بعد سنوات طويلة من التلكؤ يسير مشروع قناة الفاو بسرعة غير متوقعة، بفضل حكومة تعمل على ان يبصر النور ليصبح نواة لمشروع اكبر تكتمل معه صورة اقتصادية تسر الناظرين من مواطني العراق التواقين لتنمية شاملة في بلاد الرافدين.

وعلى قدمٍ وساق يجري العمل على تجهيز ميناء الفاو الكبير في العراق، باعتباره قاطرة اقتصادية يسعى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني من خلالها لتحقيق نقلة اقتصادية نوعية تسمح العراق بأن يكون مركزا للتجارة العالمية.
وخلال جولة بحرية، تفقد السوداني سير العمل في المشروع واطلع
على مشاريع أرصفة الميناء الخمسة، بعد إتمام رصيف رقم واحد،
ومقطعين من الرصيف الثاني.
وبذلك يكون السوداني قد أشرف بنفسه على سرعة انجاز المشروع
كونها الزيارة الثانية التي يقوم للميناء منذ توليه منصبه في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث اطلع على سير العمل ميدانيًا بعد شهرين فقط من أداء القسم.


رسو باخرة على ميناء الفاو

رسو باخرة
وتدل الزيارة الثانية للسوداني لميناء الفاو على جدية الحكومة في اكماله. اذ تابع تجربة رسو باخرة في الميناء للمرة الأولى حتى يرى العالم والمستثمرون ان العراق عازم على إتمام هذا المشروع الطموح في موعده، ومن ثم ربطه بطريق التنمية الموعود.

وتسعى الحكومة العراقية للاعتماد في تشغيل ميناء الفاو الكبير على أنظمة تكنولوجية متطورة وذكية تعادل تلك المستخدمة في الموانئ العالمية. كما اعلن السوداني خلال الزيارة ان كبريات الشركات العالمية ستتولى إدارة الميناء.
وقال السوداني إن "الحكومة وضعت الحلول لكل العقبات والمشاكل الفنية، من أجل تنفيذ المشروع بأفضل المواصفات، وهناك مفاوضات مع كبريات الشركات العالمية إلدارة ميناء الفاو".

التعاون الاقليمي
ويهدف السوداني من خلال هذا المشروع وكذلك مشروع طريق التنمية الاستراتيجي الى تعظيم التعاون مع المحيط الإقليمي والدول المجاورة، وبناء الشراكات الثنائية والمتعددة التي يعد طريق التنمية طرفا اصيلا فيها. حيث سيربط العراق بأوروبا وآسيا من ناحية، ويعزز ارتباطه التجاري والاقتصادي بجيرانه مثل سوريا والأردن وتركيا.
وسيسمح المشروع بنقل البضائع بين شرق العالم وغربه حيث سيتم شحن البضائع في قطارات وشاحنات من ميناء الفاو جنوب العراق إلى تركيا، ومنها الى أوروبا عبر شبكة من السكك الحديدية، والطرق يبلغ طولها 1200 كيلومتر.

جذب الاستثمارات
وحتى يتحقق هذا الحلم الكبير يجب ان يمضي العراق في خطة طموحة لجذب الاستثمارات وتعزيز التعاون الثنائي مع دول الجوار وهو ما يحرص عليه رئيس الوزراء العراقي بشكلٍ لافت لأنه يعي ضرورة جذب هذه الاستثمارات الاستراتيجية في قطاعات النقل والطرق والتكنولوجيا فضلاً عن تدريب الكوادر العراقية في هذه المجالات.
وسيوفر هذا المشروع الضخم عشرات الآلاف من فرص العمل
للمواطنين العراقيين والشركات العراقية كما سيسمح بتبادل الخبرات والتدريب. وهي النقاط التي يركز عليها رئيس الوزراء العراقي في زياراته الخارجية.
وسيسهم المشروع في تنمية محافظات الجنوب مثل ذي قار وميسان والديوانية، كما سيحقق تنويع مصادر دخل الدولة العراقية. وهو هدف حيوي للنهضة الاقتصادية التي ينشدها العراق من خلال مشروعات وطنية عملاقة مثل الميناء الجاف.

تنمية شاملة
مشروع ميناء الفاو لن يحقق فوائد اقتصادية وتجارية هائلة للعراق
فحسب، ولكنه سيكون حجر زاوية في زيادة وتعزيز تعاونه مع محيطه الإقليمي مما سيحقق تنمية شاملة في المنطقة وهي من اهم الملفات التي يوليها السوداني اهتماما كبيرا لدفع عجلة التنمية الاقتصادية، وتعزيز دور العراق كأمة واعدة تستشرف مستقبلاً مزدهرًا اعتمادا على امكانياتها، واستنادًا الى علاقات شراكة استراتيجية مع جيرانها.

منتدى الشراكات الصناعية
وتظل البصرة في قلب السياسيات الاقتصادية للحكومة العراقية اذ استغل السوداني زيارته للمحافظة الجنوبية وحرص على حضور منتدى الشراكات الصناعية الذي شهد استعراضاً لقصص نجاح عدد من المشاريع الصناعية التي نُفّذت بالشراكة مع القطاع الخاص، في مجال الاستثمار المعدني والأسمدة والمرشات الزراعية والحديد والصلب ومصنع الكلور، فضلاً عن طرح فرص شراكة مع القطاع الخاص، والبالغة 90 فرصة استثمارية بمختلف القطاعات الصناعية في عموم العراق.

وأبرز ما قاله السوداني خلال هذا المنتدى: "آن الأوان لأن يرتبط اقتصاد العراق بدورة الاقتصاد العالمي. مشيرًا الى أن مشروع طريق التنمية سيوطن المدن الصناعية ابتداءً من نقطة الانطلاق إلى نقطة الارتباط في تركيا، وسيُفتح المجال أمام المزيد من الفرص."