... ولكن وإلى حين ايجاد الآليه للإنسحاب الإسرائيلي ولإنتشار القوات اللبنانيه جنبا إلى جنب مع قوات اليونيفيل الدوليه.. تسرع إسرائيل الخطى لضرب وتدمير ما بقي من القرى والمدن على أمل أن تحرز نصرا عسكريا سريعا يعيد إلى الجيش الإسرائيلي بعضا من هيبته. ويبقي على الحكومه الإسرائيليه بقيادة ايهودا أولمرت بعد أن تأكد فشله في تقدير عواقب هذه الحرب.. وأيضا في إدارتها.. ويستمر صمود ودفاع حزب الله وضرباته الموجعه على الإسرائيليين.. في هذه اللحظات التي ينتظر فيها سكان الطرفين لحظة التوقف عن سماع كاتيوشات الآخر والإحساس بالطمأنينه.. سواء للخروج من الملاجىء.. او للعوده إلى القرى المهدمه تكون لحظة الحقيقه التي سيواجهها كلا الطرفين.الحقيقه المره التي ستتفاوت ما بين تكلفة خسائر الطرفين.. ليقول كلمته في أن الحرب.. وقتل الآخر لن تحسم ولن تضع حدا للنزاع..
وأن كلا معايير النصر والهزيمه ليس له أي معنى في ظل حرب جانحه دمرت البيت وقتلت الأحبه.. وألغت أي وجود للإحاسيس الإنسانيه للتعاطف مع الآخر..
من المؤكد بأن حزب الله قاتل ببساله عجزت عنها الجيوش العربيه سابقا.. وأقر وأعترف أنه كانت هناك لحظات شعرت بها بنشوة الإنتصار وإسترجاع الكرامه العربيه.. ولكنها لم تعدو مجرد لحظات أعود بعدها إلى الصور الحيه التي تنطق بألم كل الأمهات.. وتشرد الالآف.. والدمار في كل مكان.. وكم سيستغرق ذلك من الوقت والجهد والمال.. لإعادة إعماره..
quot;من من الدول سيفي بوعوده.. وكم منهم الذي سيتخلص من هذه المسؤوليه في حال عدم نجاح الحكومه اللبنانيه في إرساء دعائم إستقرار سياسي ووحده وطنيه.. أو الفشل في إقناع حزب الله بتسليم أسلحته إلى الدوله اللبنانيه... وحل الميليشيات والإندماج المنظم في جيش الدوله بأن حمل أسلحه خارج سلطة الحكومه يهدد وجود الدوله.. وتستغلها إسرائيل للهدم مرة أخرى..تأكيده المطلق بأن السيادة هيً للدولة اللبنانيه وحدها فقط.. دون إنتظار أذن من أي من دول مجاوره..
كيف سيتعامل البنك الدولي مع قروض الإعمار.. كم نسبة الفوائد التي سيتطلبها إضافة إلى ما يحمله لبنان حاليا من فوائد وديون..هل سيغرق لبنان تحت ركام المباني والفوائد أم ستكون إرادة البنانيون كما عهدناها صلبة ومحبه للحياه وللسلام....
نعم إسرائيل خسرت اول معركه في حياتها.. وطعم الهزيمه المر سيتوقف في حلقها لفترة طويله.. لكن طعم الخوف من الفناء سيعود لملاحقتها كالظل إن لم نسارع في إستغلال اللحظه... لأن السؤال الأهم يبقى... هل هذه الخساره ستعمل على إجبار الحكومه الإسرائيليه الحاليه أو اللاحقه على قبول الطريق السلمي لحل النزاع..إن لم تجد أصواتا وإراده تتجاوب معها على الطرف الآخر.. إسرائيل غيرت أولوياتها وأهدافها تبعا للمراحل التي مرّت بها المنطقه العربيه لتنتقل من دوله صغيره تبحث لمواطنيها اليهود عن الأمن في ظل خوفها من شبح الماضي الذي طاردها. إلى دوله إستعماريه جديده تطمح وتطمع في أهداف سياسيه إستعماريه في المنطقه العربيه لتكون الوكيل الأول لأهداف السياسه الأميركيه في المنطقه العربيه.. ولكن هذه الحرب فتحت أعين الكثيرين من الإسرائيليين ويهود العالم إلى متغيرات واضحة المعالم في المنطقه العربيه.. وفي العالم أجمع بأن من يريد السلام لا يستعمل آلة الحرب كلما تعثر حجر.. أيضا فتحت الأعين بأن أمن إسرائيل يرتبط بأمن جيرانها. ويجب أن يقع ضمن أولوية مصلحتها ووجودها....
كما كشفت منظمات العمل المدني الغير حكوميه الإسرائيليه والدوليه.. ألاعيب إسرائيل ووحشيتها وعنصريتها كدوله.. سواء في حربها ضد الفلسطينيين.. أم في حربها ضد لبنان.. وأكدت لإسرائيل بما لا يدع مجالا للشك بأنها لن تستطيع بالهيمنه العسكريه تحقيق أي من طموحاتها سواء الأمنيه أو الإقتصاديه إذا لم تتعامل مع جيرانها شعوب المنطقه بالإحترام الذي يستحقونه كبشر مساوين في الحقوق...
فخلال الحرب كانت هناك أصوات إسرائيليه تنادي بوقف الحرب.. وبعقم الحرب عن ايجاد طريق للسلام.. كانت هناك أصوات من جدعون ليفي.. وعكيفا الدار.. وغيرهم ممن كتبوا وبرغم معارضتهم وخوفهم من نار حزب الله التي رددت دعوات ايران لفنائهم .. إلا أنهم لم يقفوا مغمضين الأعين عن ضرورة وقف فوري للأعمال العسكريه.. ثم التفاوض مع حزب الله بدل تدمير بلد بأكمله.. لأن هذا التدمير وكما حصل بالفعل أكسب حزب الله الشعبيه والمسانده.. والوحده اللبنانيه الوطنيه تجاه مقاومته لإسرائيل.. حقا لقد وحدت هذه الحرب معظم الإسرائيليين ويهود العالم خلف قرار الحكومه الإسرائيلي المتوافق مع رغبة الولايات المتحده لتدمير حزب الله بأي شكل كان.. مثلما وحدت اللبنانيون والعالم العربي خلف حزب الله لأنه الوحيد الذي تجرأ على كسر العقليه العسكريه الإسرائيليه المتعنته والتي لا تجد سوى الآله العسكريه للتعامل مع المنطقه العربيه بأكملها.. ولكن أين النهايه...
الحقيقه تبقى بأن الإسرائيلييون الذين قبلوا نصيحة الولايات المتحده بوقف الحرب وإعترافهم بعدم قدرتهم الكامله على تدمير الحزب أو تحقيق أي من طموحاتهم بقتل زعيمه.... لن يتوانو عن إستعمال آلتهم التدميريه في حال معاودة أي من فصائل المعارضة اللبنانيه ضرب غيمة في سماء إسرائيل... سيبقى أمل الحرب أو السلام شبحا يهدد الجميع... كلما وقف أحمد نجادي لينادي بزوال إسرائيل.. ستقف الولايات المتحده والعالم الغربي كله إلى جانب إسرائيل لحماية أنفسهم وحماية إسرائيل .. كلما وقف صعيب ديدو مسؤول حركة الشباب في أندونيسيا ليعلن تخريج ثلاثة الآف جهادي من مدينة بونتياناك في أندونيسيا.. وليعلن أن 217 إنتحاريا توجهوا إلى أماكن مهماتهم.... ستنهار عصا الولايات المتحده على أندونيسيا والست دول الأخرى التي أعلن أن جهادييه منها..
لن أستبعد إطلاقا أن يكون هناك ضغط داخلي كبير على الحكومه الإسرائيليه لتغير موقفها تجاه التفاوض مع الدول العربيه.. خاصة بعد مواقف العديد من مجتمعات العمل المدني الدوليه التي قامت بحّث الأمم المتحده على التدخل الفعلي لعقد مؤتمر دولي لجمع أطراف النزاع كلهم بما فيهم ايران للتفاوض حول ايجاد حل للوصول إلى سلام دائم..
ولكن ما أنادي به من هذا المنبر.. أنه وفي حال عقد هذا المؤتمر الذي أتمنى من جامعة الدول العربيه الحث والتشجيع على إنعقاده.. وعدم توصّل هذه الأطراف إلى حل مرضي.. إعادة ملف هذا الصراع إلى الجمعيه العموميه في الأمم المتحده.. والتي ينص ميثاقها على أنه وفي حال فشل مجلس الأمن على إحلال السلام بنزاع يهدد السلم العالمي .. فإنه وحسب الماده 307 يحق للجمعيه العموميه إصدار قرار يتوافق مع الإدارده الدوليه لحل هذا النزاع وهو ما سيعيد الهيبه الدوليه المفتقده للأمم المتحده.. يوعيد إليها بعض المصداقيه التي خسرتها جراء الضغوطات الأميركيه على قراراتها.. ويحد من سلطة وهيمنة الولايات المتحده على القرارات الدوليه التي تهدد السلم وتؤجج الحرب..
سيدي القارىء.. لم يبقى للشعوب العربيه سوى إستعمال الطرق الديبلوماسيه.. و العمل مع منظمات العمل المدني كلها سواء للحصول على الحقوق المشروعه.. أو لتغيير صورة العنف التي تعطي إسرائيل والولايات المتحده الذريعه لإستمرار عدوانها.. أما المناداة بتسليح الشعوب العربيه وحقها في ذلك أسوة بالمواطنين الأميركيين.. التي يطلقها بعض المفكرين العرب من بعض القنوات الفضائيه.... فلن تجلب سوى المزيد من الدمار. النفسي والمعنوي.. والفعلي لكل شعوب المنطقه.. نحن بحاجة إلى السلام تماما كما والأم اليهوديه... والأميركيه.. وكل أمهات العالم.. الألم واحد ولكن الدمار والقدره على إعادة الإعمار تتفاوت..

أحلام أكرم - باحثه سياسيه وناشطه في حقوق الإنسان ndash; لندن