فلاحون فرنسيون .. شتاءً
وقطارٌ يتوقف عند محطات ٍ باردة ٍ
أولئك ألمحهم حول النار ، المطرُ الناعمُ لا يطفئها
أمعنها ...
فيمرَّ مع النظرة ِ دفءٌ يخترق النافذة َ الباردة َ
الفلاحونَ يغنونَ ، ويفتخرون بطعم نبيذ المنزل ِ
هل أترجلُ من قاطرتي ؟
وأشقّ ُ العشبَ سريعا ً
أعبر ساقية ً
وأهشّ ُ خرافا ً، وخيولا سارحة ً
وأحيّي امرأة ً تملأ جرتها من شفة النهر ِ
وحين تراني تتعثر في الردّ وتسرع راكضة ً
وأنادي
وينادون
أنا الغائرُ في اللهفة ِ
جئت أخيرا ً .. كي أدخلَ في مملكة الطين
وأرخي راحلتي
وأغني مزدهيا بنبيذي، يسألني الفلاحون ـ يغنون ـ
ترى أين تعتقه ؟ كم عام ٍ مرّ عليه ؟
المطرُ الناعمُ لا يوقفهم
وقطارُ الساعة ِ لا يوقفهم
موكبُ سنحاريبَ يمرُّ ، الدمُ يتبعهُ مثل دبيب النمل ِ
وفلاحون عراقيون َ يدسون أغانيهم في القصب المحمول ِ
على أكتاف ِ عراة ٍ أسرى..
تعبَ الليلُ وصوت المطرب ِ والبوذيات ُ
ولم يبقَ سوى النجمة ِ
كم أنت ِ هنالك أيتها النجمة ُ ؟
ألمحها تنزلُ مثل حنوِّ الغائبِ في ألق الفكرة ِ
هل أتبعها ؟
فلاحون عراقيون على جبل ٍ من موت ٍ
قال لهم سنحاريبُ كلوا هذا الجبلَ الشاهقَ
حتى تصلوا الأرضَ
وحتى تشبعَ كل سلالات بلاد النهرين ِ
ليبقى الأحفادُ على قيد الموت ِ
يجزون رؤوسَ النخل وقامات البرديِّ
لكي لا يعترضُ الموكبَ شيءٌ
فأنا سوف أعودُ لأبحثَ ثانية ً عن ملك ٍ من بابلَ
خبأهُ الأسلافُ هنا ..
فلاحون فرنسيون يغنون على مقربة من قوس النصر
وفلاحون عراقيون بلا قوس ٍ
تحت سماء ٍ عاريةٍ، ونهارات عارية ٍ
بسطاءٌ و جميلون ، وليس لهم في العاصمة ِ الهوجاء ِ
سوى الريح ِ ، تهبُّ فتكشف عورتهم ،
كي يضحكَ سنحاريب ُ ، الفلاحون يغنون بملء هنا
وعراقيون هناك بلا أي هناك،
يسيرون وراء النهرين ِ من المنبع حتى البحر ِ ،
وينتظرون على الساحل ِ
ينتظرون ...