فنتازيا عربية


في شلتنا التي كنت قد كتبت عنها في مرات سابقة ـ وسأهريكم بها في مرات لاحقة ـ في هذه الشلة التي تمثل بني يعرب خير تمثيل إذ انها تجمع الشامي علي المغربي، والنيلي علي الخليجي، والقرن أفريقي على القَمري، وآخرين ( عشان ما أكون نسيت حاجة)، وأخيرا تضخمت الشلة وتطورت فدخل عليها باكستانيون واندونيسيون ونيجيريون وكينيون وأفغانيون و(ساحليون عاجيون)، وآخرون أيضا، وبذلك استحقت اسمها الجديد وهو ( الشلة الإسلاربية ) أي التي تشمل بني يعرب وبني يسلم في جميع أركان الأرض... في هذه الشلة الموصوفة أعلاه تسير الأمور بشكل طبيعي لا يختلف عن أي فرقة او شلة أو حزب أو منظومة في بلاد بني يعرب أو بلاد بني يسلم. وقد أعلنت في احد المقالات السابقة بأن هذه الشلة لا يوجد بين ظهرانيها عميل أو متأمرك أو مُتصهين أو مارينز أو منبهر بالحضارة الغربية أو مُفرط وبائع لمقدرات الأمة.... هذا ما قلته في السابق، ولمزيد من التطمين لمغاوير فضائياتنا وجنرالات صحافتنا أضيف بأن شلتنا ليس بها انبطاحي أو ليبرالي جديد. وكما قلنا في مقالات سابقة ان هذه الشلة تعرف حدودها جيداً وتعرف المسموح والمحظور، لذلك فكل نقاشاتها ومداولاتها لا تخرج عن الكورة وثُقب الأوزون والفن (طبعاً مُش بتاع روبي وهيفاء ) إنما الإنشاد، وذلك حسب الموضة السائدة. ونعرف أيضا إن الاقتراب من السياسة أمر خطير إلا إذا كان شتماً لأمريكا وإسرائيل ومن لفَّ لفهما كبريطانيا وفرنسا في هذا الوقت، أو غيرهما في أوقات أخرى (حسب التساهيل)، أو دعماً وتفخيماً لما هو عندنا حسب الظروف والتساهيل أيضا. واضح مما سبق ان هذه الشلة تسير حسب النمط العام والخط المرسوم وليس لها أي اتجاهات يُشْتم منها أي بيع او متاجرة بمقدرات الأمة، وقد كانت امورها تسير على ما يُرام حتى وقت قريب، ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان. وهذا الذي لم يكن في الحسبان هو ان احد أعضاء الشلة فَقَد تليفونه الجوال، وبعد ان اضنانا البحث في جميع أركان المكان بحثاً عن ذلك الجوال بدون العثور عليه، اقترح احد الأعضاء ( وهو من الأعضاء الطيبين والذين هم على نياتهم)، اقترح ان نقوم بتفتيش الجميع بحثاً عن ذلك الجوال، كان الاقتراح منطقياً ومقبولاً وقد وافق عليه صاحب الجوال المفقود لأنه يعلم ان الجوال موجود في احد الجيوب او تحت كرسي احدهم، لأنه يتذكر جيداً أن لا احد غادر المكان بعد آخر مكالمة أجراها من تليفونه لذلك هو متأكد من ان جواله موجود في جيب احدهم او تحت كرسيه، وعندما راجعنا مقولته تأكدنا من صحتها لذا وافق الكثيرون على ذلك الاقتراح. ولكن احد أعضاء الشلة رفض هذا الاقتراح،وأيده آخر في هذا ألرفض ودعمهما ثالث، وعندما ناقشنا الشخص الأول في هذا الرفض، ولماذا يرفض التفتيش، قال: انه يرفض التفتيش لأنه قد يتحول إلىquot; تسريق quot;. لم نفهم ماذا يقصُد لذا طلبنا منه الشرح، فقال: تسريق على وزن quot;تسييسquot;، أي انه لا يريد تسريق المسالة بمعنى تحويلها الى سَرِقة بدليل إننا نرفض quot;تسييس اغتيال الحريريquot;. وعندما قلنا له ان هذان أمران مختلفان، قال: كيف يختلفان والحريري كان رجل دولة، وكان رئيساً لوزرائها، وكان من بناة نهضتها بعد الدمارالذى تتالى عليها، وكان فوق هذا وذاك من الزعماء القلائل في تاريخنا الذين استقالوا من السلطة التي كانت في يدهم، وكان ذلك بسبب الضغط الذي مورس عليه، وعلى الرغم من كل ذلك نُطالب بعدم تسييس محاكمته، وأضاف: إذا كان كل ذلك لم يجعل من الحريري سباسياً،،و اغتياله اغتيالاً سياسياً، وترفضون مع كل ذلك ان تقوم محكمة دولية بحجة عدم التسييس، فهل بعد كل ذلك تريدون ان تدينوا أحدا بسرقة جوال ؟... الحقيقة أقحمنا الرجل ولم نستطع الرد عليه على الرغم من اننا تأكدنا من انه سارق الجوال. وقد تأكدنا أيضا بأن الاثنين اللذان أيداه في مشروعه كانا قد شاركاه في سرقة الجوال. وبهذا الإقحام خفنا من النقاش خوفاً من ان نُتهم بالتسريق على وزن التسييس. ومن هذا عرفنا بأن اغتيال رئيس دولة بواسطة دولة أخرى ليس له علاقة بالسياسة، واستنتجنا من ذلك بأن سارق الجوال ليس له علاقة بسرقة الجوال.

كاتب سوداني