تتعرض النساء كشريحة مستضعفة للاغتصاب في جميع بقاع العالم. لكن المراة في الدول الإسلامية غالبا ما تعاقب في هذه الحالة بالرغم من انها الضحية لا المعتدي. والسبب في ذلك ان الفقه الإسلامي التقليدي يتطلب شهادة اربعة شهود حضروا الواقعة، وفي صورة استحالة ذلك يتم تلفيق تهمة الزنا للضحية. وإذا ما استثنينا بعض الدول التي قطعت شوطا على طريق الحداثة، التي ألغت مثل هذا العقاب الظالم ndash; مثل تونس وماليزيا واندونيسيا ndash; نجد معظم الدول الإسلامية الأخرى ترزح تحت هذا النظام الظالم.
ولا شك ان القوى الأصولية لعبت دورا هاما في الإبقاء على هذا الوضع. يكفي ان نذكر ان المتطرف راشد الغنوشي قد خصص اول مؤتمر صحفي للإعلان عن نشأة حركته في العام 1981 للمطالبة بمراجعة قوانين مجلة الأحوال الشخصية التونسية، التي تعتبر النموذج لما يجب ان تكون عليه قوانين المراة في ديار الإسلام. وقامت الحركات الأصولية الإرهابية في المغرب ndash; العدل والإحسان وحزب العدالة والتنمية ndash; بتجنيد مئات الآلاف من أتباعها للتظاهر في كبرى المدن المغربية منذ 1999 لمعارضة القانون الجديد للمراة الذي كانت حكومة الاشتراكي عبدالرحمن اليوسفي تعتزم إصداره. ولم تصدر quot; المدونة quot; ( التي هي في الحقيقة نسخة لمجلة الأحوال الشخصية التونسية ) الا بعد الهجمات الإرهابية في الدار البيضاء في 16 مايو 2003، التي وضعت القوى الأصولية في موقف حرج، و بفضل تدخل الملك الشاب محمد السادس الذي عبر بهذا عن شجاعة نادرة بين الحكام العرب. ويمكن قول نفس الشيء بخصوص معارضة القوى السلفية الممثلة في البرلمان الكويتي للمرسوم الأميري الصادر سنة 1999، الذي يعطي المراة حق المشاركة في الانتخابات، ولم تستطع الحكومة فرض القانون الا عندما ذهبت الى البرلمان بالقانون في يد وبقرار حل المؤسسة في اليد الأخرى، يوم 16 مايو 2006. وقس على ذلك في الأردن حيث عارض النواب الإسلاميون التعديلات التي تطالب بها الجمعيات النسوية لقانون الخلع، كما عارضوا اي تعديل لقانون جرائم الشرف الذي لا ينص الا على عقاب مخفف بل شبه رمزي لمن يقتل قريبة له بدعوى quot;الدفاعquot; عن شرف العائلة.
وهذا ما يحدث حاليا في باكستان، حيث توجد ما يزيد عن 1300 امراة ضحية الاغتصاب تنتظر المحاكمة بسبب الزنا، بالإضافة لحوالي 2000 امراة موجودة في السجون بنفس التهمة. و تؤكد لجنة حقوق الانسان الباكستانية ان امراة تغتصب كل ساعتين في هذا البلد. وطالبت بضرورة محاكمة قضايا الاغتصاب بناء على القانون المدني عوضا عن القانون الشرعي.
أدى الوضع المزري الى تحرك المنظمات النسوية التي نظمت عديد المظاهرات في كبرى المدن، بزعامة الناشطة / ماعية مختار التي سبق لها وان تعرضت للاغتصاب عام 2002 بإيعاز من quot; مجلس القرية quot; كمعاقبة لها على ذنب اقترفه أخوها المتهم بارتكاب الزنا !
ونظرا للاهتمام العالمي بهذه التظاهرات، أصدر الرئيس مشرف مرسوما رئاسيا يسمح بإطلاق سراح الـ 1300 مراة اللاتي ينتظرن المحاكمة بكفالة. لكن العائق الأكبر أمام الإصلاح يتمثل في القوى الأصولية الممثلة في البرلمان وعلى رأسها الجماعة الإسلامية، مما دعا الحكومة الى تأجيل طرح القانون الجديد على البرلمان للمرة الثالثة. وهكذا تبقى امرأة باكستانية تغتصب كل ساعتين، ليأتي القانون الشرعي بعد ذلك ويعاقبها بالسجن بتهمة الزنا. و لتحيا حقوق الراة في الاسلام كما يدعي اعداء المراة.
- آخر تحديث :
التعليقات