جاكرتا: في جاكرتا، يعاني صغار التجار في أكبر سوق للأقمشة والألبسة في جنوب شرق آسيا من تراجع عدد الزبائن تدريجياً، ويرون أن السبب هو تفضيل المتسوقين شراء سلع بأسعار منخفضة يعرضها عمالقة التجارة الإلكترونية مثل تيك توك.

ومن بين هؤلاء التجار هندري تانجونغ (35 عامًا) وهو بائع ملابس إسلامية، ويعرض سلعه إلى جانب مئات التجار الآخرين في سوق تاناه أبانغ، في وسط العاصمة.

ولم تكن السوق مزدحمة، وبعض المحلات التجارية أسدلت الستائر. ويشكو صغار التجار من تأثّرهم بازدهار التجارة الإلكترونية على تطبيق تيك توك.

وقال تانجونغ "نريد أن تُغلق الحكومة تطبيق تيك توك شوب، أو على الأقل أن تنظمه. أنا قلق بشأن (مستقبل) الموظفين لدي".

ويُعَدّ الاندونيسيون أكثر الشعوب في المنطقة انفاقاً عبر تطبيق تيك تيك الذي طورته شركة التكنولوجيا الصينية العملاقة "بايت دانس".

والعام الماضي، شكّلت عمليات الشراء من إندونيسيا 42 بالمئة من مبيعات تيك توك التي بلغت حوالي 4,4 مليار دولار (4,1 مليار يورو) في جنوب شرق آسيا، وفقًا لشركة مومينتوم ووركس Momentum Works الاستشارية، ومقرها سنغافورة.

قواعد تنظيمية
وفي مواجهة هذه الأرقام الكبيرة، هدّدت جاكرتا مؤخرًا بحظر التجارة عبر تيك توك بشكل تام، بهدف حماية تجارها المحليين.

وأعلن الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو الاثنين إمكانية اعتماد قواعد تنظم التعاملات على مواقع التواصل الاجتماعي لمواجهة مخاطر الوضع الاحتكاري لجهات مثل تيك توك.

تزامناً، اضطر هندري تانجونغ إلى اتخاذ تدابير جذرية، فمع انخفاض المبيعات بنسبة 80 بالمئة في الأشهر الأخيرة، قام بتسريح خمسة من موظفيه الثلاثين.

ويشرح تانجونغ سبب هروب زبائنه قائلاً "يتم التفاوض على بيع قميص في السوق مقابل 60 ألف روبية (3,65 يورو)، لكنها تباع على موقع تيك توك للتسوق مقابل 40 ألف روبية فقط (2,40 يورو).

ويشدّد خبراء على أهمية وضع قواعد للعبة بهدف حماية السوق المحلية.

وقال الباحث في معهد التنمية الاقتصادية والمالية في جاكرتا نيلول الهدى "الحل يكمن في تنظيم التجارة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتتوافق مع التجارة الإلكترونية والتجار التقليديين".

وأضاف "على الحكومة تعزيز حماية المنتجات المحلية من خلال تشديد الأنظمة على المنتجات المستوردة وفرض إجراءات رادعة على الواردات".

رداً على ذلك، حذر تطبيق تيك توك من مثل هذا التنظيم.

وقال مدير الاتصالات في تيك توك في إندونيسيا أنجيني سيتياوان، لفرانس برس مؤخراً إن "نحو مليوني شركة إندونيسية تستخدم تيك توك لتزدهر وتنمو من خلال التجارة على موقع التواصل الاجتماعي".

وتمثل إندونيسيا قضية رئيسية للعملاق الصيني، كونها ثاني أكبر سوق بالنسبة له، إذ تضم 125 مليون مستخدم، وفقًا للتطبيق.

وفي حزيران/يونيو خلال زيارة إلى جاكرتا، أعلن شو زي تشيو الرئيس التنفيذي لشركة "بايت دانس" ByteDance المالكة لتيك توك أن المجموعة ستستثمر خلال السنوات المقبلة "مليارات الدولارات" في جنوب شرق آسيا حيث لدى تيك توك 325 مليون مستخدم.

لا يمكن أن يستمر
وتيك توك ليس التطبيق الوحيد الذي يتيح التعاملات على شبكته الاجتماعية. فهناك كذلك مجموعة ميتا الأميركية العملاقة على منصتيها فيسبوك وانستغرام

ويرى التجار في سوق تاناه أبانغ الواسعة، أن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر.

وقالت أتينا، وهي تاجرة تبلغ 21 عاماً، ولها اسم واحد فقط على غرار العديد من الإندونيسيين "سنكون راضين إذا تمكنت الحكومة من وضع قواعد".

وتدير الشابة محلاً لبيع الملابس النسائية وتشهد تراجع مبيعاتها إلى حد كبير. وأصبحت الإيرادات الكبيرة التي كانت تحققها خلال بعض عطل نهاية الأسبوع والتي كانت تصل إلى 10 ملايين روبية في أفضل الأحوال (610 يورو)، مجرد ذكرى حالياً.

وقالت بأسف "لا نجني أكثر من 3 ملايين روبية فقط (183 يورو)، لأن العملاء يقارنون دائمًا أسعارنا بتلك التي يجدونها على تيك توك".