رغم وحشية جرائم الطاغية صدام ورغم كل سنوات العذاب والحروب التي عاشها شعب العراق ورغم ان صداما ملأ العراق بالمقابر والسجون الا ان استمرار الموت والدمار في مدن العراق اليوم واستمرار عجز الحاكمين في السيطرة على الاوضاع , جعل الذين يلهجون ليل نهار بتسمية الطاغية شهيدا ليس المنتفعين من حكم صدام فقط,, انما الناس البسطاء الذين ليس لهم علاقة بالسياسة والذين هم مقياس للزمن الصالح او الطالح- اذ يشكلون الصوت الشعبي المحايد وغير المتحزب ndash; ومعهم كل الحق حين يتحسرون على السير بأمان في شوارع العراق, ويتحسرون على ابسط الخدمات التي حرموا منها والمتوفرة حتى بأبعد قصبة من قصبات أغلب دول العالم الثالث مما جعل باولو ليمبو مدير البرنامج في العراق لرويترز ان يصف نوع الحرمان في العراق حين قال:
quot;تواجدت في مناطق صراع على مدى 22 عاما. العراق لا يشبه اي مكان آخر على وجه الأرض.quot;
وأضاف أن الحرب الايرانية العراقية وحرب الخليج في عام 1991 والعقوبات الدولية والفوضى التي أعقبت الغزو الذي قادته الولايات المتحدة قد وجهت سلسلة من الضربات العنيفة للاقتصاد العراقي تسببت في خلق quot;نوع فريد من الحرمانquot;
فهل استطاعت الحكومة العراقية المنتخبة ان تغير نوع الحرمان هذا أم زادته تفردا وغرابة يوما بعد اخر؟
وهل بعد كل ماوصلنا له لازال هناك من يتهمنا بالوقوف مع أعداء الحكومة حينما نقول الحقيقة وننتقد الاخطاء؟
وهل ينظر المسؤولون لمايجري بعين فاحصة ليحصوا الجثث التي تقبر يوميا حتى ليكاد العراق ان يُسمى أرض المقابر بلا منازع؟
من المنتفع من هذا الوضع ومن سيوقف الموت؟
اتمنى على المسؤولين العراقيين التجرد من تحزباتهم لدقيقة واحدة والقاء نظرة محايدة لكل ما يجري , نظرة على الشوارع والمقابر والحيطان والى وجوه الناس التي تموت فيها الحياة يوميا ..
فيا سكان المنطقة الخضراء اينكم لتتعرفوا بدقة وبشكل مباشر عما يدور وترون باعينكم حجم الكارثة الحقيقية..
ارجوكم ان توقفوا التفكير بمصالحكم ومصالح احزابكم لدقيقة واحدة لتروا ما يتعرض له شعبكم المسكين من إبادة منظمة تشترك بها جهات مختلفة , بعضها تعلن عن نفسها وبعضها تتخفى بعيدا ممسكة بالمحرك الذي يعطي اوامر التنفيذ.
هل تقوون على التنصل مما يجري وكيف وبإي نوع من انواع الكلام؟
فان استفسرنا عن سبب عجزكم من اعادة الكهرباء والماء النظيف لعموم العراق في زمن التطور التقني والألكتروني , هل يجب ان نسكت عن عدم تمكنكم من السيطرة على الاوضاع الامنية التي جعلت حياة الناس ارخص من الازبال التي تملأ شوارع العراق؟
وان كنتم حقا لا تملكون السيطرة على المجانين من حملة السلاح وافراد العصابات الدينية وفلول البعث ومجرمي تنظيم القاعدة , فلماذا لا تفكرون بطريقة اسهل لحقن دماء الابرياء؟ خاصة وان في الحكومة من رجال الدين ما يكفي لإصدار فتاوي تؤجل او توقف ممارسة الطقوس ابعادا لشبح الموت الذي يصول ويجول في مدن وقصبات العراق؟
الى متى يغرق الشعب بالطقوس والشعائر التي اصبحت هدفا بحد ذاتها وان كلفت الانسان حياته؟
هاهي المدن المقدسة تحتضن ملايين الزوار بالمناسبات الشيعية التي تزداد باضطراد وتستمر على مدار العام , في ظرف امني عصيب, وهاهي النتائج المروعة من سقوط اعداد كبيرة من الابرياء , الم يكن واجب الحكومة تعميم التحذيرات على الناس ومنع وصولهم الى المراقد حقنا للدماء؟ .
هل نلام الان عندما نتهمكم بالاشتراك بكل هذه الجرائم؟
فالواضح الذي لا يقبل الشك ان ممثلي الاحزاب المساهمة في الحكومة يصمتون عن موت الناس اثناء تأدية طقوسهم ,ولايجرؤون على منعها خوفا من فقدان اصوات هؤلاء المساكين في الانتخابات المقبلة , هؤلاء الذي يتركون امام الخطر مغيبين داخل عقولهم في جنة يوتوبياهم التي تبقيهم بفكر القرون الاولىغافلين عما يجري لهم ولوطنهم من ابادة وتراجع في كل مجالات الحياة.
لماذا لم تفكروا يا سكان المنطقة الخضراء بمنع هؤلاء الزوار من الحضور للعتبات المقدسة رغم علمكم ان هذا يعرضهم للموت في ظروف سياسية مليئة بالعنف والتناحر والارهاب ..

هل هناك من يعترض على قولنا من ان العراق اليوم يمر بمرحلة من اخطر مراحل تاريخه القديم والحديث؟
فقد تجاوز الوضع كل ماكان وصار هولاكو والطاعون والكوليرا وكل من غزانا ووطأ ارضنا أرحم وارفق مما يمر علينا تحت ظل قيادة المحاصصة الطائفية والحزبية؟ ..
فان كان صدام قد أخر المجتمع العراقي الى أبعد من مائة عام بحروبه وديكتاتوريته , وعدم اهتمامه بمعيشة الناس ولا بمتطلباتهم الضرورية لإدامة الحياة, وان كان قد حرمهم ابسط الحقوق في الحرية والانتماء القومي والديني , وحاول ان يكوّن مجتمعا تنبع صورته من عقله المشوه وامراضه النفسية مما تسبب في مشاكل يحصد العراق نتائجها حتى الان وستبقى الى زمن اخر , فان المحاصصة الحزبية وسلوكيات ممثلي الاحزاب وقياداتها , اعادت المجتمع العراقي لسنوات ابعد في القدم والتخلف بسبب من مجاملتها الرخيصة واللامبدئية لطقوس متخلفة وبعيدة عن الدين , وهي بصمتها هذا ساهمت بتجهيل الناس وتعريضهم الى الموت دونما اتخاذ تدابير تمنع الكوارث التي تحصل يوميا . فليس هناك سببا واحدا يمنع الحكومة من تحذير الناس ونشر الوعي بين صفوفهم وتثقيفهم بخطورة التجمع قرب العتبات المقدسة واقناعهم بضرورة ملازمة المنازل في المناسبات حفاظا على سلامتهم لانها تتحمل المسؤولية الاولى عن الموت حيث لا توفر الأمان للناس؟
قد تكون القيادة العراقية لا تدري عما يدور في الشارع العراقي ولا تدري مايقول الناس اذ تسكن هي محاطة باساليب الحماية بعيدا عن التجمعات التي ينفذ بها المجرمون جرائمهم , لكن المنطق لا يعفيها من تقدير الظروف واتخاذ التدابير دفعا للبلاء مثلما لا يوقف كلام الناس ومقارنتهم بين حياتهم زمن الطاغية وحياتهم زمن المحاصصات والمعايير الدينية واشاعة الطقوس والشعائر التي لا تشبع ولا تبني ولا تؤسس الا للجهل والاحباط والتخلف..
Email:[email protected]

أية إعادة نشر من دون ذكر المصدر إيلاف تسبب ملاحقة قانونيه