"اضطررت للنزول من السيارة في وسط الطريق والمشي أكثر من نصف ساعة لأن السائق لم يقبل ورقة الـ 10 شيكل الوحيدة التي كانت معي".
هذا جانب آخر من معاناة سامر أبو سمرة، الذي نزح من الشمال إلى خان يونس وغيره من الغزيين.
لدى سامر أكثر من 700 شيكل لا يستطيع التصرف فيها لأنها ممزقة أو من فئة الـ 10 شيكل التي يرفضها البائعون، فمع استمرار الحرب في قطاع غزة وعدم دخول سيولة مالية جديدة للقطاع لأكثر من عام، تمزقت الأوراق المالية و صدأت العملات المعدنية، وبالتالي يرفض العديد من البائعين والتجار استلام هذه الأموال مما يمثل عبئاً على النازحين الذين يعانون بالفعل من صعوبة توفير الأموال اللازمة للمعيشة في ظل ارتفاع أسعار معظم السلع الأساسية.
حتى أبسط الطلبات لا يمكن شراؤها بالنقود المهترئة، حاولت الطفلة ساجدة العُكة، التي تبلغ من العمر 13 عاماً أن تشتري البسكويت ومعها ورقتان من فئة 100 شيكل، لكن البائع لم يقبل أياً منهما فاضُطرت للرحيل دون شراء حاجتها.
دائرة مغلقة
التاجر لا يقبل الأموال المهترئة من المشترين، والأموال تدور في حلقة مغلقة دون أي فرصة لتجديدها.
يوضح البائع محمد الدُولة، الذي يقف على (بسطة) في سوق بخان يونس، أن السبب في رفض البائعين للعملة المعدنية من فئة 10 شيكل بالتحديد يرجع لانتشار شائعة بأنها مزورة.
تسببت هذه الشائعة في العديد من المشاجرات في الأسواق، وبالرغم من إصرار النازحين على أن عملة 10 شيكل ليست مزورة ومحاولاتهم المستمرة لإثبات ذلك، لكن يزداد عدد البائعين الرافضين لها بسبب رفض الأطراف الأخرى من سلسلة المعاملات التجارية، وفق ما يوضح محمد الدولة.
ويضيف: "أحياناً أقبل فئة 10 شيكل والأوراق الممزقة ولكن التاجر الذي أشتري البضاعة منه لا يقبل هذه الأموال وكذلك بعض المشترين مما يسبب خسارة كبيرة لي، ولا توجد بنوك لتغييرها، حتى لو حاولت تصليح بعض الأوراق فاللاصق غير متوفر أصلاً".
على جانب آخر، يقبل بعض النازحين هذه الأموال من البائعين لكن لا يتمكنون من تصريفها بعد ذلك، لدى إياد أبو ذر، النازح في خان يونس، أكثر من 1500 شيكل في أشد الحاجة إليها لكنه لا يستفيد منها بأي شكل لأنها أوراق ممزقة أو عملات عليها بعض الصدأ.
"طبيعي أن يتقطع الورق من كثرة التداول، نحن كبني آدمين تعبنا"، يشبه النازح معتصم الزيتونية النقود بحال الناس في قطاع غزة، في ظل نزوح مستمر وعدم توافر الاحتياجات الأساسية.
إغلاق البنوك
في وقت سابق، أوضحت سلطة النقد الفلسطينية في بيان أن عدداً من فروع المصارف ومقراتها تعرّضت للتدمير، كما تعذر فتح ما تبقى من فروع للقيام بعمليات السحب والإيداع في القطاع ككل، بسبب القصف والظروف الميدانية القاهرة، وانقطاع التيار الكهربائي، والواقع الأمني، ما أدى إلى أزمة غير مسبوقة في وفرة السيولة النقدية بين أيدي سكان قطاع غزة وفي الأسواق.
وتفاقمت الأزمة مع خروج معظم أجهزة الصراف الآلي من الخدمة، ولمواجهة ذلك أعلنت سلطة النقد الفلسطينية إطلاق نظام المدفوعات والحوالات الفوري بين البنوك وشركات خدمات الدفع (أي براق) لمساعدة المواطنين في قطاع غزة على تسديد التزاماتهم، وتنفيذ معاملاتهم المالية بوسائل إلكترونية، وهو الأمر الذي يواجه صعوبات عدة أثناء تنفيذه تتمثل في انقطاع الكهرباء وخدمات الانترنت عن معظم أنحاء القطاع.
وتعتمد التعاملات المالية في غزة على ثلاث عملات:
الشيكل الإسرائيلي وهو العملة الأساسية والأكثر تداولا وأساس التعاملات اليومية.
الدولار الأمريكي ويستخدم في الاستيراد والتعاملات التجارية مع خارج القطاع وشراء السيارات مثلا.
الدينار الأردني الذي جرت العادة على استخدامه في دفع مهور الزواج وشراء العقارات ودفع رسوم الجامعات مثلا.
التعليقات