شابان لبنانيان يأتيان لألمانيا بغية الدراسة، فينضمان لأحد الحلقات الأصولية المنتشرة بين مجتمعات المسلمين هنا كالطحالب الضارة، ليبدأ التلقين والحشو فعله، حتى يقرر هذان ـ وفي غمرة اشتعال الحرب الإسرائيلية ضد منظمة quot;حزب اللهquot; الأصولية ـ الإسهام في quot;الجهادquot;، وتفجير قطارين للركاب وسط ألمانيا!.
وبعيداً عن الكارثة التي كانت تنتظر البلاد والعباد، فيما لو إنفجر صاعق القنبلتين اللتين زرعهما كل من المجرمين جهاد حمد ويوسف محمد في وسط الركاب الأبرياء، فإن المرء يتعجب حقاً من كم كل هذا الحقد على البشرية والحضارة، من نوعية ماتزرعه تلك الكائنات الظلامية التي تنفث السموم الزعاف في أقبية مساجد أوروبا ضد أناس آخرين لمجرد الأختلاف في العقيدة!. ويسأل المرء نفسه: لماذا كل هذا الحقد على الآخر المختلف؟. لماذا ـ ومن أين جاءت ـ كل هذه الثقافة والأفكار التي ينهل منها هؤلاء، ليتحولوا من طلاب علم في الجامعات، لوحوش كاسرة همها رؤية أكير قدر ممكن من الأشلاء الممزقة؟. ثم لماذا نكرن الجميل والغدر بأناس مسالمين لاناقة لهم ولاجمل في كل مايحصل في الشرق الأوسط من جرائم، كل ذنبهم أنهم مختلفون، أصحاب حضارة ودين وطريقة حياة مغايرة؟.
الشرطة الألمانية ألقت القبض على يوسف محمد وهو يولي الدبر مٌيمماً شطر مملكة الدنمارك (ربما ليزرع قنبلة هناك أيضاً، فهذه هي صنعته، ولافخر..) بينما لاحقت النيابة العامة الألمانية جهاد حمد للبنان، حيث أنه فرّ لمسقط رأسه ما أن سمع بوقوع quot;أبن كارهquot; وفشل quot;الخبطة الجهاديةquot; التي كانت سوف تسجل لهما، وللشلة الممولة خلفهما، إقامة مفتوحة في الجنة: حيث تحقيق الوعد الصادق في العيش الرغيد بين الحوريات العذراوات وأنفار الغلمان المخلدين!.
المؤسسات الإسلامية ومراكز حوار الحضارات( دكاكين جديدة ظهرت لخداع الألمان السذج) سارعت بنفي التهم عن المسلمين( وكأن المئات من المتطرفين القابعين في السجون الألمانية بتهم تبدأ بالإرهاب ولاتنتهي بالتزوير والنصب هم بوذيين وسيخ وليسوا من المسلمين)، كما أعلنت كالعادة quot;إن ابناء الجاليات المسلمة برئية من كل مايحدثquot;. وأن الجوامع quot;تشتغلquot;، ولله الحمد، على quot;بث مكارم الأخلاق وتلقين دروس التجويد واخبار السلف الصالحquot; وان كل مايقال عن الخطب النارية ضد quot;الغربquot; وquot;الكفارquot; وquot;الصليبيينquot; وquot;أبناء القردة والخنازيرquot; كذب في كذب، وتحريض من قبل اعداء الأمة والدين!.
الحكومة الألمانية وبدل ان تعالج الأمور من جذورها، وتجهر بإندحار سياسة الإندماج والتعددية الثقافية الكاذبة، هربت للأمام كعادتها( مثلما فعلت الحكومة البريطانية قبل عقود، من أيام لندنستان..) وأعلنت أنها تعتزم إشراك المسلمين في العمل ضد الإرهاب، بحيث يكون هؤلاء مخبرين ( ضد بني دينهم المسلمين يعني..) لحساب الألمان. وهذا تفكير ساذج ينم عن عقلية تبسيطية جاهلة بنصوص الإسلام وفتاوي شيوخ التيارات السلفية التكفيرية، التي ينتمي إليها هؤلاء الإرهابيون.
ماتمر به ألمانيا الأن، مرت به بريطانيا قبلها، وستمر به كل دولة أوربية عملت على تكديس مئات الألوف من الشرقيين وحشرتهم في ضواحي مدنها، بحيث كوّنوا لأنفسهم مجتمعات متوازية، لها حياتها ونظامها الشرقي/الإسلامي الخاص. والأمور تبدو وهي تتجه نحو الأسوأ في ظل الفشل المتكرر للحكومات الغربية في حل مشاكل هؤلاء الناس المختلفين قلباً وقالباً، وغير الراضين بالأندماج أو قبول قيم وقوانين مستضيفيهم، ممن آووهم وحموهم من التشرد والضياع، حين تخلت عنهم بلدانهم أو لاحقهم العسس الشرقي بالكرباج الذي لايرحم إياه..!.
الباحث الألماني أودو أولفكوده، وفي كتابة (الحرب في مدننا: كيف يخطط الإسلاميون المتطرفون للسيطرة على ألمانيا) عبرّ عن تخوفه من هذا المنهج المتراخي في التعامل مع الإرهابيين وأرباب السوابق من طالبي اللجوء في هذا البلد، كما حذرّ الرجل وفي 2003 من التساهل مع الجمعيات المتطرفة ومراكز التلقين والحفظ والقائمين عليها التي تبث الكره وتجذرّ الإرهاب في عقول صغار المسلمين. وماحدث أخيراً يثبت صحة كلامه...
لندن تساهلت مع دعاة الكراهية ومطلقي فتاوي الموت، وحصل فيها ماحصل، وبرلين كذلك بدأت في جني سياسة الأهمال والتهرب من معالجة المشاكل، فكانت الطامة الكبرى، بأن سعى أثنين من الطلبة القادمين للدراسة وتحصيل العلم فيها، إلى تفخيخ الحقائب لقتل مواطنيها الأبرياء: ومع هذه السياسة الجهولة، وحرية الحركة الممنوجة لدعاة الكره والعنف، لنا أن نتوقع الأسوء دائماً...
التعليقات