باريس: منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، بدأ السياح يتجنبون زيارة منطقة الشرق الأوسط، ما يشكّل خطرا على قطاع السياحة في بلدان مثل الأردن ولبنان ومصر تعتمد الى حدّ كبير على السياحة لدعم خزينتها.
في مدينة البتراء الوردية المنحوتة بالصخر، جوهرة الصحراء الأردنية التي زارها 900 الف سائح العام الماضي، تراجع عدد السياح بشكل واضح الشهر الماضي عما كان عليه في تشرين الأول/أكتوبر.
وقال الدليل السياحي عامر نظامي (46 عاما) لفرانس برس "للأسف لو زرت البتراء الآن لن ترى سوى عددا قليلا من الزوار"، مؤكدا أن المدينة الأثرية كانت مزدحمة مطلع شهر تشرين الأول/أكتوبر و"كنا سعداء بأن الموسم استثنائي".
وأضاف "الرحلات المنظمة التي تشمل وجهات عدة، وتجمع الأردن والضفة الغربية وإسرائيل، توقفت تماما، وألغيت العشرات من الحجوزات، خصوصا لمجموعات قادمة من الولايات المتحدة".
ويوافقه الرأي موظف الاستقبال في فندق قصر البتراء صافي النوافلة الذي قال لفرانس برس "عدد الزوار في الفنادق الرئيسية انخفض ما بين 25 بالمئة و50 بالمئة، بينما بعض الفنادق الصغيرة ليس فيها أحد".
طفرة في عدد الزوار
واندلعت الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بعدما شنّت الأخيرة هجوما غير مسبوق في 7 تشرين أول/اكتوبر على الدولة العبرية تسبّب بمقتل 1200 شخص غالبيّتهم مدنيّون قضى معظمهم في اليوم الأول للهجوم، حسب السلطات الإسرائيلية.
وردّت إسرائيل عقب الهجوم بقصف مدمّر على قطاع غزة ترافق منذ 27 تشرين الأول/أكتوبر مع عمليات برية واسعة، وقتل نتيجته زهاء 15 ألف شخص، معظمهم من المدنيين وفقا لأرقام حكومة حماس.
وانتهت عند الساعة الخامسة بتوقيت غرينتش من صباح الجمعة الهدنة التي بدأت في 24 تشرين الثاني/نوفمبر، واستأنفت إسرائيل القصف وحماس إطلاق الصواريخ.
وأتاحت الهدنة إطلاق سراح 80 رهينة إسرائيليين كانوا محتجزين في غزة و240 أسيرا فلسطينيا. كذلك أطلِق سراح أجانب معظمهم تايلانديون يعملون في إسرائيل، من خارج إطار اتفاق الهدنة.
وتمتعت منطقة الشرق الأوسط قبل الحرب بطفرة في عدد الزوار، إذ سجلت أكبر زيادة بين المناطق العالمية خلال الفترة من كانون الثاني/يناير إلى تموز/يوليو، وتجاوز عدد زوارها مستويات ما قبل وباء كوفيد 19 بنسبة 20 في المئة، وفقا لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة.
لكن وفقا لأوليفييه بونتي من شركة "فورورد كييز" التي تحلّل بيانات السفر، "أدّت الحرب إلى توقف طلبات السفر إلى إسرائيل" وكان لها "تأثير مضاعف على الوجهات المجاورة، حيث تعاني دول الشرق الأوسط من انخفاض كبير في الحجوزات الجديدة".
وأضاف أن بعض السياح استبدلوا وجهات سفرهم المعتادة كمصر وتركيا بوجهات أخرى في جنوب أوروبا مثل إسبانيا واليونان والبرتغال.
إلغاء نصف الحجوزات
وقالت وكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيفات الائتمانية في بداية شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي إن لبنان والأردن ومصر، وهي الدول المجاورة بشكل مباشر لإسرائيل وغزة، ستعاني أكثر من غيرها من انخفاض السياحة.
وأشارت إلى أن السياحة شكّلت 26 بالمئة من إيرادات لبنان الخارجية العام الماضي، و21 بالمئة بالنسبة للأردن و12 بالمئة بالنسبة لمصر. أما بالنسبة لإسرائيل، كان الرقم 3 بالمئة فقط.
وأشارت "ستاندرد آند بورز" إلى أنه "منذ الحرب بين إسرائيل وحماس، أبلغت العديد من وكالات السياحة في مصر إلغاء نحو نصف الحجوزات لشهري تشرين الأول/نوفمبر وكانون الأول/ ديسمبر، خصوصا من "السياح الأوروبيين".
وأضافت أن عددا من شركات طيران أوقفت رحلاتها إلى لبنان حيث يتبادل مقاتلو حزب الله القصف عبر الحدود مع القوات الإسرائيلية.
وحذّرت شركة "إيزي جت" الثلاثاء من أن الصراع سيؤثر على أرباحها، إذ تمثّل الرحلات الجوية إلى مصر وإسرائيل ولبنان (وجهتان معلقتان) أربعة في المئة من طاقتها الاستيعابية.
وألغت شركة "ام اس سي" العمليات الشتوية لسفينتيها السياحيتين "اوركسترا" و"سينفونيا" اللتين كان من المقرر أن تبحرا في البحر الأحمر وتصلا إلى ميناء حيفا الإسرائيلي على البحر الأبيض المتوسط.
انخفاض في السياحة
ولا تتوقع "ستاندرد آند بورز" في الوقت الحالي انخفاضا كبيرا في السياحة إلى تركيا بسبب بعدها الجغرافي عن الصراع، كما لا تتوقع تأثيرا كبيرا على الإمارات حيث يتجاوز عدد السياح الوافدين مستويات ما قبل جائحة كوفيد 19.
لكنها أوضحت أن "الكثير سيعتمد على مدة استمرار الصراع وما إذا كان سيمتد إلى مناطق أوسع".
وقال المستشار في رئاسة الوزراء الأردنية سليمان الفرجات "استطاع الأردن على مدى العقدين الماضيين أن يصبح وجهة سياحية معروفة وآمنة، وبالتالي فإن التعافي في حال توقفت الحرب سيكون سريعا".
لكنه حذر من أن "تأثير الحرب سيبقى حتى بداية الموسم القادم واذا لم تتوقف الحرب على غزه فان الموسم القادم في خطر أيضا".
وأشار الى أنه في حال توقفت الحرب "ستقترب السياحة من المستوى الطبيعي" في أيلول/سبتمبر 2024.
التعليقات