&أبوظبي: تتجه إمارة أبوظبي التي تنعم بثراء هائل لشد الحزام قليلا، مع تراجع حصيلة الصادرات جراء انخفاض أسعار النفط، وذلك في مؤشر على أن تبعات هبوط أسعار الخام طالت حتى أكثر اقتصادات الخليج ثراء.بيد أن الإمارة التي يقطنها نحو 2.4 مليون نسمة لا تواجه أي ضغوط مالية جسيمة، إذ أن أصول صندوق الثروة السيادي جهاز أبوظبي للاستثمار التي تقدر بأكثر من 770 مليار دولار تسمح لها بالتكيف بسهولة مع انخفاض ايراداتها بنحو النصف منذ يونيو/حزيران الماضي.ولا زالت أبوظبي تنفق علي مشروعات ثقافية كبيرة، مثل فرع لمتحف اللوفر تقدر تكلفته بمئات الملايين من الدولارات، فضلا عن البنية التحتية للنقل والتوسع في قطاع النفط والإسكان، ومشروعات في قطاعي الإسكان والتكنولوجيا المتطورة، وتهدف جميعها لتنويع مواردها الاقتصادية بعيدا عن النفط - بحسب رويترز-.

ولا تلوح في الأفق بوادر تغيير لأسلوب الحياة المترف. فقد افتتح الشيف سيرجي أرولا الشهير الحاصل على نجمة ميشلان مطعما أسبانيا فخما في الإمارة في أبريل/نيسان. وفي الشهر الماضي قالت شركة الدار العقارية انها جمعت 135 مليون دولار من حجوزات لمشروع فيلات مزمع على جزيرتين صغيرتين قرب وسط المدينة.وتحول السرية التي تحيط بميزانية حكومة أبوظبي دون معرفة بعض التفاصيل، إلا أن مصرفيين ورجال أعمال يقولون ان تغييرا طرأ على نمط الإنفاق في الإمارة في الأشهر التسع الماضية.فقد تقلصت المبالغ المخصصة لاستثمارات خارجية ضخمة، وثمة عودة للتأكيد على تنمية الاقتصاد المحلي، وفي الوقت نفسه يجري تأجيل بعض المشروعات المحلية التي ينظر إليها على أنها أقل أهمية، وفي حالات قليلة جرى إلغاء مشروعات.
&
وقال مصدر مطلع علي اسلوب التفكير في الإمارة «شد الحزام قليلا في ظل انخفاض أسعار النفط أمر طبيعي، ويبدو أن حقبة الاستثمارات الضخمة في الخارج ولت في الوقت الحالي.»وأضاف المصدر الذي طلب ألا ينشر اسمه لانه غير مخول بالتحدث لوسائل الاعلام «التركيز حاليا على مشروعات التنمية المحلية – النفط والغاز والصناعة والسياحة والبنية التحتية وتوفير وظائف ودعم الاقتصاد.»وذكرت إدارة الاتصالات في حكومة أبوظبي في بيان ارسل عبر البريد الإلكتروني أن خططها لا زالت تحركها الأهداف التنموية والاستراتيجية ولم تتأثر بالتغيرات في سوق الطاقة. وتابعت أن الشركات التابعة للدولة ستواصل أنشطتها تمشيا مع السياسات الاستثمارية والاطار المحدد لها.
&
وتكلفة إنتاج النفط في أبوظبي منخفضة نسبيا، لذا فان الإمارة تجتاز حقبة تراجع أسعار النفط بيسر أكثر من معظم اقتصادات المنطقة.ويقدر بنك أبوظبي الوطني، أكبر بنوك الإمارة، انه حتى في حالة انخفاض سعر مزيج برنت الخام إلى 55 دولارا للبرميل العام الجاري فان إمارة أبوظبي ستسجل عجزا ماليا لن يتجاوز 2.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وسيتقلص صافي الاصول الخارجية بواقع ثمانية مليارات دولار فحسب إلى 733 مليار دولار.ووفقا لحسابات البنك فان أبوظبي ستحقق فائضا بسيطا في الميزانية عند السعر الحالي لبرنت الذي يقترب من 65 دولارا للبرميل.وفي ظل ضبابية الآفاق على المدى الطويل يشدد القائمون على خزانة الدولة على أهمية الاقتصاد في الإنفاق. ولم تتوقف الاستثمارات الخارجية تماما. ففي أبريل/نيسان أبرم جهاز أبوظبي للاستثمار اتفاقا لشراء حصة 50 في المئة في ثلاثة فنادق في هونغ كونغ مقابل 2.4 مليار دولار، لكن عددا من شركات الاستثمار المملوكة لأبوظبي قلصت نشاطها في الخارج.
&
وفي أبريل قالت شركة أبوظبي الوطنية للطاقة (طاقة) التي تملك استثمارات في شتى أنحاء العالم إنها ستقلص الإنفاق الرأسمالي للعام الجاري بنسبة 39 في المئة.كما لم تبرم «مبادلة للتنمية» التي استثمرت مليارات الدولارات في الخارج في عامي 2013 و2014 أي صفقة استثمار رئيسية في الخارج منذ بداية العام الجاري.وحتى شركة «الإتحاد للطيران» سريعة النمو التي اشترت 49 في المئة من شركة الطيران «أليطاليا» العام الماضي، وبعد استثمارها في «إير برلين» و»جت إيروايز» الهندية وغيرها، توقفت فيما يبدو عن ابرام أي صفقات استحواذ اخرى.وقال متحدث باسم «الإتحاد» أنه «عند الاعلان عن صفقة أليطاليا أوضحنا أنه لا توجد أي خطط لاستثمارات اخري. ولا يزال الحال على ما هو عليه.»
&
وفي الداخل جرى إلغاء مشروعات أو تأجيلها أو تباطأ تنفيذها. وفي الشهر الماضي ألغي مهرجان أبوظبي السينمائي الذي اقيم سنويا منذ عام 2007. وقالت السلطات إنها تنوي تحويل اهتمامها لمبادرات أخرى.وفي مارس/آذار ذكرت مصادر لرويترز أن شركة الاستثمار والتنمية السياحية في أبوظبي أجلت خططها لجمع تمويل لبناء أكبر مركز تسوق بالتعاون مع شركة «إل.في.إم.إتش» الفرنسية للسلع الفاخرة. وامتنعت شركة الاستثمار والتنمية السياحية في أبوظبي عن التعليق.وقال بيير سيرونفال، مدير عام وحدة شركة الانشاء البلجيكية «بيسيكس» في الشرق الأوسط، ان سوق مشروعات التشييد في أبوظبي هاديء نسبيا هذا العام. وأضاف «نجحنا في بعض المشروعات، ولكن بعض الآخر لم يتجاوز مرحلة تقديم العروض منذ ما يزيد عن عام. نعيد طرح المناقصة باستمرار.»
&
وقال «بنك أوف أمريكا ميريل لينش» في وقت سابق «رغم ان الميزانية لم تنشر ولكن ما فهمناه هو أن حكومة أبوظبي تتجه لترشيد الإنفاق قليلا.» ولمح إلى أنه في حالة استمرار أسعار النفط المنخفضة فان المساعدات التي تمنحها أبوظبي لدول اخرى أو الامارات الأقل ثراء ستخفض في نهاية المطاف.&وأضاف «ستستمر المشروعات الاستراتيجية على الأرجح مما يدعم النشاط الاقتصادي غير النفطي. لكن نعتقد انها سيلجأون عوضا عن ذلك لتقليص قطاعات الإنفاق غير الضرورية مثل المنح الخارجية أو صافي القروض والمنح والتحويلات الإتحادية.»