القدس: استيقظت إسرائيل الإثنين على حكومة جديدة برئاسة الزعيم اليميني المتطرف نفتالي بينيت الذي ستتوجه إليه الأنظار خلال سعيه إلى ترجمة وعود ائتلاف "التغيير" على أرض الواقع بعد أن طوت 12 عاما من حكم بنيامين نتانياهو.

أطاح الائتلاف الذي يضم أحزابًا إسرائيلية متباينة في توجهاتها وتشكيلة من قدامى القادة السياسيين وعددا كبيرا من النساء بنتانياهو بعد أن جمعتهم مهمة إنهاء حياته السياسية.

حصل الائتلاف الحكومي الجديد على أصوات 60 نائبا في حين عارضه 59 نائبا معظمهم من أحزاب اليمين واليمين المتطرف بينما امتنع نائب واحد عن التصويت.

صباح الإثنين، وصل أعضاء الحكومة وعددهم 26 وزيرًا بالإضافة إلى بينيت إلى مقر إقامة الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين - الذي من المقرر أن يتنحى في تموز/يوليو - لالتقاط الصور التقليدية.

في ساعات ما بعد الظهر يفترض أن يسلم نتانياهو الدفة لبينيت في مكتب رئيس الوزراء في القدس لكن دون حفل رسمي خلافا لما هو متعارف عليه.

وفي افتتاحية صحيفة معاريف الوسطية، كتب الصحافي المتخصص في الشؤون السياسية بن كاسبيت "هذا الصباح يصادف فجر يوم جديد. ... إنه صباح العمل الشاق اللازم لإعادة البناء".

وكتب كاسبيت عن "رغبة عدد كبير من الإسرائيليين في العيش بسلام دون تحريض على العنف ودون كراهية، وقبل كل شيء دون أكاذيب لا تنتهي كتلك التي خلفها نتانياهو".

تولّى نتانياهو رئاسة الحكومة للمرة الأولى بين عامي 1996 و1999، والمرة الثانية استمرت لمدة 12 عاما متواصلة منذ العام 2009.

وتعهد نتانياهو (71 عاما) في خطابه الأخير أمام الكنيست بأن عودته ستكون "قريبة"، على الرغم من مواجهته تهم فساد قد تدخله السجن، وتنحيته تعني أن لم يعد يتمتع بأي حصانة.

وهنأ الرئيس الاميركي جو بايدن الأحد نفتالي بينيت باسم الشعب الأميركي، مؤكدا على التزام إدارته الكامل بالعمل مع الحكومة الاسرائيلية الجديدة "للدفع قدما بالأمن والاستقرار والسلام بالنسبة الى الاسرائيليين والفلسطينيين والشعوب في أرجاء المنطقة

وفي اتصال هاتفي بين الزعيمين اتفقا "على أنّهما وفريقيهما سيتشاورون عن كثب بشأن كلّ الأمور المتعلّقة بالأمن الإقليمي، بما في ذلك إيران" على ما أكد البيت الأبيض. وهنأ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن نظيره الإسرائيلي بيني غانتس.

كما هنأ كل من رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال والمستشارة الأميركية أنغيلا ميركل ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو ووزير الخارجية البريطاني دومينيك راب، رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد.

والإثنين، كتب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في رسالة نشرها الكرملين متوجها إلى بينيت بعد أن هنأه: "آمل أن يسهل عملك على رأس الحكومة مرحلة جديدة من التعاون الثنائي البناء في جميع المجالات"، معتبراً أن التعاون الروسي الإسرائيلي سيعزز "السلام والأمن والاستقرار في الشرق الأوسط".

فلسطينيًا، قال رئيس الوزراء محمد اشتية إن "الامتحان أمام أي حكومة في اسرائيل بالنسبة لنا هو تعهدها بإنهاء الاحتلال والاعتراف بالحق التاريخي والسياسي السيادي للفلسطينيين بدولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس".

وأكد اشتية على ما أوردت صحيفة الأيام الفلسطينية على أن برنامج نتانياهو قام على تدمير اي إمكانية لقيام دولة فلسطينية.

أما وزارة الخارجية الفلسطينية فقالت إن وصف الحكومة الإسرائيلية الجديدة بأنها "حكومة تغيير ... غير دقيق إلا إذا كان المقصود بالتغيير إزاحة نتانياهو". أما بالنسبة لسياسات بينيت فكتبت الوزارة "أنها لن تتغير إن لم نشاهد أسوأ منها" من فترة نتانياهو.

يعتمد الائتلاف الحكومي الجديد على التناوب وسيترأسه زعيم حزب يمينا لعامين قبل أن يسلم المنصب في آب/أغسطس 2023 ليائير لبيد الذي يتولى حاليًا حقيبة الخارجية.

لكن الائتلاف الهش الجديد يواجه تحديات عدة وعلى رأسها تعافي الاقتصاد بعد انتكاسة كبيرة بسبب تفشي فيروس كورونا بالإضافة إلى النزاع مع الفلسطينيين.

الثلاثاء، تنظم الجماعات اليمينية المتطرفة مسيرة مثيرة للجدل من المقرر أن تصل إلى القدس الشرقية المحتلة التي تشهد منذ نحو شهرين احتجاجات شبه يومية.

واندلعت الاحتجاجات في القدس الشرقية والضفة الغربية المحتلتين على خلفية التهديد بطرد عائلات فلسطينية من منازلها في حي الشيخ جراح لصالح جمعيات استيطانية.

وأدى ذلك إلى تصعيد دام مع حركة حماس في قطاع غزة استمر 11 يوما وتسبب بمقتل 260 فلسطينيا بينهم مقاتلون وبدمار هائل في القطاع المحاصر. وفي الجانب الإسرائيلي قتل 13 شخصا بينهم جندي.

وأنهى وقف إطلاق النار بوساطة مصرية المواجهات، لكن المحادثات من أجل هدنة دائمة لم تنجح وهذا ما سيشكل تحديًا آخر للحكومة الجديدة.

وقال المتحدث باسم حركة حماس فوزي برهوم الأحد إن "سلوك هذه الحكومة على الأرض سيحدد طبيعة ومسار التعامل الميداني مع الاحتلال".

ورأى المعلق السياسي ناحوم برينع في مقال له نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت أن "هذه الحكومة ستواجه صعوبة في اتخاذ القرارات".

في القدس وتل أبيب خرج الآلاف إلى الشوارع للاحتفال بمنح الثقة لحكومة "التغيير" التي شكلها زعيم حزب يش عتيد أو (هناك مستقبل) الوسطي يائير لبيد بالتحالف مع سبعة أحزاب، اثنين من اليسار واثنين من الوسط وثلاثة من اليمين بينها حزب "يمينا" القومي المتطرف برئاسة بينيت، وحزب عربي هو "الحركة الإسلامية الجنوبية".

وصدحت الموسيقى في ميدان رابين وسط تل أبيب، وصرخ أحدهم عبر مكبرات الصوت التي نصبت على المنصة "بيبي عد إلى بيتك".

وقالت تشين نيفو (49 عاما) التي وصلت مع أطفالها للمشاركة في الاحتفال في وقت متأخر من مساء الأحد إنها "مصدومة بعض الشيء لأننا انتظرنا هذه اللحظة كثيرًا". وأضافت مشيرة إلى أطفالها "من المفترض أن يناموا الآن، لكني اعتقد أنها لحظات مهمة حقًا".