الحوازم جمع حازم و الحازم في السرقة كما ذكرت في مقالي المعنون (بين النكَري والحوازمي) هو الذي لايتردد عن سرقة مئات الملايين من الدولارات. وهو _اي الحازم_ قد يكون سياسيا ً هاويا ً او محترفا ً وقد يكون صاحب نفوذ اجتماعي او اقتصادي او ذا سلطة ادارية او تنفيذية كأن يكون وزيرا او ما شابه، ولا فرق في كونه افنديا ً او يعتمر العقال او العمة، يرتدي الشروال او (الدشداشة)، أمردا ً او ملتحيا ًٍ لكنه حزم امره وقرر سرقة شعبه وبلده عندما تتاح له الفرصة وبعد ان يفعل فعلته الشنيعة يحزم حقائبه ويطلق ساقييه للريح ليستقر عند دولة جارة او في منطقة نفوذ لزعيم سياسي لايرد (لهفة) الملهوف اذا طرق بابه حتى وان كان الطارق حازما ً اعني سارقا ً ومطلوبا ً للعدالة في بغداد التي لا تبعد عن منطقة نفوذه كثيرا.
وظاهرة الحوازم كما تحدثت عنها سابقا ً في مقال ( بين الحواسم والحوازم) هي ظاهرة نشأت بعد تحرير العراق وتمثلت بالفساد الاداري والمالي والصفقات الوهمية التي كلفت خزينة الدولة المليارات من الدولارات وابطال هذه الظاهرة من (علية القوم) من وزراء ووكلاء وسفراء وهلم جرا جاؤا من المنافي او انبثقوا من داخل الوطن المعذب وزعموا انهم محررون ومنقذون لابناء الطبقات المحرومة غير ان الايام أظهرت انهم لصوص يمتهنون السياسة حيث بدأوا يشكلون طبقة في المجتمع السياسي العراقي يمكن تسميتها بطبقة (الحوازم) جُل همها الاستغناء السريع والاثراء الفظيع على حساب الشعب وذلك من خلال توظيف المركز السياسي او الاداري واستغلال صلاحيات ذلك المركز والمنصب للسرقة، فيحدث ان ترى بائع طرشي أو بواب عمارة أو بودي كَارد (حارس) شخصي وقد تحول بفعل المحاصصة الطائفية والعرقية والحزبية الى وكيل وزير او وزير او رئيس لكتلة برلمانية دون امتلاكه لإي كفاءة او مهنية تذكر وبعدها يستغل منصبه ابشع الاستغلال في سرقة المال العام ليتحول بين ليلة وضحاها الى مليونير يملك العقارات في ارقى مناطق مدينة الضباب او في حي (المالكي) بدمشق او في حي (شميساني) في عمان وعلى بعد امتار ٍ منه تفترش العراقيات ارصفة الساحة الهاشمية يبعن َّ السكائر في مشهد تراجيدي تعجز عن وصفه الكلمات.
تمظهرت (الحوازم) بأشكال عدة لكنها تمحورت حول شئ واحد هو نخر جسد الدولة الفتية وتحطيم اقتصادها من خلال (شفط ولفط) خزينتها المنهكة اصلا بثقل الديون وتعاقب السنون والتي اصبحت بفعل هذه الظاهرة خاوية على عروشها. فمن عقود صفقات شراء الاسلحة الخردة والتي كان رائدها مؤسس ظاهرة (الحوازم) التي من اسمه اشتق اسمها اعني وزير الدفاع الاسبق في حكومة التكنوقراط التي شكلها الاخضر الابراهيمي، أقصد (الجنرال ) المعلم القادم من قرية (الحمزة ابو حزامين) والهارب الان من وجه العدالة مرورا ً بصفقة تشكيل افواج حماية انابيب النفط والتي كان بطلها (جنرال) ورقي آخر قادم من قرية (الشرقاط) سرق لوحده اكثر من مليار دينار عراقي علما ً انه لايجيد تركيب جملة فصيحة واحدة او عبارة مفيدة اللهم سوى ترديده مفردة (الصفويين)بطريقة ببغاوية انكشارية، وصولا ً الى الصفقات الوهمية لشراء المحطات الكهربائية والتي قام بها تكنوقراطي الى حد النخاع من بقايا مجتمع المماليك شاءت اقدار العراقيين ان يتسلط على وزارة الكهرباء ليسرق من خلالها ملايين الدولارات بصفقات صورية لم تقدم للعراق شئ يذكر. وما بين هذه السرقات الحوازمية سرقات وسرقات بدأت روائحها تزكم الانوف وفضائحها تطفو على السطح يوما بعد يوم.
لايؤمن الحوازمي بدين او طائفة او بعرق او بقومية فهو والحق يقال (متحرر) من كل هذه (الخزعبلات) كما يراها البعض ودينه دنانيره وقبلته اما عمان او دمشق او اربيل. ففي هذه العواصم يحل اهلا ً ويطأ سهلا. والحوازميون او الحوازم لا تفرقهم المحاصصات الطائفية او العرقية فهم وللامانة نقول قد تساموا على كل هذه الامراض وقرروا ان يجسدوا الوحدة الوطنية بأجلى صورها عندما هبروا (هبرتهم) الاولى ليحطموا الرقم القياسي في اشهر السرقات العالمية فكان ان (هبرَ) الجنرال المعلم وهو المصنف شيعيا مع رفاقه الحوازم الاخرين من سنة وكرد (هبرة ً) قدرت حينها بالمليار دولار حيث تجلت الاخوة الوطنية بأروع صورها حينما شاركه في عملية السرقة تلك يوم كان وزيرا للدفاع شخص ثان هو أخ لمسؤول كردي رفيع المستوى وشاركه ايضا ثالث سني فكانوا وهم يقتسمون الغنيمة بعد ان استقر المليار المسروق في حساب شركة (العين الجارية) والتي لايتجاوز رأس مالها الثلاثة الاف دولار يتغنون طربا باهزوجة (أخوان كرد وعرب،سنة اوشيعة ولهذا الوطن انبيعه).
إذن هذه البداية لظاهرة الحوازم التي افرزت لنا فيما بعد برلمانيا لصا ً أؤتُمن على حماية انابيب النفط المارة بمناطق نفوذ عشيرته (العربية الاصيلة) فحدث أن خان الامانة وسرق الجمل بما حمل واستقر في دمشق قلعة (الصمود والتحدي) بعد ان ملَّ من شرب (لبن اربيل) فأصبح بحق مصداقا للمثل العراقي القائل (حاميها حراميها) فما كان من البرلمان العراقي وبعد مخاض عسير الا ان جرده من حصانته البرلمانية ولكن (بعد خراب البصرة) وبعدما حول الاموال (المحزومة) الى بنوك دولة جارة (شقيقة) ليدعم بها الارهاب وليجهز بها (المجاهدين) الغازين ايمانا منه على ما يبدو بالحديث الشريف (من جهزَّ غازيا فقد غزى). وبعد يومين على سحب حصانته القيَّ القبض على زميل له من صنفه، اعني حوازمي أخر، ذلك هو الوزير التكنوقراطي والذي كان سيادته وزيرا للكهرباء التي لم تتحسن منذ عينه الابراهيمي في هذا المنصب والى ساعة كتابة هذه الاسطر. سنتان سجن هي عقوبة سرقته لاكثر من مائة وخمسين مليون دولار(يابلاش) هو ثمن عقود وهمية دفع ضريبتها المواطن المغلوب على امره مزيدا ً من ساعات انقطاع الكهرباء نتيجة افتقار محطات التوليد لقطع الغيار التي تعاقد عليها الوزير الحوازمي والتي لم تكن سوى حبر على ورق.
اما كبيرهم الذي علمهم سحر السرقات الحوازمية والذي فتح شاهيتهم على السرقة وخيانة الامانة اعني (الجنرال المعلم) والقابع الان في ارقى فنادق عمان فقد أصدر بحقه القضاء العراقي امرا ً لإلقاء القبض عليه وما هي الاايام او اشهر معدودات وتلفظه عمان وتنشزه كما فعلت من قبل مع الجنرال الكارتوني حسين كامل (نشزتهم وهي ام الناشزات) على حد قول الشاعر الخطيب الشيخ كاظم الجنابي. عمان التي سوف لن ترَ النفط العراقي باسعار (تفضيلية) اذا لم تحسم خياراتها وتسلم المطلوبين للعدالة العراقية وهم كثر وكذلك تسلم معهم الاموال العراقية المنهوبة والمودعة في البنوك الاردنية والتي تقدر بعدة مليارات من الدولارات.
بقي ان نذكر انه لايمكن للقانون وللعدالة ان تأخذ مجراها اذا كان هنالك من يوفر الحماية للحوازميين ويتستر عليهم ويوفر لهم الامان في مناطق نفوذه. ان من يفعل ذلك يكون بذلك قد حشر نفسه معهم والمعروف فقهيا ً ان (من رضي بعمل قوم حشر معهم) نقول هذا لمن يؤمن بالاحاديث وبالدين . ونذكر ( والذكرى تنفع المؤمنيين) ان القانون الدولي وكذلك المحلي يعتبر التستر على الجاني جريمة يحاسب عليها، وهنا نتوقع من القضاء العراقي ان يلاحق ايضا ً كل من يتستر على الحوازم كائناًَ من يكون وان لا يمنعنا المقام السياسي او الاجتماعي لشخص ما، إن كان يتستر على حوازمي، من أن تطاله يد العدالة فلقد روي عن الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم ما مضمونه ( انما هلك الذين من قبلكم كانوا اذا سرق فيهم الضعيف اقاموا عليه الحد واذا سرق فيهم القوي تركوه) وهو القائل ايضا ً (والله لو ان فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها). نقول هذا ونحن في فصل الخريف موسم تساقط اوراق الشجر الحمراء ويبدو انه سيكون موسم سقوط الحوازم في العراق.
تنويه من الكاتب:
اود لفت عناية الجميع الى انني تعرضت الى عملية سطو الكتروني من قبل مجموعة تكفيرية في احدى دول الخليج العربي حيث سرق مني عنواني الالكتروني ( الايميل) والمعنون بـ [email protected] وعليه فان اي رسالة تصلكم من هذا العنوان البريدي لم تعد تمثلني اما بريدي الجديد فهو [email protected] لذا استوجب التنويه مع شكري الجزيل لتفهمكم.
التعليقات