ليس من محض الصدفة ان الزيارة التي اختتمها الرئيس المصري حسني مبارك مؤخرا لروسيا جاءت مباشرة بعد زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت لموسكو.وليس من الصدفة ايضا ان يكون كلا من الرئيس مبارك ورئيس الوزراء اولمرت قد اعربا عن الارتياح لنتائج زيارتهما كل على حدة، وكونها دشنت مرحلة جديدة في العلاقات مع موسكو. وكلا الزعيمين سمع في جدران الكرملين ما ود ان يسمعه بما في ذلك في قضية افاق التسوية في الشرق الاوسط وعن افاق حجم التعاون الاقتصادي والدعم من الجانب الروسي. فاسرائيل سمعت تعهدات بعدم بيع روسيا اسلحة لدول المنطقة قد تتسرب للتشكيلات المسلحة غير النظامية التي تحارب اسرائيل والتعاون في مجال التكنولوجيات الراقية بما ذلك انتاج السلاح لبيعة لاطراف ثالثة، ومصر بالحصول على دفعة من المقاتلات ميغ المتطورة والمشاركة في احياء برنامج الطاقة النووية للاغراض السلمية ودعوة للانضمام للرباعي الدولي كدولة نافذة في المنطقة.وفعلا ان زيارة اولمرت لموسكو حظيت باصداء اوسع في وسائل الاعلام الروسية من اصداء زيارة الرئيس مبارك. وذلك ربما يعود الى ان زيارة اولمرت جاءت بعد فترة برودة في العلاقات بين تل ابيب وموسكو اثر دعوة الكرملين لقيادة حماس، والشائعات التي ترددت عن تسريب اسلحة روسيا لحزب الله والحرب في لبنان، والامتعاض الاسرائيلي من موقف روسيا من قضايا التسوية عموما الى جانب سيطرة اصدقاء اسرائيل على غالبية وسائل الاعلام.وبرهنت نتائج زيارتي اولمرت ومبارك سعي موسكو لتكون مقبولة لدى العرب واسرائيل.
ان موسكو ومنذ وصول الرئيس فلاديمير بوتين عام 2000 انتهجت سياسة التوازن في العلاقات بين العرب واسرائيل.وتقول انها تحرص على عدم الميل لجانب على حساب اخر، وتسعى الالتزام بموقف موضوعي. ومع ذلك فان الكثير من مواقفها تثير امتعاض العرب والاسرائيليين على حد سواء. كل يريد من موسكو ان تقف لجانبه بقوة وفي كافة المحافل سواء قتل مدنيين او دك بصواريخه وطائراته مدن آمنة. وهذا ما غذى في بعض الاحيان روح التنافس بين العرب واسرائيل لكسب موسكو اكثر لجانبها.
ورغم ان موسكو تسير في سياستها بين اسرائيل والعرب على سكة دقيقة جدا، فانها حصلت على المنافع التي ترنو لها. فخلال الفترة السابقة تشعر موسكو بانها استعادت شئ من مواقعها في المنطقة، وغدت وسيطا مقبولا من كافة الاطراف على عكس الغرب، علاوة على زيادتها حجم التبادل التجاري مع اسرائيل والدول العربية. والموقف الروسي يقوم على ان الخلافات حول هذه القضية او تلك لاينبغي ان تكون سببا بالقطيعة في مجالات التعاون الاخرى خاصة الاقتصادية. وتدعو موسكو الى تحقيق تطلعات الفلسطيني باقامة دولته المستقلةالقابلة على الحياة، وتوفير ضمانات امنية لاسرائيل، وان تجري التسوية في الشرق الاوسط، وفق القرارات واحكام القانون الدولي ودون اللجوء للعنف والارهاب الذي يطول المدنيين.
وياتي ضعف الموقف الروسي بالذات من كونه موقفا متوازنا جدا. فموسكو لهذا السبب تغمض العيون احيانا من التعبير بصراحة عن موقفها من ذلك الحدث او هذا خشية ترك الانطباع لدى اطراف النزاع، من انها تجنح لذلك الطرف او هذا. احينا تصف اعمال عنف بالجرائم بينما تلوذ بصمت خجل على ارتكاب الطرف الاخر افعالا تنتهك القوانين الدولية.وعلاوة على ذلك فان موسكو تفتقد القدرة على ادخال مواقفها لحيز الوجود ، فتظل نوايا وحبر على ورق. تعتمد فقط على الاقناع والمناورة الدبلوماسية او جر اعضاء اللجنة الرباعية لتبنيها. ويتحكم في الموقف الروسي ايضا عقدة المهاجرين اليهود الناطقين بالروسية، باعتبارهم على حد وصف الرئيس فلاديمير بوتين quot; ابناء وطنquot;.
وشهدت السنوات الاخيرة زيادة ملموسة بحجم التبادل التجاري بين روسيا والعالم العربي وحققت طفرة قابلة للتطوير، فاذا بلغ حجم التبادل التجاري بين روسيا والدول العربيةعام 2003 وفقا للاحصائيات الرسمية الروسية 2.3 مليار دولار فانه وصل عام 2005 حوالي 5 مليارات..ويرى الحانب الروسي ان هناك افاقا واعدة للتعاون مع الدول العربية في مجالات النفط والغاز والتقنيات العسكرية والتعاون الاسنثماري واستصلاح الاراضي وصادرات الحبوب والطائرات وغيرها.
واتسعت ميادين التعاون التجاري بين الجانبين، وزاد حجم الاستثمارات العربية في روسيا والروسية في العالم العربي. وشهدت الفترة الماضية التوقيع على اتفاقيات تعاون تجاري بين روسيا وكل من مصر والمملكة العربية السعودية والجزائر والسودان
اما ما يتعلق باسرائيل فيلاحظ وجود تباين بين التقديرات الروسية والاسرائيلية. وحسب المعطيات الروسية فان التبادل التجاري مع اسرائيل يبلغ سنويا من 800 مليون الى مليار دولار. فيما يقدره الجانب الاسرائيلي من مليار ونصف المليار الى مليارين دولار, ويشيرون في اسرائيل الى ان الاختلاف مع الاحصائية الروسية ناجم عن عدم احتساب الجانب الروسي صادرات النفط لاسرئيل الذي ياتي لاسرائيل عبر قبرص.
ووقعت روسيا واسرائيل في 27 ابريل 1994 اتفاقية التعاون الاقتصادي ـ التجاري.تقضي من بين قضايا اخرى ان يقدم الطرفان لبعضهما الاخر التسهيلات واقامة لجنة روسية ـ اسرائيلية مشتركة للتعاون الاقتصادي ـ التجاري.ووقع الطرفان ايضا اتفاقية للتعاون العلمي ـ التكنولوجي والتعاون في مجال التصنيع الزراعي، ولتجنب ازدواجية الضريبة والتعاون في مجال النقل البحري. وينظر الطرفان في مشروع اتفاقية للحماية المتبادلة للرساميل ، والتعاون في مجال استخدام الفضاء الكوني.
ووفقا لتقرير اعدته وزارة التجارة الخارجية الروسية ـ فان quot;اهمية تطوير تطوير علاقات التعاون التجاري ـ الاقتصادي مع اسرائيل، ياتي من التطور رفيع المستوى للاقتصاد الاسرائيلي، الذي يستخدم احدث التكنولوجيات والصناعات على مستوى عالميquot;.