(دعاة على أبواب جهنم)، اسم مسلسل تلفزيوني من المزمع أن تقدمه إحدى القنوات الفضائية في شهر رمضان القادم. الأخ والصديق الأستاذ عبدا لله بن بجاد هو صاحب الفكرة، والمشرف العام على إنتاج هذا المسلسل، الذي سيكون له في تقديري - فيما لو تم إخراجه بكفاءة- ردود فعل إيجابية وفاعلة في حربنا على ثقافة التطرف والإرهاب.
فكرة المسلسل، حسب النص الذي أطلعني الأستاذ عبدا لله عليه، تدور أحداثه بين لندن والقاهرة والأردن والرياض وأفغانستان. ويركز على أن هذا الفكر التدميري يعمل من خلال تنظيم (عالمي)، محاولاً أن يبحث من خلال التباينات المكانية والموضوعية والثقافية عن (فرص) هنا أو هناك لتمرير خطابه الثقافي، أو تفعيل نشاطاته العملياتية.
بعد أن قرأت فكرة المسلسل، كانت أهم ملاحظاتي عليه تتمحور حول إقحام (المخيمات الصيفية) في المملكة، على أنها إحدى بؤر تغذية الإرهاب ثقافياً، وإمداده بالشباب، من خلال استقطاب صغار السن (حركياً) وإلحاقهم بالركب الإرهابي. فقد كنت أرى أن هذه المخيمات يمكن أن تكون عنصراً إيجابياً حاسماً ومفيداً لاجتثاث ثقافة الإرهاب، فيما لو تم استغلالها بذكاء وفعالية لمحاربة هذه الآفة؛ وأن (العلة) ليست في المخيمات، وإنما في أولئك الذين يُديرون ويشرفون على هذه المخيمات. وبالتالي فإن (إبرازها) بهذا الشكل السلبي قد يخلق حساسيات لدى المشاهد، بالشكل الذي (قد) تكون له انعكاسات وعوائق نفسية لا تخدم في النتيجة الهدف الذي أنتج هذا المسلسل من أجله. وقد اقترحت أن تكون هناك مشاهد أخرى (إيجابية)، موازية لمثل هذه الفعاليات الصيفية الشبابية، هدفها طرح (البديل) لهذه الفعاليات، والتركيز على السلبيات هنا، والإيجابيات هناك، ليميّـز المشاهد بين الصالح والطالح.

موعظة سعد البريك (الشهيرة) في مدينة جده، والتي شنع فيها (بالمخالفين) له من (العلمانيين) كما يصفهم، والذين هم دعاة القضاء على ثقافة الإرهاب من الكتاب والمثقفين، واعتبرهم (خونة) وعملاء للأجانب، وأنهم يعملون من خلال (تنظيم) سري أو علني، جعلتني (أعود) بصراحة عن نقدي للمسلسل، وتشجيعي للمخيمات الصيفية؛ لأن الأمر وصل ndash; على ما يبدو - إلى حد يجعلنا (يجب) أن نتعامل مع هذه المخيمات كذلك الذي تعامل مع (الداب وشجرته)؛ فأمن بلادنا، ومستقبل بلادنا، وعقول شبابنا، أولى وأهم من هذه (الشجرة) حتى وإن كانت بعض قطوفها مفيدة؛ ومعروف أن درء (المفاسد) مقدم على جلب (المنافع)، كما هي القاعدة الأصولية الشرعية.
فإذا كان (كل) هذا النقد الذي تعرضت له هذه المخيمات، لم يُنبه القائمين على هذه المخيمات، ويجعلهم يتعاملون بحذر مع تلك الخطابات (المغرضة)، والداعمة في النتيجة للإرهاب، وتقسيم الناس بين (علماني) يُخرب المجتمع، و(ملتزم) يتفهم سبب ودوافع الإرهاب، و(يوافق) ضمناً على هذه الدوافع، لكنه (قد) يختلف (تكتيكياً) على مواجهتها مع الإرهابيين، كما هو خطاب البريك في تصريحاته أو تلميحاته التي يقول لسان حالها : (لعل له عذرٌ وأنت تلوم)، فإن هذه المخيمات كأداة من أدوات تجذير ثقافة (التطرف) يجب اجتثاثها، لأننا عجزنا ndash; بصراحة - عن (ترشيدها) و (تقويمها)..وإذا كانت عقلية البريك، وأسلوب البريك، وخطاب البريك، وانتهازية البريك، هي العقلية (العلاجية) أو(الوقائية) في مواجهة لإرهاب، فلا مناص من القول : فابشر بطول سلامة يا مربعُ!

وعندما طولب البريك بالبينة والدليل على اتهاماته لبعض الكتاب بالخيانة الوطنية، لم يجد إلا تقرير مؤسسة (راند) الأمريكية، ليتكئ عليه، ويتذرع به؛ ولأنه ndash; على ما يبدو - لا يفهم في مثل هذه الأمور، وجاهل فيها، فضح نفسه أكثر مما دافع عنها، تماماً كما فعل عندما طالب بالدولة (الكهنوتية) مقابل دولة (المجتمع المدني)، التي سماها (الدولة المدنية)، وقدّم مرة أخرى (البينة) التي تدين فهمه ومعرفته وثقافته، ضاناً أنها تدين الآخرين!. وفي عدد جريدة المدينة يوم الجمعة الماضي قال في عموده مهدداً : ( إن لم تنتهوا، فلا جدوى من المراء (كذا)، بل هو تكرار لمهزلة المدنية)!. ثم عاد لعزف مقطوعته المملة والبالية (علمنة الإسلام، أو أسلمة العلمانية)!. هنا قف ، ولا تخلط الأوراق، ولا تحاول أن (تلعب) على خلافنا الثقافي معك، وتتهرب بجبن الصغار عن (تهمك) و(افتراءاتك) و(كذبك). قضيتنا تتمحور حول أنك ألقيت التهم جزافاً، وخونت، وها أنت تحاول أن (تتملص) من المسؤولية، فأين (الأمانة) أيها الداعية؟

ولأن البريك مكابر ومغالط - كما ترون - ويصر على كذبه، وهو ndash; أيضاً - كاتب صحفي، ويُخشى منه، ومما يكتب على أذهان فلذات أكبادنا، أين (هيئة الصحفيين السعوديين)، والتي هي ndash; بالمناسبة - إحدى فعاليات المجتمع المدني الذي يرفضه البريك، عن هذه القضية؟.. لماذا لا يتم الادعاء عليه (بالكذب والافتراء) لدى لجنة فض المنازعات الإعلامية في وزارة الثقافة والإعلام، ليكون (عبرة) لغيره من أولئك الذين لا يتورعون عن إلقاء التهم وتخوين المواطنين ونسج الأكاذيب وترويج الإشاعات حول أمانتهم وولائهم لأوطانهم؟
سؤال يبحث ndash; أيها السيدات والسادة - عن مجيب!
ربما أكون قاسياً، أو صريحاً أكثر من المألوف، غير أن الإرهاب وخطورة ثقافة الإرهاب تتطلبُ منا مثل هذه الصراحة كي لا نصل إلى وضع نردد فيه : (سبق السيف العذل)، أو سبق سم الأفاعي دفع البلاء. وإلا فإن البريك آخر من يهمني.