quot;القرصنة مثل الإرهاب تمثل مرضا في مواجهة الجميع، وعلى الكل الاتحاد لمواجهته quot;. (سعود الفيصل)

ذكرني تشبيه الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، القرصنة بالإرهاب، بما كتبه الدكتورعبدالمنعم سعيد، مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية،عام 2002، في كتابه quot;العالم علي حافة الهاويةquot;. وخلاصته : quot;أن عملية التدمير من الآن فصاعدا لن تعتمد علي الدولة وإنما علي منظمات أو شبكات غير معروفة العنوان أو الهوية أو حتي لها حتي مركز واحد لصناعة القرارrlm;.rlm; لقد قام التنظيم الدوليrlm;،rlm; والعلاقات الدولية كلها علي أساس من أن وحدتها الأساسية هي الدولة التي هي تنظيم اجتماعي يمكن التأثير فيه من خلال عملية الردع التي تبني الدولة من أجله أجهزتها الدفاعية فتشعر الأطراف الأخري ان هناك ثمنا فادحا لمحاولات العدوانrlm;.rlm;
ولكن أحداث الحادي عشر من سبتمبر وماتلاها من أعمال إرهابية لا تشير الي ان العالم يواجه دولة يمكن ردعها أو تخويفها أو التأثير فيها بوسائل شتي للتوفيق والاغراء والضغط في مركز صنع قرارهاrlm;، وانما تجري المواجهة مع شبكات عنكبوتية تدور حول فكرة غير قابلة للألم أو العقاب أو الحرمانrlm;،rlm; وهي مثل وحش خرافي قادم من عصور سحيقة ليست له حدود أو آفاق يمكن اختراقها أو الالتفاف حولهاrlm;،rlm; وهو مايؤكد أننا أمام علاقات جديدة لاتزال في طور الاكتشافrlm;.rlm;
إن تنظيم القاعدةrlm;، وكثيرا من القواعد الأخري للإرهاب بأشكالها المتعددة الأصولية والايديولوجية غير المتقيدة بحدود الدولة ونظمها بل وقابليتها للتأثيرrlm;، بات هو النموذج لطرف جديد في العلاقات الدولية rlm;هذا الطرف الجديد له قواعده الخاصة في العملrlm;,rlm;وهوليس قابلا للردع، بل هو أيضاrlm;، وذلك هو الأخطرrlm;، لا يعرف العلاقة بين سبب ونتائج استخدام سلاح بعينهrlm;quot;.
الجديد في دعوة الأمير سعود الفيصل، انها quot;فاصلةquot;، فالجريمة الدولية المنظمة قبل عام 2008 ليست هي نفسها بعد هذا التاريخ، فقد دخل العالم بالفعل مرحلة ما يعرف بالجريمة العابرة للحدود، بمختلف أشكالها وأساليبها وأنواعها، فهولاء القراصنة يحملون جنسيات مختلفة، إلي جانب الصوماليين، وهم مجهزون على أعلي مستوي من التخطيط والتدريب والقتال والتفاوض أيضا، يستطيعون بسهولة الاستفادة من أى فراغ جيواستراتيجي وأمني ليتمددوا فيه. كما أنهم ليسوا قطاع طرق بالمعني التقليدي والشائع، وإنما هم يعيدون استثمار ما يتم الإستيلاء عليه فى شراء التكنولوجيا فائقة القدرة وأجهزة الإنذار المبكر والرادار والقوارب السريعة والأجهزة الإلكترونية الحديثة، وهواتف الاتصالات عبر الأقمار الصناعية والأسلحة الخفيفة الذكية.
ويكفي ان نعرف أنه في خلال هذا العام فقط، وقع ما يزيد عن 30 سفينة فى أيدى هؤلاء القراصنة، وكان آخرها سفينة الطائرات الأوكرانية منذ شهر، إلا أن أكبر تلك العمليات هى خطف السفينة السعودية quot;سيريوس ستارquot; قبل أيام، وهى تحمل نفطا خاما يقدر بـ100 مليون دولار، إذ تعد هذه هى المرة الأولى التى يتم فيها الاستيلاء على ناقلة نفط كاملة، الأمر الذى يمثل تهديدا خطيرا للتجارة الدولية.
وحسب روجر ميدلتون، الباحث الاستشارى فى البرنامج الأفريقى فى تشاسام هاوس، فى مقاله بصحيفة التايمز البريطانية: quot;فإن التأثير سيكون عالميا وليس إقليميا فقط،، لأن نجاح القراصنة في تغيير مسار الملاحة من خليج عدن وقناة السويس إلي رأس الرجاء الصالح ، سيجعل تسليم السلع من آسيا، والنفط والغاز من الشرق الأوسط إلى الأسواق الأوروبية، يحتاج إلي ثلاثة أسابيع وربما أكثر، مما يتوجب على طرف ما أن يتحمل تكاليف الوقت الإضافى هذا والذى غالبا ما سيكون المستهلك، مضيفا أن هذا التضخم هو احتمال حقيقى بالنسبة للدول الأوروبية والساحل الشرقى من أمريكا.
لقد أصبحت المشكلات والأزمات والتحديات الجديدة في عالم اليوم تتطلب نظاما لا مركزيا عالميا يرتكز علي دوائر أو مستويات أوسع من حدود وقدرات الدولة، حتي لو كانت بحجم الولايات المتحدة، بالنسبة إلى بعض الأمورrlm;، وأضيق من هذه الحدود والقدرات في أمور أخرىrlm;، أو قل ان الدولة أضحت اليوم أصغر كثيرا من أن تقدر علي الأشياء الكبيرة rlm;، وأكبر كثيرا من أن تقدر علي الأشياء الصغيرة، وهو ما يتطلب من المجتمع الدولي ككل التعامل مع جرائم القرصنة كأحد أشكال الإرهاب الدولي الجديد الذي ينبغي الإسراع بمجابهته.

[email protected]