إيلاف من بغداد: يطرح الهجوم على حقل غاز كورمور في السليمانية بشمال العراق العديد من التساؤلات كما يدفع إلى طرح عدد من الفرضيات، بشأن مغزاه وتوقيته والنتائج المترتبة عليه.
فما نعرفه عن هذا الهجوم هو ان طائرة مسيرة متفجرة ضربت منطقة في حقل "كورمور" للغاز في السليمانية شمال العراق، محدثة اضرارا محدودة، لكن لم يصب أحد.

وما نعرفه أيضا ان شركة المشغلة للحقل هي شركة "بيرل بتروليوم" وهي رابطة تضم شركة الطاقة "دانة غاز" ومقرها الإمارات وشركتها التابعة "نفط الهلال".

وليس هناك سبب واضح لاستهداف الحقل ولا لاستهداف الشركة الإماراتية، وكذلك ليس هناك ما يدعو للاعتقاد بان الجماعات التي تهاجم القواعد التي تؤوي قوات اجنبية هي التي تقف وراء الهجوم، رغم انه يظل احتمالا قائما سيتكشف حتما في نتائج التحقيق.

توتر داخلي إقليمي
فمنذ ان توترت الأوضاع الأمنية في الداخل العراقي عقب اندلاع الحرب في غزة والهجمات التي تشنّها ما تعرف بالمقاومة الإسلامية في العراق تستهدف القوات الأميركية في أنحاء العراق ومن بينها أربيل عاصمة إقليم كردستان.

لكن ما شأن تلك الجماعات بحقل كورمور الذي يعد مصدرا رئيسيا لإمداد محطات الكهرباء في المنطقة الكردية، وقد أعلنت وزارة الكهرباء في إقليم كردستان توقف إنتاج الكهرباء إثر الهجوم ما يعزز فرضية ان منفذي الهجوم يرغبون تخريب البينة التحتية في الإقليم ومن ثم إشعال السخط الشعبي ضد حكومته.

وبناء على ماسبق، فإنه من المستبعد ان تكون الجماعات العراقية المسلحة هي من يقف وراء استهداف حقل كورمور كونها تُعلِن دائما عن مهاجمتها للقوات الأجنبية، وان كانت تلك الهجمات بوصف الحكومة العراقية التي يرأسها محمد شياع السوداني أعمال خارجة عن القانون ويجري ملاحقة مرتكبيها.
وقد وجّه السوداني باعتباره القائد العام للقوات المسلحة بفتح تحقيق بشأن استهداف حقل كورمور على ان يتم إنجازه خلال 48 ساعة.

الفرضية الأقرب
وقد تكون الفرضية الأقرب للتصديق، أن هذه الهجمة ربما تكون نتيجة لصراع كردي كردي.
فالإقليم يشهد خلافا لايزال قائما بين حزبيه الرئيسيين وهما الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس وزراء الإقليم مسرور بارزاني، الذي يسيطر على محافظتي أربيل ودهوك، وبين حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه بافل طالباني نجل الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني، الذي يسيطر على محافظة السليمانية.
ولهذا الخلاف أوجه سياسية واقتصادية عدة حيث يعترض حزب طالباني على اجراء الانتخابات المقبلة بنظام الدائرة الواحدة ويطالب بتوزيع حصص برلمان كردستان العراق بين عدة دوائر انتخابية، تشمل أيضا السليمانية حيث وقع الهجوم والتي يتمتع فيها الحزب بنفوذ واسع النطاق.
ويهدد هذا الخلاف باحتمال تأجيل الانتخابات المقررة الشهر المقبل، وهناك احتمال يأن يكون هدف الهجوم على حقل الغاز، هو التأثير على نتائجها بشكلٍ او بآخر.

مقاطعة
وقد حدث في تشرين الاول (أكتوبر) 2022 أن قاطع وزراء حزب طالباني جلسات مجلس الوزراء في الإقليم، على خلفية اتهام الحزب الديمقراطي لقادة أمنيين في الاتحاد الوطني بالوقوف وراء عملية اغتيال عقيد بارز في جهاز مكافحة الإرهاب.

وعلى الصعيد الاقتصادي، يتمحور الخلاف حول وضع السليمانية الاقتصادي حيث يتهم الاتحاد الوطني الكردستاني الحزب الديمقراطي بعدم العدالة في توزيع موارد الإقليم وظلم السليمانية. وقد دفع طالباني بنفسه بهذا الاتهام حينما قال لا ان حكومة إقليم كردستان تعاقب منطقة السليمانية وإدارتها، ولا تسدد رواتب موظفيها. كما أشار إلى انه لا يجني أي عائد مالي من استثمار الغاز في السليمانية الذي يذهب الى حكومة الاقليم التي يهيمن عليها بارزاني.

وقد جاء بيان رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني ليدلل على ان من يقفون وراء الهجوم يسعون إلى "إضعاف الإقليم"، واصفا إياهم بالخونة والأعداء.

الهجوم على حقل غاز السليمانية لن يمر دون تحقيق شامل ومحاسبة، إذ ان البنية التحتية الخاصة بالطاقة، بالتأكيد لن تؤذي فقط الاقتصاد العراقي، ولكنها ستؤذي شعب إقليم كردستان الذي هو عراقي أيضا، ولابد من محاسبة مرتكبيه سواء كانوا اخوة أعداء أم أعداء من جهات أخرى.