم نصدر كمبيالات إذا اقتضت الحاجة، وما لن نفعله هو أن نصبح محمية تحت وصاية الاتحاد الاوروبي".
وتدرك أثينا أن مثل هذه الخطوة تعني العودة إلى الدراخما رغم أن حزب سيريزا يفضل التوصل إلى اتفاق مع الاتحاد النقدي الأوروبي.
وقد تكون منطقة اليورو مستعدة للإفراج عما يكفي من المال لتمكين الحكومة اليونانية من تغطية تكاليفها في 14 نيسان (ابريل)، بشرط أن تسدد اثينا القسط المستحق عليها لصندوق النقد الدولي اولا.
لكن الثقة انهارت إلى حد لم يعد معه وزراء كبار في الحكومة اليونانية يصدقون تطمينات بروكسل، خشية استدراجهم إلى مصيدة. وأصبحت الأجواء مشحونة بين الطرفين.

لن نخرج
وقال مسؤول يوناني إن الاتحاد الاوروبي يريد أن يدفع الحكومة إلى اتخاذ خطوات تفقد معها شعبيتها، وصولًا إلى سقوطها. واضاف: "انهم يريدون أن يجعلونا عبرة وأن يبينوا أن ما من حكومة في منطقة اليورو لها الحق في التفكير المستقل، انهم لا يعتقدون اننا سنخرج من منطقة اليورو أو أن الشعب اليوناني سيدعمنا وهم مخطئون في الحالتين".
وما زال حزب سيريزا يأمل بأن تتمكن المستشارة الالمانية انغيلا ميركل من نزع فتيل الأزمة، لكنه يخشى أن يواجهها أمر واقع خارج سيطرتها.
وحذر بنك اوف اميركا من التداعيات الخطيرة لتخلف اليونان عن تسديد القسط المستحق لصندوق النقد الدولي في 9 نيسان (ابريل)، بما في ذلك العجز عن الدفع في تاريخ استحقاق سندات الحكومة اليونانية الصادرة بموجب اتفاق حزمة الانقاذ.

التوتر آت صيفًا
في هذه الأثناء، تصر بروكسل على مزيد من العهود الملموسة من اثينا رغم تسلمها قائمة تقع في 26 صفحة بالاصلاحات التي تعتزم الحكومة اليونانية تنفيذها. وقال رئيس المفوضية الاوروبية السابق خوسيه مانويل باروسو إن مطالبة اثينا بمزيد من المال "غير مقبول على الاطلاق وعلينا أن نتذكر أن بلدانا أفقر تقرض اليونان".
وتأمل اليونان بجمع 6,1 مليارات يورو في 2015 من مكافحة تهريب الوقود والتهرب من الضرائب وفرض رسوم جديدة على البضائع الترفيهية والكماليات واصلاح نظام المشتريات العامة. وتقدر احتياجاتها التمويلية العام المقبل بنحو 19 مليار يورو، الأمر الذي يعني مزيدًا من التوتر خلال الصيف، حتى في حال التوصل إلى اتفاق على تمويل مرحلي لغاية حزيران (يونيو).
&

&