يذكر التاريخ للخليفة عمر بن الخطاب اته قال:
quot; لو ان شاة عثرت على شاطيء الفرات لسئل عنها عمر يوم القيامة quot;
فهل كانت هذه المقولة يوما تذكرة لمن يدعي الاسلام من الحكومات؟ وهل لدى هذه الحكومات احساس بالمسؤولية ازاء الشعوب المقهورة والبائسة؟..
لقد عرف الجميع ما يحصل للسودانيين المسلمين في دار فور، مثلما يعرفون مايحصل للعراقيين من موت ودمار يومي، ومثلما يعرفون مايحصل للفلسطينيين واللبنانيين.. ولم يكن هذا جديداَ على اصحاب السيادات العربية الذين يتجاوزون قهر الشعوب بشتى انواع الخطابات المؤدلجة والوعود والمؤتمرات والاحتفالات وبعض اساليب التخدير التي اعتدناها طوال عمرنا، لكنني اعجب كيف لا تهتز الحكومات العربية من خبر لجوء المسلمين من دار فور الى اسرائيل بحثا عن مكان آمن يجد فيه الانسان حياة له ولاطفاله ولقمة لسد الرمق؟
لقد ضاقت بلدانتا الغاصة بالرعب والموت والهلاك بابنائها فلجؤوا الى اسرائيل التي نلهج ليل نهار بالعداء لها ونتوعدها بالموت..
لماذا يصمت شيوخ الاسلام عن هذا الخبر ولايعترفون بان الانظمة الاسلامية فشلت فشلا ذريعا في قيادة المجتمعات حيث صارت الديكتاتوريات اقسى على المجتمعات من المغتصب والمستعمر؟
ولماذا لا يعترف مفكرو الاسلام بان الوضع في البلدان العربية اليوم هو اسوء مما كان حتى في زمن الاستعمار الذي قسم الدول العربية في معاهدة سايكس بيكو؟
فهل ان وضع الديمقراطية في البلدان العربية اليوم احسن من وضعها زمن هؤلاء المستعمرين؟
وهل ان وضع التعليم والثقافة والخدمات الصحية وسواها من خدمات ضرورية للمجتمع، هو اليوم احسن منه في ذك الزمان؟
لااعتقد ان هناك من يقول بالايجاب لان العرب لم يمروا باوضاع اسوأ ممانراه اليوم بعد انتشار التطرف الاسلامي واسلمة السياسة والعودة بنا الى قوانين وتقاليد العصور العتيقة..
ورغم كل هذا البؤس الذي وصلناه لازال شيوخ الاسلام السياسي يروجون لنظام اسلامي غاسلين ادمغة الشباب بضرورة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وضرورة تطبيق الشرائع القديمة وتقديسها حتى بعد ان اثبتت فشلها الذريع بمواجهة مشاكل الحضارة الحالية .
اي منكر عليهم مواجهته؟ وهل هناك منكر اكثر مما تفعله هذه الحكومات الاسلامية التي تشرد ابناءها وتحاصرهم طاردة بهم نحو معسكر الاعداء كما يقولون؟
عجبا من أمر الحكومة السودانية التي تصر على التزين بلباس الاسلام وترفعه علنا في كل يوم دون النظر لمايجري من مأساة وموت في بقعة وطنية اسلامية لاناقة للابرياء بها ولاجمل فيما يجري من صراعات سياسية لأناس لا يحملون سوى المطامع الشخصية البحتة على حساب الجياع من ابناء السودان..
المؤلم بالامر ان هذا البلد الذي كان يسمى سلة غذاء العرب يموت ابناؤه جوعا وجفافا لا بسبب غضب الطبيعة، كما مر به سابقا انما بسبب حماقة حكومته، مثلما الحال في العراق ولبنان وفلسطين.
فهل يستطيع احد المسؤولين في هذه الدول ان يتنصل من مسوليته بكل الموت والتشرد والقهر اليومي الذي يحصل في هذه البلدان؟
واليوم ونحن نرى ان الشعوب العربية بحال لا تحسد عليها، حيث اصبح السفر الى الغرب والحصول على اقامة هو قمة مايتمناه ملايين العرب، الهاربين اما من الموت بالسلاح او الموت بالسجون او الموت جوعا، ولا أدري لماذا لا زال العرب المسلمون يصرون على ان النظام الاسلامي هو نموذج الانظمة الانسانية، ولم يجب احدهم على سؤال بات يتردد في اذهان كل الناس الا وهو:
لماذا رغم غنى بعض الدول الاسلامية نراها لم تفتح ابوابها الى اي لاجيء مسلم لتغيثه من الموت المحتم وتمنحه حياة تحقق له الكرامة البشرية كما يحصل في دول الغرب المانح اللجوء الانساني والسياسي لملايين البشر من كل بقاع الارض على اختلاف اديانهم وعروقهم والوانهم والذي يشكل العرب والمسلمون نسبة كبيرة منهم تقدر بالملايين.
وقبل ايام قليلة استمعنا لخبر حادث مفزع تناقلته وكالات الانباء وهو انتحار عائلة مصرية مكونة من أب وابنتيه المتخرجتين من الجامعة والعاطلتين عن العمل، اختاروا الموت بسبب من فقرهم وعدم امكانيتهم التواصل مع الحياة مع كل مايلاقونه من بؤس وخذلان.
الا يدفع هذا الوضع الحكومات العربية اولا ان تتوقف وتفكر بتغييرات جذرية لأزمات شعوبها كونهم مسؤولين عن كل ماوصلنا اليه من اوضاع مأساوية؟
ثم الا يدفع هذا الوضع مفكري العرب المتحدثين بالاسلام السياسي خاصة والمطالبين بتطبيق الاسلام في كل مفاصل الحياة الى التوقف عن ما يعتقدونه صحيحا؟
وهل سألوا انفسهم عن مستقبل هذه الشعوب التي تتحول الى جنسيات اخرى وولاءات اخرى، حيث تفرغ بلداننا من اصحاب الفكر والعقول واجيال جديدة جاهزة للبناء والعطاء لتغذي سكان بلدان اللجوء، والاعداد تزيد باطراد مثلما تزداد المشاكل والكوارث السياسية في كل البلدان العربية يوما بعد اخر، وها نحن نرى ان الارهاب بات يترعرع ويتفشى بشكل سريع محاولا افساد كل بناء حضاري ولم تنحصر تأثيراته على عدد من بلداننا بعينها بل هو موجود في جميعها مادام هناك فقر، ومادام هناك تفاوت طبقي بين اناس يعيشون في اكواخ الصفيح وعلى الارصفة غصبا عنهم وآخرين يسكنون الفلل والقصور، مما يمنح شيوخ التطرف حجة لبث سمومهم بعقول الشباب.
فهل تعتقد حكومة الخرطوم و حكومة العراق كما غيرها من الحكومات العربية التي تتستر بالاسلام انها حقا مسلمة؟ وان اعتقدوا ذلك فأين هم من الشعور بالمسؤولية ازاء الخراب الحاصل ببلداننا؟
أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلافتسبب ملاحقة قانونية
التعليقات